الباحث القرآني
* اللغة:
(رُفاتاً) : الرفات ما بولغ في دقه وتفتيته وهو اسم مفرد لأجزاء ذلك الشيء المفتت، وقال الفراء: هو التراب يؤيده أنه تكرر في القرآن ترابا وعظاما. ويقال رفت الشيء يرفته بالكسر أي كسره والفعال يغلب في التفريق كالحطام والرقاق والفتات. وفي القاموس وتاج العروس: «رفته يرفته ويرفته كسره ودقه وانكسر واندق لازم ومتعد وانقطع كارفتّ ارفتاتا في الكل وكغراب الحطام وكصرد:
التبن والذي يرفت كل شيء أي يكسره» وفي الأساس: «وفي ملاعبهن رفات المسك أي فتاته ويقال لمن عمل ما يتعذر عليه التفصي منه:
الضبع ترفت العظام ولا تعرف قدر استها تأكلها ثم يتعسر عليها خروجها ومن المجاز هو الذي أعاد المكارم وأحيا رفاتها وأنشر أمواتها» .
(فَسَيُنْغِضُونَ) : أي يحركون رءوسهم وفي المختار: نغض رأسه من باب نصر وجلس أي تحرك وأنغض رأسه حرّكه كالمتعجب من الشيء ومنه قوله تعالى: «فسينغضون إليك رؤوسهم» ونغض فلان رأسه أي حرّكه يتعدى ويلزم. وفي اللسان: يقال أنغض رأسه ينغضها أي حركها إلى فوق وإلى أسفل انغاضا فهو منغض وأما نغض ثلاثيا ينغض، وينغض بالفتح والضم فمعنى تحرك لا يتعدى» .
* الإعراب:
(انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا) انظر فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت وكيف اسم استفهام في محل نصب حال وضربوا فعل وفاعل ولك متعلقان بضربوا والأمثال مفعول به فضلوا عطف على ضربوا والفاء حرف عطف ولا نافية ويستطيعون سبيلا فعل وفاعل ومفعول به. (وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً) الواو عاطفة وقالوا فعل وفاعل والهمزة للاستفهام الانكاري واستبعاد ما يتساءلون عنه وإذا ظرف مستقبل متعلق بمحذوف تقديره أنبعث أو نحشر إذا كنا عظاما ورفاتا وقد دل عليه مبعوثون ولا يجوز أن يتعلق به لأن ما بعد ان لا يعمل فيما قبلها وكذا ما بعد الاستفهام لا يعمل فيما قبله وقد اجتمعا هنا والجواب هو الفعل الذي تعلقت به وكنا كان واسمها وعظاما خبرها ورفاتا عطف على عظاما. (أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) الهمزة للاستفهام الانكاري والاستبعاد كما تقدم وان واسمها واللام المزحلقة ومبعوثون خبر ان وخلقا حال أي مخلوقين أو مفعول مطلق من معنى الفعل لا من لفظه أي نبعث بعثا جديدا، وجديدا صفة.
(قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً) جملة كونوا حجارة مقول القول وكان واسمها وحجارة خبرها وأو حرف عطف وحديدا عطف على حجارة والأمر هنا معناه التعجيز مع الاهانة. (أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ) أو حرف عطف وخلقا عطف على حجارة ومما صفة لخلقا وجملة يكبر صلة وفي صدوركم متعلقان بيكبر. (فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) الفاء عاطفة والسين حرف استقبال ويقولون فعل مضارع وفاعل ومن اسم استفهام في محل رفع مبتدأ وجملة يعيدنا خبر وقل فعل أمر والذي فطركم مبتدأ خبره محذوف تقديره يعيدكم أو خبر لمبتدأ محذوف أي هو الذي فطركم وجملة فطركم صلة وأول مرة ظرف متعلق بفطركم. (فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ) الفاء عاطفة والسين للاستقبال وينغضون فعل مضارع وفاعل وإليك متعلقان بينغضون أي يحركون رءوسهم إلى فوق والى أسفل، هزءا وسخرية ورؤوسهم مفعول به ويقولون عطف على ينغضون ومتى اسم استفهام متعلق بمحذوف خبر مقدم وهو مبتدأ مؤخر أي البعث.
(قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً) عسى من أفعال الرجاء واسمها ضمير مستتر تقديره هو وأن وما بعدها في محل نصب خبر عسى واسم يكون مستتر تقديره هو وقريبا خبرها. (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ) في متعلّق هذا الظرف أقوال لا تطمئن إليها النفس لأن أقربها إلى الفهم أن يكون متعلقا باسم كان أي البعث ولكنه ممتنع من الناحية النحوية لأن الضمير لا يعمل فالأولى أن يعرب بدلا من قريبا أو يتعلق بيكون على رأي من يرى التعلق بالأفعال الناقصة، واختار أبو السعود تبعا لأبي البقاء أن يكون ظرفا لا ذكر وهو بعيد عن سياق الموضوع، وجملة يدعوكم مضاف إليها الظرف، فتستجيبون عطف على يدعوكم وبحمده متعلقان بمحذوف حال أي حامدين قال الزمخشري وأحسن: «وهي مبالغة في انقيادهم البعث كقولك لمن تأمره بركوب ما يشق عليه فيتأبى ويتمنع: ستركبه وأنت حامد شاكر» . (وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا) الواو حالية وتظنون فعل مضارع مرفوع وفاعل أي يخيل إليكم لفرط ما تكابدون من الهول والرّوع وإن نافية ولبثتم فعل وفاعل وإلا أداة حصر وقليلا ظرف متعلق بلبثتم أي في الدنيا أي تستقصرون مدة لبثكم في الدنيا وتحسبونها يوما أو بعض يوم فهو نعت لزمان محذوف ويجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف أي لبثا قليلا.
* البلاغة:
في قوله تعالى «قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم» إلى آخر الآية فنان من فنون البلاغة:
1- أولهما فن يسمى التمكين وبعضهم يسميه الارصاد وحقيقته أن يمهد المتكلم لقافيته أو سجعة فقرته تمهيدا تأتي القافية فيه متمكنة في مكانها مستقرة في قرارها غير نافرة ولا قلقة فإن السامع يعلم انه أراد حجارة أو حديدا بجاذب من قلبه ووحي من هاجسه دون أن يسمع بقية الآية ومثل ذلك في الشعر قول أبي الطيب:
يا من يعز علينا أن نفارقهم ... وجداننا كل شيء بعدكم عدم
وللبحتري في علوة الحلبية:
فليس الذي حللته بمحلل ... وليس الذي حرمته بحرام
وقال النابغة الذبياني في القديم:
كالاقحوان غداة غب سمائه ... جفت أعاليه وأسفله ندي
زعم الهمام ولم أذقه بأنه ... يشفى بريّا ريقها العطش الصدي
ومن طريف هذا الفن ما يحكى انه اجتمع السراج الوراق وأبو الحسين الجزار وابن نفيس الشاعر فمر بهم غلام مليح الصورة فقال السراج:
شمائله تدل على اللطافة ... وريقته تنوب عن السّلافة
فقال أبو الحسين الجزار:
وفي وجناته ورد ولكن ... عقارب صدغه منعت قطافه
فقال ابن نفيس:
فلو ولي الخلافة ذو جمال ... لحق له بأن يعطى الخلافة فالقوا في الثلاث متمكنة كما ترى.
2- والفن الثاني في هاتين الآيتين هو التخيير وهو أن يؤتى بقطعة من الكلام أو بيت من الشعر جملة وقد عطف بعضها على بعض بأداة التخيير وان يتضمن صحة التقسيم فيستوعب كلامه أقسام المعنى الذي أخذ المتكلم فيه فانظر إلى التخيير في هاتين الآيتين وصحة التقسيم وحسن الترتيب في الانتقال، على طريق البلاغة، من الأدنى إلى الأعلى حتى بلغ سبحانه النهاية في أوجز إشارة وأعذب عبارة حيث قال بعد الانتقال من الحجارة: «أو حديدا» فانتقل من الحجارة إلى ما هو أصلب منها وأقوى ثم قال بعد ذلك: «أو خلقا مما يكبر في صدوركم» غير حاصر لهم في صنف من الأصناف، وتصوّر أيها القارئ بعد ذلك المعنى كيف يتكامل ويشرق في النفس إشراقا تغرق النفس فيه أي انكم تستعبدون أن يجدد الله خلقكم، ويرده إلى حال الحياة والى رطوبتها وغضاضتها بعد ما كنتم عظاما يابسة وذلك ديدنكم في الإنكار، ودأبكم في العناد، فهبكم لم تكونوا عظاما بل كنتم أقسى منها وأصلب وأبعد عن رطوبة الحياة، هبكم حجارة طبيعتها القساوة والصلابة بل هبكم حديدا وهو أشد أنواع المادة بعدا من الحياة ومنافاة لها بل أترك الأمر لكم لتتصوروا ما هو أقسى وأصلب وأنأى عن قبول الحياة، مما لا يخطر إلا لذوي العناد من أمثالكم فإنه لقادر على أن يردكم إلى الحياة لأن القادر على البدء قادر على الإعادة بل هي أهون عليه بالنسبة لأفهامنا لا إليه تعالى وهذا من بديع الكلام ومعجزه بل هو من النمط الذي استحق أن لا يكون من كلام البشر.
{"ayahs_start":48,"ayahs":["ٱنظُرۡ كَیۡفَ ضَرَبُوا۟ لَكَ ٱلۡأَمۡثَالَ فَضَلُّوا۟ فَلَا یَسۡتَطِیعُونَ سَبِیلࣰا","وَقَالُوۤا۟ أَءِذَا كُنَّا عِظَـٰمࣰا وَرُفَـٰتًا أَءِنَّا لَمَبۡعُوثُونَ خَلۡقࣰا جَدِیدࣰا","۞ قُلۡ كُونُوا۟ حِجَارَةً أَوۡ حَدِیدًا","أَوۡ خَلۡقࣰا مِّمَّا یَكۡبُرُ فِی صُدُورِكُمۡۚ فَسَیَقُولُونَ مَن یُعِیدُنَاۖ قُلِ ٱلَّذِی فَطَرَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةࣲۚ فَسَیُنۡغِضُونَ إِلَیۡكَ رُءُوسَهُمۡ وَیَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَۖ قُلۡ عَسَىٰۤ أَن یَكُونَ قَرِیبࣰا","یَوۡمَ یَدۡعُوكُمۡ فَتَسۡتَجِیبُونَ بِحَمۡدِهِۦ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا قَلِیلࣰا"],"ayah":"۞ قُلۡ كُونُوا۟ حِجَارَةً أَوۡ حَدِیدًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











