الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَمَن خافَ مِن مُوصٍ جَنَفًا أوْ إثْمًا فَأصْلَحَ بَيْنَهُمْ﴾ . يُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ مَعْناهُ أنْ يُعْلَمَ مِنَ المُوصِي جَنَفًا أوْ غَيْظًا عَلى بَعْضِ الوَرَثَةِ، وأنَّ ذَلِكَ رُبَّما يَحْمِلُهُ عَنْ زَيِّ المِيراثِ عَنِ الوارِثِ، فَعَلى مَن خافَ ذَلِكَ مِنهُ أنْ يَرُدَّهُ إلى العَدَمِ ويُخَوِّفَهُ عاقِبَةَ الجَوْرِ، ويَدْخُلَ بَيْنَ المُوصى لَهُ والوَرَثَةِ عَلى وجْهِ الإصْلاحِ لِئَلّا يَقْطَعَ عَنْهُ المِيراثَ بِوَصِيَّتِهِ، أوْ يَرْجِعَ عَنْ وصِيَّةٍ كانَتْ مِنهُ إلى غَيْرِ أهْلِها قاصِدًا قَطْعَ المِيراثِ، (p-٦١)وهَذا وإنْ كانَ فِيهِ أجْرٌ عَظِيمٌ ولَكِنَّهُ قَدْ يَظُنُّ الظّانُّ امْتِناعَ جَوازِ ذَلِكَ، ولِذَلِكَ قالَ: ﴿فَلا إثْمَ عَلَيْهِ﴾، وقَدْ وعَدَ بِالثَّوابِ عَلى مِثْلِهِ وغَيْرِهِ، فَقالَ: ﴿لا خَيْرَ في كَثِيرٍ مِن نَجْواهُمْ﴾ [النساء: ١١٤] إلى قَوْلِهِ: ﴿ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ١١٤] .الضَّمِيرُ في قَوْلِهِ: ( بَيْنَهم ) يَجُوزُ أنْ يَكُونَ يَرْجِعُ إلى المُوصى لَهُ والوَرَثَةِ إذا تَنازَعُوا، ويَجُوزُ أنْ يَرْجِعَ إلى المُوصِي والوَرَثَةِ، فَأفادَ بِهَذِهِ الآيَةِ أنَّ عَلى الوَصِيِّ والحاكِمِ والوارِثِ، وكُلِّ مَن وقَفَ عَلى جَوْرٍ في الوَصِيَّةِ مِن جِهَةِ الخَطَإ والعَمْدِ رَدَّها إلى العَدْلِ. ودَلَّ عَلى أنَّ قَوْلَهُ: ﴿بَعْدَما سَمِعَهُ﴾ [البقرة: ١٨١] خاصٌّ في الوَصِيَّةِ العادِلَةِ دُونَ الجائِرَةِ. وفِيها الدَّلالَةُ عَلى جَوازِ اجْتِهادِ الرَّأْيِ، والعَمَلِ عَلى غالِبِ الظَّنِّ، لِأنَّ الخَوْفَ مِنَ المَيْلِ يَكُونُ في غالِبِ ظَنِّ الخائِفِ. وفِيها رُخْصَةٌ في الدُّخُولِ بَيْنَهم عَلى وجْهِ الإصْلاحِ مَعَ ما فِيهِ مِن زِيادَةٍ أوْ نُقْصانٍ عَنِ الحَقِّ بَعْدَ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِتَراضِيهِمْ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب