الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وهَنَ العَظْمُ مِنِّي﴾ الآيَةَ. يَدُلُّ عَلى أنَّهُ يُسْتَحْب لِلْمَرْءِ أنْ يَذْكُرَ في دُعائِهِ نِعَمَ اللَّهِ تَعالى عَلَيْهِ، وما يَلِيقُ بِالخُضُوعِ، لِأنَّ قَوْلَهُ: ﴿وهَنَ العَظْمُ مِنِّي﴾، إظْهارُ لِلْخُضُوعِ، وقَوْلُهُ: ﴿ولَمْ أكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا﴾، إظْهارًا لِعاداتِ تَفَضُّلِهِ في إجابَةِ أدْعِيَتِهِ، ثُمَّ عَقَّبَ ذَلِكَ بِالمَسْألَةِ فَقالَ: * * * ﴿وإنِّي خِفْتُ المَوالِيَ مِن ورائِي وكانَتِ امْرَأتِي عاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَدُنْكَ ولِيًّا﴾ [مريم: ٥] الآيَةَ: يَدُلُّ عَلى أنَّ رَفْعَ الحاجَةِ إلَيْهِ، إنَّما يُسْتَحَبُّ عِنْدَ مَخافَةِ الضَّرَرِ في الدِّينِ، فَإنَّهُ خافَ مِن أقارِبِهِ الفَسادَ والشَّرَّ، فَطَلَبَ مِنَ اللَّهِ تَعالى ولَدًا يَقُومُ بِالدِّينِ بَعْدَهُ، فَيَرِثُهُ النُّبُوَّةَ، ويَرِثُ مِن آلِ يَعْقُوبَ، ولا يَجُوزُ أنْ يَهْتَمَّ بِالدُّعاءِ هَذا الِاهْتِمامَ، ومُرادُهُ أنْ يُورِثَهُ المالَ، فَإنَّ ذَلِكَ مُبايِنٌ لِطَرِيقَةِ الأنْبِياءِ، (p-٢٧٠)ولِأنَّهُ جَمَعَ وِراثَتَهُ إلى وِراثَةِ آلِ يَعْقُوبَ، ومَعْلُومٌ أنَّ ولَدَ زَكَرِيّا لا يَرِثُهم. فَإنْ قِيلَ: كَيْفَ أقْدَمَ عَلى مَسْألَةِ ما يَخْرُقُ العادَةَ مِن غَيْرِ إذْنٍ!؟ الجَوابُ: أنَّ ذَلِكَ جائِزٌ، في زَمانِ الأنْبِياءِ، وفي القُرْآنِ ما كَشَفَ عَنْ هَذا المَعْنى، فَإنَّهُ قالَ تَعالى: ﴿كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيّا المِحْرابَ وجَدَ عِنْدَها رِزْقًا قالَ يا مَرْيَمُ أنّى لَكِ هَذا قالَتْ: هو مِن عِنْدِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٣٧] . فَلَمّا رَأى خارِقَ العادَةِ اسْتَحْكَمَ طَمَعُهُ في إجابَةِ دَعْوَتِهِ، فَقالَ تَعالى: ﴿هُنالِكَ دَعا زَكَرِيّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً﴾ [آل عمران: ٣٨] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب