الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إلا الَّذِينَ يَصِلُونَ إلى قَوْمٍ بَيْنَكم وبَيْنَهم مِيثاقٌ﴾ الآيَةُ . قالَ أبُو عُبَيْدٍ: يَصِلُونَ يَعْنِي يُنْسَبُونَ إلَيْهِمْ، والِانْتِسابُ يَكُونُ بِالحِلْفِ تارَةً، وبِالرَّحِمِ والوَلاءِ، وجائِزٌ أنْ يَدْخُلَ في عَهْدِهِمْ عَلى حَسَبِ ما كانَ مِن رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بَيْنَهُ وبَيْنَ قُرَيْشٍ في المُوادَعَةِ، فَدَخَلَتْ خُزاعَةُ في عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ، ودَخَلَتْ بَنُو كِنانَةَ في عَهْدِ قُرَيْشٍ ثُمَّ نُسِخَتِ العُقُودُ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ ورَسُولِهِ إلى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ المُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ١] ﴿فَسِيحُوا في الأرْضِ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ﴾ [التوبة: ٢] إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ونُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [التوبة: ١١] . وقالَ: ﴿إلا الَّذِينَ يَصِلُونَ إلى قَوْمٍ بَيْنَكم وبَيْنَهم مِيثاقٌ﴾، أيْ لَكم مِثْلُ ما لَهُمْ، فَإذا عَقَدَ الإمامُ عَقْدَ هُدْنَةٍ مَعَ قَوْمٍ مِنَ الكُفّارِ، فَكُلُّ مَن يَدْخُلُ في خَبَرِهِمْ مِن مَناسِيبِهِمْ بِالحِلْفِ والرَّحِمِ والوَلاءِ، داخِلٌ في عَهْدِهِمْ. نَعَمْ، نُسِخَ العَهْدُ مَعَ المُشْرِكِينَ بِإعْزازِ اللَّهِ الدِّينَ، وأمَرَ المُسْلِمِينَ بِأنْ لا يَقْبَلُوا مِنهم إلّا السَّيْفَ أوِ الإسْلامَ، بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] . (p-٤٧٦)فَنَسَخَ بِهِ الصُّلْحَ والهُدْنَةَ، وتَقْرِيرَهم عَلى الكُفْرِ، وأمَرَ المُسْلِمِينَ بِقِتالِهِمْ، حَتّى يُسْلِمُوا أوْ يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وهم صاغِرُونَ، إنْ كانُوا أهْلَ كِتابٍ، أوِ السَّيْفَ أوِ الإسْلامَ، إنْ لَمْ يَكُونُوا مِن أهْلِ الكِتابِ. فالمَنسُوخُ ذَلِكَ العَهْدُفَإذا دَعَتْ حاجَةُ الزَّمانِ إلى مُهادَنَةِ الكُفّارِ مِن غَيْرِ جِزْيَةٍ يُؤَدُّونَها إلَيْهِ، فَكُلُّ مَنِ انْتَسَبَ إلى المُعاهِدِينَ صارَ مِنهم واشْتَمَلَ الأمانُ عَلَيْهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب