الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ لا أجِدُ في ما أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا﴾، الآيَةَ: ١٤٥. (p-١٢٧)احْتَجَّ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ في إباحَةِ ما عَدا المَذْكُورَ في هَذِهِ الآيَةِ. فَمِنها لُحُومُ الحُمُرِ الأهْلِيَّةِ، رَوى سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ «عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينارٍ قالَ: قُلْتُ لِجابِرِ بْنِ زَيْدٍ: إنَّهم يَزْعُمُونَ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهى عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأهْلِيَّةِ، قالَ: قَدْ كانَ يَقُولُ ذَلِكَ الحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الغِفارِيُّ عِنْدَنا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قالَ: ولَكِنْ أبى ذَلِكَ البَحْرُ يَعْنِي ابْنَ عَبّاسٍ، وقَرَأ: ﴿قُلْ لا أجِدُ في ما أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا﴾ الآيَةَ». وعَنْ عائِشَةَ أنَّها كانَتْ لا تَرى بِلُحُومِ السِّباعِ والدَّمِ يَكُونُ في أعْلى العُرُوقِ بَأْسًا، وقَدْ قَرَأتْ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿قُلْ لا أجِدُ في ما أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا﴾ الآيَةَ. واعْلَمْ أنَّ ظاهِرَ الآيَةِ لا يَمْنَعُ مِن تَحْرِيمِ غَيْرِ المَذْكُورِ، إلّا أنَّهُ لا يَدُلُّ عَلى أنَّهُ لا يَحْرُمُ في الشَّرْعِ الآنَ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ قَدْ تَجَدَّدَ بَعْدَهُ. وقَدْ قِيلَ: ﴿قُلْ لا أجِدُ في ما أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا﴾ مِمّا كُنْتُمْ تَسْتَبِيحُونَهُ وتَتَناوَلُونَهُ ولا تَعُدُّونَهُ مِنَ الخَبائِثِ إلّا هَذِهِ الأُمُورَ، وإلّا فَقَدِ اشْتَمَلَ القُرْآنُ عَلى أشْياءَ مُحَرَّمَةٍ كالمُنْخَنِقَةِ والمَوْقُوذَةِ، واشْتَمَلَ الإجْماعُ عَلى تَحْرِيمِ أشْياءَ كالقاذُوراتِ والخَمْرِ والآدَمِيِّ، والأشْياءِ الَّتِي أوْجَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَتْلَها، وقَدْ شَرَحْنا ذَلِكَ في أُصُولِ الفِقْهِ، إلّا أنَّ ظُهُورَ الآيَةِ لا يَدْفَعُ قَبْلَ بَيانِ التَّأْوِيلِ، وعَلَيْهِ بَنى الشّافِعِيُّ تَحْلِيلَ كُلِّ مَسْكُوتٍ عَنْهُ أخْذًا مِن هَذِهِ الآيَةِ إلّا ما دَلَّ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ. وبِالجُمْلَةِ، الِاتِّفاقُ عَلى تَحْرِيمِ أشْياءَ لا ذِكْرَ لَها في الآيَةِ مَعَ خُصُوصِ السَّبَبِ الَّذِي قالَهُ المُفَسِّرُونَ يُقَوِّي التَّأْوِيلَ ويَجُوزُ قَبُولُ أخْبارِ الآحادِ فِيهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب