الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أمْوالَكُمُ﴾ الآيَةُ: قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: الآيَةُ مُجْراةٌ عَلى حَقِيقَتِها، والمُرادُ مِنها النَّهْيُ عَنْ دَفْعِ المالِ إلى الصِّبْيانِ والنِّسْوانِ، وتَسْلِيطِهِمْ عَلى مالِ نَفْسِهِ حَتّى يَسْتَنْفِذُوهُ في أسْرَعِ مُدَّةٍ فَيَبْقَوْنَ عالَةً، وهو يَبْقى عائِلًا مُسْتَضْعَفًا. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: السَّفِيهُ مِن ولَدِكَ وعِيالِكَ. وقالَ: المَرْأةُ مِن أسْفَهِ السُّفَهاءِ. وفِيهِ تَنْبِيهٌ عَنِ النَّهْيِ عَنْ تَضْيِيعِ الأمْوالِ. نَعَمْ، الهِبَةُ عَلى الأوْلادِ والنِّسْوانِ جائِزَةٌ، ولَكِنْ لا بِأنْ يَجْعَلَ المالَ في أيْدِيهِمْ، ولَكِنْ بِأنْ يُنَصَّبَ فِيما عَلَيْهِمْ في المَوْهُوبِ مِنهُمْ، وقَدْ نَهى اللَّهُ تَعالى عَنِ التَّبْذِيرِ، ومِنَ التَّبْذِيرِ تَسْلِيمُ المالِ إلى مَن يُنْفِقُهُ في غَيْرِ وجْهِهِ. والأوْلى أنْ يُسَلِّمَ ذَلِكَ إلى نائِبِهِ، أوْ يَكُونَ في يَدِهِ، وهو ولِيُّهُ. وإنَّما حُكْمُهم عَلى هَذا التَّأْوِيلِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أمْوالَكُمُ﴾ وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وارْزُقُوهم فِيها﴾ أيْ مِنها. وقَدْ قِيلَ: مَعْناهُ أمْوالُهُمْ، وفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلى دَفْعِ مالِ السَّفِيهِ إلَيْهِ، فَمَعْناهُ لا تُؤْتُوهم أمْوالَهُمْ، وإنَّما أضافَها إلَيْهِمْ، كَما قالَ: ﴿ولا تَقْتُلُوا (p-٣٢٧)أنْفُسَكُمْ﴾ [النساء: ٢٩] يَعْنِي بَعْضُكم بَعْضًا. وقالَ: ﴿فَإذا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلى أنْفُسِكُمْ﴾ [النور: ٦١] . يُرِيدُ مَن يَكُونُ فِيها، وذَكَرُوا أنَّ هَذا التَّأْوِيلَ أوْلى، فَإنَّ السَّفَهَ صِفَةُ ذَمٍّ، وهَذا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ، فَإنَّ السَّفَهَ في الأصْلِ الخِفَّةُ، ولَيْسَ ذَلِكَ صِفَةَ ذَمٍّ ولا مُفِيدًا لِعِصْيانٍ، والمَعْنَيانِ مُخْتَلِفانِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب