الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكم عَلى بَعْضٍ﴾، الآيَةُ . ورَدَ في تَفْسِيرِهِ عَنْ مُجاهِدٍ «عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قالَتْ: قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، تَغْزُو الرِّجالُ ولا نَغْزُو وتُذْكَرُ الرِّجالُ ولا نُذْكَرُ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿ولا تَتَمَنَّوْا﴾، الآيَةُ». (p-٤٤٣)ونَزَلَ: ﴿إنَّ المُسْلِمِينَ والمُسْلِماتِ﴾ [الأحزاب: ٣٥] . ورَوى قَتادَةُ عَنِ الحَسَنِ: ”لا يَتَمَنّى أحَدٌ المالَ وما يُدْرِيهِ لَعَلَّ هَلاكَهُ في ذَلِكَ المالِ“. وقالَ قَتادَةُ: كانَ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ لا يُوَرِّثُونَ المَرْأةَ شَيْئًا ولا الصَّبِيَّ، فَلَمّا جاءَ الإسْلامُ، وجَعَلَ لِلْمَرْأةِ النِّصْفَ مِن نَصِيبِ الذَّكَرِ، قالَ النِّساءُ: ”لَوْ كانَ أنْصِباؤُنا في المِيراثِ كَأنْصِباءِ الرِّجالِ، وقُلْنَ: إنّا لَنَرْجُو أنْ نُفَضَّلَ عَلَيْهِمْ في الآخِرَةِ“، فَنَزَلَ قَوْلُ اللَّهِ تَعالى: ﴿لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمّا اكْتَسَبُوا ولِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمّا اكْتَسَبْنَ﴾ . فَلِلْمَرْأةِ الجَزاءُ عَلى الحَسَنَةِ عَشْرُ أمْثالِها كَما لِلرِّجالِ. قالَ: ﴿واسْألُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ﴾، ونَهى اللَّهُ أنْ تَتَمَنّى المَرْأةُ ما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهم عَلى بَعْضٍ، لِأنَّ اللَّهَ تَعالى أعْلَمُ بِصالِحِهِمْ مِنهُمْ، فَوَضَعَ القِسْمَةَ مِنهم عَلى التَّفاوُتِ عَلى ما عَلِمَ مِن مَصالِحِهِمْ. وبِالجُمْلَةِ: التَّمَنِّي إذا لَمْ يُفْضِ إلى حَسَدٍ في ابْتِغاءِ زَوالِ نِعْمَةِ الغَيْرِ أوْ تَباغُضٍ، فَلا نَهْيَ عَنْهُ، فَإنَّ الواحِدَ مِنّا يَوَدُّ أنْ يَكُونَ إمامًا وسَيِّدًا في الدِّينِ والدُّنْيا، ولا نَهْيَ عَنْهُ، وإنْ عَلِمَ قَطْعًا أنَّهُ لا يَكُونُ. ووَرَدَ في الخَبَرِ أنَّ الشَّهِيدَ يُقالُ لَهُ: تَمَنَّ، فَيَقُولُ: (p-٤٤٤)أتَمَنّى أنْ أرْجِعَ إلى الدُّنْيا، وأُقْتَلَ في سَبِيلِ اللَّهِ. ورَسُولُ اللَّهِ ﷺ، كانَ يَتَمَنّى إيمانَ أبِي طالِبٍ وأبِي لَهَبٍ وصَنادِيدِ قُرَيْشٍ، مَعَ عِلْمِهِ بِأنَّهُ لا يَكُونُ، وكانَ يَقُولُ: «”واشَوْقاهُ إلى إخْوانِي الَّذِينَ يَجِيئُونَ مِن بَعْدِي يُؤْمِنُونَ بِي ولا يَرَوْنِي“». وذَلِكَ كُلُّهُ يَدُلُّ عَلى أنَّ التَّمَنِّيَ لا يُنْهى عَنْهُ إذا لَمْ يَكُنْ داعِيَةَ الحَسَدِ والتَّباغُضِ، والتَّمَنِّي المَنهِيُّ عَنْهُ في الآيَةِ مِن هَذا القَبِيلِ، ومِنهُ النَّهْيُ عَنِ الخِطْبَةِ عَلى خِطْبَةِ أخِيهِ، لِأنَّهُ داعِيَةُ الحَسَدِ والمَقْتِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب