الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمّا تَرَكَ الوالِدانِ والأقْرَبُونَ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿نَصِيبًا مَفْرُوضًا﴾ . لا شَكَّ في كَوْنِهِ مُجْمَلًا في بَيانِ المِقْدارِ، غَيْرَ أنَّ الَّذِينَ لا يَحْجُبُونَ شَخْصًا بِشَخْصٍ في بَعْضِ الأحْوالِ، مِثْلُ الأخِ بِالجَدِّ عِنْدَ قَوْمٍ، والَّذِينَ يُوَرِّثُونَ بِالرَّحِمِ، يَحْتَجُّونَ بِعُمُومِ هَذِهِ الآيَةِ ويَقُولُونَ: إنَّ ما فِيها مِنَ الإجْمالِ في المِقْدارِ، لا يَمْنَعُ الِاحْتِجاجَ بِعُمُومِها، في حَقِّ الأقارِبِ، وهو عِنْدَهم مِثْلُ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿خُذْ مِن أمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ﴾ [التوبة: ١٠٣] . وأنَّهُ يُحْتَجُّ بِهِ في غَيْرِ مَوْضِعِ الإجْمالِ، وهو إبانَةُ أصْلِ الأمْرِ بِحُسْنِ الفِعْلِ، وهَذا بَيِّنٌ. فَيُقالُ في حَقِّ العَمَّةِ مَثَلًا والخالَةِ والخالِ: إنَّ لَهم نَصِيبًا مِمّا تَرَكَ الأقْرَبُونَ، وإنَّهم في هَذا المَعْنى يُقَدَّمُونَ عَلى الأجانِبِ. نَعَمْ ذَكَرَ قَتادَةُ أنَّ الآيَةَ ورَدَتْ عَلى سَبَبٍ، وهو أنَّ أهْلَ الجاهِلِيَّةِ كانُوا يُوَرِّثُونَ الذُّكُورَ دُونَ الإناثِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآيَةَ، وذَلِكَ لا يَمْنَعُ التَّعَلُّقَ بِعُمُومِ الآيَةِ، لِإمْكانِ أنَّهم كانُوا يُوَرِّثُونَ الذُّكُورَ مِن ذَوِي الأرْحامِ وغَيْرِهِمْ مِنَ الأقارِبِ، فَأبْطَلَ اللَّهُ تَعالى ما كانُوا عَلَيْهِ في الجاهِلِيَّةِ، وهَذا مِمّا يَعْتَرِفُونَ بِكَوْنِهِ عامًّا. وفِيهِ دَلالَةٌ عَلى جَعْلِ القَرابَةِ مُطْلَقَةً لِلْمِيراثِ، إلّا أنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهم إلّا النَّصِيبَ المَفْرُوضَ لا المالَ المُطْلَقَ، ولَيْسَ في الآيَةِ ذَلِكَ النَّصِيبُ المَفْرُوضُ. (p-٣٣٤)نَعَمْ في الآيَةِ نَصِيبٌ مُجْمَلٌ لا جَرَمَ يُفْهَمُ مِنهُ أنَّ لَهم نَصِيبًا مُجْمَلًا،
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب