الباحث القرآني
* اللغة:
(مِرْيَةٍ) : المرية بكسر الميم وضمها الشك مع ظهور الدلائل للتهمة وهي مأخوذة من مرى ضرع الناقة ليدرّ بعد دروره وامترى في الشيء شك واستمرى اللبن ونحو استخرجه واستدره.
* الإعراب:
(فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ) الفاء استئنافية والجملة مسوقة للدلالة على ما أحدثته القصص السالفة في نفسه صلى الله عليه وسلم من أثر وان عكوف كفار قريش على عبادة أصنامهم ليست من دواعي المثبطات لعزيمته. ولا ناهية وتك فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه السكون المقدرة على النون المحذوفة للتخفيف وقد سبق ذكر خصائص كان، واسمها ضمير مستتر تقديره أنت وفي مرية خبرها ومما صفة وجملة يعبد صلة وهؤلاء فاعل ويجوز أن تكون ما مصدرية (ما يَعْبُدُونَ إِلَّا كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ) ما نافية ويعبدون فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل وإلا أداة حصر والكاف نعت لمصدر محذوف وما يجوز أن تكون موصولة أو مصدرية ومن قبل متعلقان بمحذوف حال. (وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ) الواو عاطفة وان واسمها واللام المزحلقة وموفوهم خبر ان والهاء مضاف اليه ونصيبهم مفعول به وغير منقوص حال مبينة للنصيب الموفى وقيل بل حال مؤكدة لأن التوفية تستلزم عدم نقصان الموفى كاملا كان أو ناقصا فقولك وفيته نصف حقه تستلزم عدم نقصان فما وجه انتصابه حالا عنه والأوجه أن يقال استعملت التوفية بمعنى الإعطاء ومن قال أعطيت فلانا حقه كان جديرا بأن يوكده بقوله غير منقوص.
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ) الواو استئنافية واللام موطئة للقسم وقد حرف تحقيق وآتينا موسى الكتاب: فعل وفاعل ومفعول به، فاختلف: الفاء حرف عطف واختلف فعل ماض مبني للمجهول وفيه سد مسد نائب الفاعل ومعنى في الظرفية أي من شأنه وقيل هي سببية. (وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) الواو عاطفة ولولا حرف امتناع لوجود وكلمة مبتدأ محذوف الخبر وجملة سبقت صفة ومن ربك جار ومجرور متعلقان بسبقت واللام جواب لو وقضي بينهم فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل مستتر والظرف متعلق به أي وقضي الأمر بينهم. (وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) الواو حالية وان واسمها وفي شك خبرها ومنه صفة لشك ومريب صفة ثانية.
(وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ) هذه الآية مشكلة جدا ويزداد الاشكال في قراءتنا وهي تشديد إن وتثقيل لما وقد اعترف المعربون القدامى بعجزهم فقال السمين ما نصه: «هذه الآية الكريمة مما تكلم الناس فيها قديما وحديثا وعسر على أكثرهم تلخيصها قراءة وتخريجا وقد سهل الله تعالى ذلك فذكرت أقاويلهم وما هو الراجح منها» ثم هام في متاهات سحيقة يضيع الطالب فيها وسنتجاوز جريا على عادتنا تلك الاوجه المتشعبة والمسالك المتباينة ونكتفي بقراءتنا وهي قراءة حفص وأبي جعفر وابن عامر وحمزة فنقول: إن واسمها ولمّا ذكروا فيها أوجها أربعة أسهلها وأبعدها عن التكلف ما اختاره الزجاج انها بمعنى إلا كقولهم سألتك لما فعلت بمعنى إلا وهو وجه سهل يزول به كل إشكال لولا أنه يتعارض مع ما قاله الفراء: هذا لا يجوز إلا في التمني كما قال الخليل أو بعد النفي كقوله تعالى «إن كل نفس لما عليها حافظ» ولكنه على ما فيه أسهل من الأوجه الثلاثة الباقية وهي أن تكون بمعنى لمن ما فحذفت الميمات الثلاث واختاره الفراء وأنشد:
وإني لمما أصدر الأمر وجهه ... إذا هو أعيا بالسبيل مصادره
والثاني أن تكون مخففة وشددت للتأكيد واختياره المازني ولكن هذا مردود لانه إنما يجوز تخفيف المشددة عند الضرورة فأما تشديد المخففة فلا يجوز بحال ورابع الأوجه انها مصدر لم من لمت الشيء إذا جمعته إلا أنها بنيت فلم تصرف فكأنه قال وإن كلا جميعا ليوفينهم وفي هذا ما فيه والله أعلم. وليوفينهم اللام جواب للقسم المقدر ويوفينهم فعل مضارع مبني على الفتح والهاء مفعول وربك فاعل والجملة خبر ان وأعمالهم مفعول به ثان (إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) إن واسمها وبما يعملون متعلقان بخبير وخبير خبر ان (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ) الفاء الفصيحة واستقم فعل أمر وكما نعت لمصدر محذوف أي فاستقم استقامة مثل الاستقامة التي أمرت بها على جادة الحق غير منحرف عنها، ومن: الواو عاطفة ومن موصول معطوف على الضمير في استقم وانما جاز العطف عليه من غير تأكيد بالمنفصل لقيام الفاصل مقامه ومعك ظرف متعلق بمحذوف صلة للموصول ويجوز أن يكون مفعولا معه والواو للمعية. (وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) لا ناهية وتطغوا مضارع مجزوم بلا والواو فاعل وان واسمها وبما تعملون خبرها وقد تقدم نظيره.
* البلاغة:
الإيجاز في قوله تعالى «فاستقم» ذلك لأن الاستقامة هي الاستمرار في جهة واحدة وأن لا يعدل يمينا أو شمالا ومعروف أن الخط المستقيم هو أقصر بعد بين نقطتين فأقل انحراف يخرجه عن استقامته واذن فقد انتظم في كلمة الاستقامة جميع مكارم الأخلاق، ومحاسن الأحكام الأصلية والفرعية والكمالات التي ينشدها العارفون والمقربون، والتحلل من ذلك خطير واجتناب التحلل عسير ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث رواه ابن عباس عند ما قال له أصحابه: لقد أسرع فيك الشيب: «شيبتني هود والواقعة وأخواتهما» .
* الفوائد:
ما يقوله أبو حيان:
وقال أبو حيان: «وأما القراءة الثانية فتشديد إن وإعمالها في كل واضح وأما تشديد لما فقال المبرد: هذا لحن لا تقول العرب إن زيدا لما خارج، وهذه جسارة من المبرد على عادته وكيف تكون قراءة متواترة لحنا، وليس تركيب الآية كتركيب المثال الذي قال وهو إن زيدا لما خارج، هذا المثال لحن وأما في الآية فليس لحنا ولو سكت وقال كما قال الكسائي: ما أدري ما وجه هذه القراءة لكان قد وفق وأما غير هذين من النحويين فاختلفوا في تخريجها» .
ثم أورد أبو حيان سيلا من التخريجات وشجبها كلها ومنها الوجه الذي اخترناه وقال أخيرا:
«وهذه كلها تخريجات ضعيفة جدا ينزه عنها القرآن وكنت قد ظهر لي فيها وجه جار على قواعد العربية وهو ان «لما» هذه هي لما الجازمة حذف فعلها المجزوم لدلالة المعنى عليه كما حذفوه في قولهم:
قاربت المدينة ولما يريدون ولما أدخلها وكذلك هنا التقدير: وإن كلا لما ينقص من جزاء عمله، ويدل عليه قوله تعالى: ليوفينهم ربك أعمالهم لما أخبر بانتفاء نقص أجزاء أعمالهم أكده بالقسم فقال ليوفينهم ربك أعمالهم وكنت اعتقدت اني سبقت إلى هذا التخريج السائغ العاري من التكلف وذكرت ذلك لبعض من يقرأ علي فقال: قد ذكر ذلك أبو عمرو ابن الحاجب ولتركي النظر في كلام هذا الرجل لم أقف عليه ثم رأيت في كتاب التحرير نقل هذا التخريج عن ابن الحاجب قال: «لما» هذه هي الجازمة حذف فعلها للدلالة عليه لما ثبت من جواز حذف فعلها في قولهم: خرجت ولما سافرت ولما ونحوه وهو سائغ فصيح فيكون التقدير لما يتركوا لما تقدم من الدلالة عليه من تفصيل المجموعين في قوله: فمنهم شقي وسعيد ثم ذكر الأشقياء والسعداء ومجازاتهم ثم بين ذلك بقوله: ليوفينهم ربك أعمالهم قال: ما أعرف وجها أشبه من هذا وان كانت النفوس تستبعده من جهة أن مثله لم يقع في القرآن» .
{"ayahs_start":109,"ayahs":["فَلَا تَكُ فِی مِرۡیَةࣲ مِّمَّا یَعۡبُدُ هَـٰۤؤُلَاۤءِۚ مَا یَعۡبُدُونَ إِلَّا كَمَا یَعۡبُدُ ءَابَاۤؤُهُم مِّن قَبۡلُۚ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمۡ نَصِیبَهُمۡ غَیۡرَ مَنقُوصࣲ","وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَـٰبَ فَٱخۡتُلِفَ فِیهِۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةࣱ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَقُضِیَ بَیۡنَهُمۡۚ وَإِنَّهُمۡ لَفِی شَكࣲّ مِّنۡهُ مُرِیبࣲ","وَإِنَّ كُلࣰّا لَّمَّا لَیُوَفِّیَنَّهُمۡ رَبُّكَ أَعۡمَـٰلَهُمۡۚ إِنَّهُۥ بِمَا یَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ","فَٱسۡتَقِمۡ كَمَاۤ أُمِرۡتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطۡغَوۡا۟ۚ إِنَّهُۥ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرࣱ"],"ayah":"وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَـٰبَ فَٱخۡتُلِفَ فِیهِۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةࣱ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَقُضِیَ بَیۡنَهُمۡۚ وَإِنَّهُمۡ لَفِی شَكࣲّ مِّنۡهُ مُرِیبࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق