الباحث القرآني
قَوْلُهُ: ﴿وإذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أنْ يَنْكِحْنَ أزْواجَهُنَّ﴾ .
فَذَكَرَ أصْحابُ الشّافِعِيِّ أنَّ بُلُوغَ الأجَلِ ها هُنا حَقِيقَةُ الِانْفِصالِ.
وقَوْلُهُ: ﴿فَلا تَعْضُلُوهُنَّ﴾ خِطابٌ لِلْأوْلِياءِ، ونَهْيُهم عَنِ الامْتِناعِ مِن تَزْوِيجِها.
وذَكَرَ أصْحابُ أبِي حَنِيفَةَ، أنَّ مَعْنى هَذِهِ الآيَةِ لا يَتَحَقَّقُ عِنْدَكُمْ، فَإنَّ الوَلِيَّ إذا كانَ هو المُزَوِّجَ والمُتَصَرِّفَ فَلا يُقالُ: لا تَمْنَعُوا فُلانًا مِن أنْ يَبِيعَ وأنْتُمُ البائِعُونَ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلى المَرْأةِ النِّكاحُ لَما صَحَّ أنْ يَقُولَ: ”فَلا تَمْنَعُوهُنَّ مِنَ النِّكاحِ أنْ يَنْكِحْنَ“، وهو لا يَمْنَعُها إنَّما يَمْنَعُ نَفْسَهُ.
وقَوْلُهُ: ﴿يَنْكِحْنَ﴾ فِعْلٌ مُضافٌ إلَيْهِنَّ، وإذا نَهاهُ عَنِ البَيْعِ، وجَبَ (p-١٨٥)أنْ لا يَكُونَ لَهُ حَقٌّ بِما نَهى عَنْهُ مِن مَنعِ المَرْأةِ، فَتَقْدِيرُ الكَلامِ: لَيْسَ لِلْوَلِيِّ مَنعُ المَرْأةِ مِنَ النِّكاحِ، إذا تَراضَوْا بَيْنَهم بِالمَعْرُوفِ وهو الكُفُؤُ، وإنَّما نَهى اللَّهُ تَعالى عَنِ العَضْلِ، إذا تَراضَوْا بَيْنَهم بِالمَعْرُوفِ.
ومِمّا اسْتَشْهَدُوا بِهِ أيْضًا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٠] ولَمْ يَذْكُرِ الوَلِيَّ.
والَّذِي ذَكَرَهُ هَؤُلاءِ غَلَطٌ، وذَلِكَ أنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ إنَّما قالَ: ﴿حَتّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٠] .
وقَوْلُهُ: ﴿أنْ يَنْكِحْنَ أزْواجَهُنَّ﴾ بِناءً عَلى العادَةِ الجَمِيلَةِ المَندُوبِ إلَيْها في الشَّرْعِ، وهي تَفْوِيضُهُنَّ النِّكاحَ إلى الأوْلِياءِ، بَعْدَ الرِّضا بِالأزْواجِ، واخْتِيارِهِمْ لا مُباشَرَةُ المَرْأةِ عَقْدَ النِّكاحِ دُونَ الأوْلِياءِ، فَإنَّ ذَلِكَ خَرْمٌ لِلْمُرُوءَةِ، وهَتْكٌ لِلسِّتْرِ، وفَتْحٌ لِأبْوابِ التُّهْمَةِ، وشَناعَةٌ في العُرْفِ.
وذَكَرَ آخَرُونَ أنَّ الآيَةَ بِنَظْمِها، دالَّةٌ عَلى أنَّ الوَلِيَّ غَيْرُ مُرادٍ بِالآيَةِ، فَإنَّهُ قالَ في أوَّلِ الآيَةِ: ﴿وإذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ﴾ .
وقَوْلُهُ: ﴿فَلا تَعْضُلُوهُنَّ﴾ خِطابٌ لِمَن طَلَّقَ، فَمَعْنى ذَلِكَ عَضْلُها عَنِ الأزْواجِ بِتَطْوِيلِ العِدَّةِ عَلَيْها.
وغايَةُ ما يَرِدُ عَلى هَذا: أنَّ ذَلِكَ يُخْرِجُ قَوْلَهُ: ﴿فَإذا بَلَغْنَ أجَلَهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٤] عَنِ البُلُوغِ حَقِيقَةً. (p-١٨٦)والأوَّلُ يُجِيبُ عَنْ هَذا، أنَّ حَمْلَ البُلُوغِ عَلى مُقارَبَةِ البُلُوغِ، لا يُلْحِقُ اللَّفْظَ بِالمُسْتَكْرَهِ والبَعِيدِ في مَجارِي كَلامِ البُلَغاءِ.
أمّا قَوْلُ القائِلِ: ( إذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ ) يا أوْلِياءُ، فَيَقْطَعُ نِظامَ الكَلامِ، ويُضْمِرُ ما لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ بِوَجْهٍ، فَهو رَكِيكٌ مِنَ الكَلامِ، مُسْتَكْرَهٌ في التَّأْوِيلِ.
فَقِيلَ لَهُمْ: إنَّ الَّذِي قُلْتُمُوهُ فَهِمْناهُ مِن قَوْلِهِ قَبْلَ هَذا: ﴿وإذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أجَلَهُنَّ فَأمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ولا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرارًا لِتَعْتَدُوا﴾ [البقرة: ٢٣١] . فَكَيْفَ يُعِيدُ عَيْنَ ذَلِكَ بِلَفْظٍ هو كِنايَةٌ عَنِ القُرْبِ مِن ذِكْرِهِ بِاللَّفْظِ الصَّرِيحِ مِن غَيْرِ فائِدَةٍ، وهَذا بَيِّنٌ جِدًّا.
ويَدُلُّكَ عَلى ذَلِكَ ما رَواهُ شَرِيكٌ عَنْ سِماكٍ، عَنِ ابْنِ أخِي مَعْقِلِ ابْنِ يَسارٍ، عَنْ مَعْقِلٍ، أنَّ أُخْتَ مَعْقِلٍ كانَتْ تَحْتَ رِجْلٍ فَطَلَّقَها، ثُمَّ أرادَ أنْ يُراجِعَها، فَأبى عَلَيْهِ مَعْقِلٌ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.
ورُوِيَ عَنِ الحَسَنِ هَذِهِ القِصَّةُ، وأنَّ الآيَةَ نَزَلَتْ فِيها، وأنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلامُ دَعا مَعْقِلًا وأمَرَهُ بِتَزْوِيجِها إيّاهُ.
وهَذا الحَدِيثُ غَيْرُ ثابِتٍ عَلى مَذْهَبِ أهْلِ النَّقْلِ، لِما في سَنَدِهِ مِنَ الرَّجُلِ المَجْهُولِ الَّذِي يَرْوِي عَنْهُ سِماكٌ، وحَدِيثُ الحَسَنِ مُرْسَلٌ، ولَكِنَّهُ مَشْهُورٌ، والمُرْسَلُ عِنْدَهم حُجَّةٌ.
والقاضِي إسْماعِيلُ بْنُ إسْحاقَ يَرْوِيهِ في أحْكامِ القُرْآنِ عَنِ الحَسَنِ قالَ: ”حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسارٍ الحَدِيثُ.“، ثُمَّ يَقُولُ: ”ثُمَّ تَرَكَها حَتّى انْقَضَتْ عِدَّتُها“ . ويُرْوى ذَلِكَ بِأسانِيدَ شَتّى
{"ayah":"وَإِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَاۤءَ فَبَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ أَن یَنكِحۡنَ أَزۡوَ ٰجَهُنَّ إِذَا تَرَ ٰضَوۡا۟ بَیۡنَهُم بِٱلۡمَعۡرُوفِۗ ذَ ٰلِكَ یُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ مِنكُمۡ یُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِۗ ذَ ٰلِكُمۡ أَزۡكَىٰ لَكُمۡ وَأَطۡهَرُۚ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











