الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النّاسِ ما ولاهم عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّهِ المَشْرِقُ والمَغْرِبُ يَهْدِي مِنَ يَشاءُ إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ . يَدُلُّ عَلى جَوازِ النَّسْخِ: لِقَوْلِهِ: ﴿ولِلَّهِ المَشْرِقُ والمَغْرِبُ﴾ [البقرة: ١١٥] ومَعْناهُ: أنَّ الجِهاتِ لا تَقْتَضِي التَّوَجُّهَ في الصَّلاةِ إلَيْها لِذَواتِها وإنَّما وُجُودُ التَّوَجُّهِ إلَيْها بِإيجابِ اللَّهِ تَعالى. وقَدْ دَلَّتِ الآيَةُ أيْضًا عَلى جَوازِ نَسْخِ السُّنَّةِ بِالقُرْآنِ، لِأنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلامُ كانَ يُصَلِّي بِمَكَّةَ إلى بَيْتِ المَقْدِسِ -ولَيْسَ في القُرْآنِ ذِكْرُ ذَلِكَ- ثُمَّ نُسِخَ. ومَن يَأْبى ذَلِكَ يَقُولُ: قَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَبّاسٍ أنَّهُ نَسَخَ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿فَأيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وجْهُ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١١٥] . وكانَ التَّوَجُّهُ إلى حَيْثُ كانَ مِنَ الجِهاتِ في مَضْمُونِ الآيَةِ، ثُمَّ نُسِخَ بِالتَّوَجُّهِ إلى الكَعْبَةِ. ولَمّا نُسِخَتِ القِبْلَةُ إلى بَيْتِ المَقْدِسِ وصَلَ الخَبَرُ إلى أهْلِ قُباءٍ في صَلاتِهِمْ، فاسْتَدارُوا، فَفُهِمَ مِنهُ أنَّ الأمَةَ إذا عُتِقَتْ وهي في الصَّلاةِ أنَّها تَأْخُذُ قِناعَها وتَبْنِي، وهَذا أصْلٌ في قَبُولِ خَبَرِ الواحِدِ في أمْرِ الدِّينِ. ويَدُلُّ عَلى جَوازِ ثُبُوتِ نَسْخِ بَقاءِ الحُكْمِ بَعْدَ الأمْرِ الأوَّلِ بِقَوْلِ الواحِدِ، وأنَّ الدَّلِيلَ المُوجِبَ لِلْعِلْمِ بِثُبُوتِ الحُكْمِ غَيْرُ الدَّلِيلِ المُبْقِي، ولِذَلِكَ (p-٢١)صَحَّ ثُبُوتُ النَّسْخِ بِقَوْلِ الواحِدِ. ويُمْكِنُ أنْ يُفْهَمَ مِنهُ أنَّ المُتَيَمِّمَ إذا رَأى الماءَ في خِلالِ الفَلاةِ يَتَوَضَّأُ ويَبْنِي.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب