الباحث القرآني
قَوْلُهُ: ﴿الحَجُّ أشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ﴾ .
اخْتَلَفَ النّاسُ في أشْهُرِ الحَجِّ؛ ما هِيَ؟ .فَقالَ ابْنُ عَبّاسٍ وابْنُ عُمَرَ: إنَّها شَوّالٌ وذُو القِعْدَةِ وعَشْرٌ مِن ذِي الحِجَّةِ.
وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أنَّها شَوّالٌ وذُو القِعْدَةِ وذُو الحِجَّةِ.
وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وابْنِ عُمَرَ في رِوايَةٍ أُخْرى مِثْلُهُ، وكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ طاوُسٍ ومُجاهِدٍ(p-١٠٩)وقالَ قائِلُونَ: يَجُوزُ أنْ لا يَكُونَ ذَلِكَ اخْتِلافًا في حَقِيقَةٍ، وأنْ يَكُونَ مُرادُ مَن قالَ: وذُو الحِجَّةِ أنَّهُ بَعْضُهُ، لِأنَّ الحَجَّ لا مَحالَةَ، إنَّما هو في بَعْضِ هَذِهِ الأشْهُرِ لا في جَمِيعِها، لِأنَّهُ لا خِلافَ أنَّهُ لَيْسَ يَبْقى بَعْدَ أيّامِ مِنًى شَيْءٌ مِن مَناسِكِ الحَجِّ، فَأُرِيدَ بَعْضُ الشَّيْءِ يُذْكَرُ جَمِيعُهُ، كَما قالَ ﷺ في أيّامِ مِنًى ثَلاثَةٌ، وإنَّما هي يَوْمانِ وبَعْضُ الثّالِثِ.
ويُقالُ: حَجَجْتُ عامَ كَذا، وإنَّما حَجَّ في بَعْضِهِ، ولَقِيتُ فُلانًا في سَنَةِ كَذا، وإنَّما كانَ لِقاؤُهُ في بَعْضِها، وكَلَّمْتُهُ يَوْمَ الجُمْعَةِ وإنَّما المُرادُ بِهِ البَعْضُهَذا في فِعْلٍ لا يَسْتَغْرِقُ كُلَّ الوَقْتِ.ويَحْتَمِلُ وجْهًا آخَرَ: وهو أنَّ الجاهِلِيَّةَ كانُوا يَنْسَئُونَ الشُّهُورَ، فَيَجْعَلُونَ صَفَرَ المُحَرَّمَ، ويَسْتَحِلُّونَ المُحَرَّمَ عَلى حَسَبِ ما يَتَّفِقُ لَهم مِنَ الأُمُورِ الَّتِي يُرِيدُونَ بِها القِتالَ، فَأبْطَلَ اللَّهُ تَعالى النَّسِيءَ، وأقَرَّ وقْتَ الحَجِّ عَلى ما كانَ عَلَيْهِ ابْتِداؤُهُ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ والأرْضَ، السَّنَةُ اثْنا عَشَرَ شَهْرًا مِنها أرْبَعَةٌ حُرُمٌ: ذُو القِعْدَةِ، وذُو الحِجَّةِ، والمُحَرَّمُ، ورَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمادى وشَعْبانَ، فَقالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿الحَجُّ أشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ﴾، يَعْنِي بِها هَذِهِ الأشْهَرَ، الَّتِي ثَبَتَ وقْتُ الحَجِّ فِيها، دُونَ ما كانَ عَلَيْهِ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ مِن تَبْدِيلِ الشُّهُورِ وتَقْدِيمِ الحَجِّ وتَأْخِيرِهِ، وقَدْ كانَ الحَجُّ عِنْدَهم مُعَلَّقًا بِأشْهُرِ الحَجِّ، الَّتِي هي الأشْهُرُ الحُرُمُ الثَّلاثَةُ الَّتِي يَأْمَنُونَ فِيها صادِرِينَ ووارِدِينَ، فَذَكَرَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الأشْهُرَ، وأخْبَرَ بِاسْتِقْرارِ أمْرِ الحَجِّ فِيها، وحَظَرَ عَلَيْهِمْ تَغْيِيرَها وتَبْدِيلَها إلى غَيْرِها.
ويُحْتَمَلُ أيْضًا أنَّ اللَّهَ تَعالى لَمّا قَدَّمَ ذِكْرَ التَّمَتُّعِ إلى الحَجِّ، ورَخَّصَ فِيهِ وأبْطَلَ بِهِ ما كانَتِ العَرَبُ تَعْتَقِدُهُ مِن حَظْرِ العُمْرَةِ في هَذِهِ الأشْهُرِ، (p-١١٠)قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿الحَجُّ أشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ﴾، فَأفادَ بِذَلِكَ أنَّ الأشْهُرَ الَّتِي يَصِحُّ فِيها التَّمَتُّعُ بِالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ، ويَثْبُتُ حُكْمُهُ فِيها، هي هَذِهِ الأشْهُرُ، وأنَّ مَنِ اعْتَمَرَ في غَيْرِها ثُمَّ حَجَّ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا، ولَمْ يَكُنْ لَهُ حُكْمُ التَّمَتُّعِ.
* * *
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ﴾ أيْ: أوْجَبَهُ عَلى نَفْسِهِ فِيهِ.
وظَنَّ بَعْضُ النّاسِ أنَّهُ لا بُدَّ مِن شَيْءٍ يَصِحُّ القَصْدُ إلَيْهِ، ويَصِحُّ فَرْضُهُ، يَعْنِي: إيجابُهُ، وهو التَّلْبِيَةُ، وهو مَذْهَبُ أبِي حَنِيفَةَ.
والشّافِعِيُّ يَقُولُ: أوْجَبَ فِيهِ عَلى نَفْسِهِ فِعْلَ الحَجِّ، وهو مُنْقَسِمٌ (p-١١٣)إلى كَفِّ النَّفْسِ عَنِ المَحْظُوراتِ، كالصَّوْمِ، وإلى أفْعالٍ تُباشِرُها.قَوْلُهُ: ﴿فَلا رَفَثَ ولا فُسُوقَ﴾ الآيَةُ:
قالَ ابْنُ عُمَرَ: الرَّفَثُ: الجِماعُ.
وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ مِثْلُ ذَلِكَ.
ورُوِيَ عَنْهُ أنَّهُ التَّعْرِيضُ بِالنِّساءِ.
والأصْلُ في الرَّفَثِ الإفْحاشُ في القَوْلِ، وبِالفَرْجِ الجِماعُ، وبِاليَدِ الغَمْزُ لِلْجِماعِ، هَذا أصْلُ اللُّغَةِ.
فَدَلَّتِ الآيَةُ، عَلى النَّهْيِ عَنِ الرَّفَثِ في هَذِهِ الوُجُوهِ كُلِّها، ومِن أجْلِهِ حَرَّمَ العُلَماءُ ما دُونَ الجِماعِ في الإحْرامِ، وأوْجَبُوا في القُبْلَةِ الدَّمَ.
وأمّا الفُسُوقُ فالسِّبابُ، والجِدالُ والمِراءُ، وقِيلَ: هو أنْ تُجادِلَ صاحِبَكَ حَتّى تُغْضِبَهُ، والفُسُوقُ: المَعاصِي، فَدَلَّتِ الآيَةُ عَلى تَحْرِيمِ أشْياءَ لِأجْلِ الإحْرامِ، وعَلى تَأْكِيدِ التَّحْرِيمِ، في أشْياءَ مُحَرَّمَةٍ في غَيْرِ الإحْرامِ، تَعْظِيمًا لِلْإحْرامِ، ومِثْلُهُ قَوْلُهُ:
«”إذا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكم فَلا يَرْفُثْ ولا يَجْهَلْ فَإنْ جُهِلَ عَلَيْهِ (p-١١٤)فَلْيَقُلْ إنِّي امْرُؤٌ صائِمٌ» “ .قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وتَزَوَّدُوا﴾ في هَذا المَقامِ، يُعْطِي التَّزَوُّدَ لِلْحَجِّ حَتّى لا يَتَّكِلُوا عَلى النّاسِ وسُؤالِهِمْ،
{"ayah":"ٱلۡحَجُّ أَشۡهُرࣱ مَّعۡلُومَـٰتࣱۚ فَمَن فَرَضَ فِیهِنَّ ٱلۡحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِی ٱلۡحَجِّۗ وَمَا تَفۡعَلُوا۟ مِنۡ خَیۡرࣲ یَعۡلَمۡهُ ٱللَّهُۗ وَتَزَوَّدُوا۟ فَإِنَّ خَیۡرَ ٱلزَّادِ ٱلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُونِ یَـٰۤأُو۟لِی ٱلۡأَلۡبَـٰبِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











