الباحث القرآني
﴿بَراءَةٌ مِنَ اللهِ ورَسُولِهِ﴾، أي: هذه براءة واصلة من الله ورسوله ﴿إلى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ المُشْرِكِينَ﴾ أي: الله ورسوله برءا من العهد الذي عاهدتم به المشركين، وإن كان صادرًا من رسوله - صلى الله علمِه وسلم - بإذن الله تعالى، يعني وجب نبذه ولا عهد بعد ذلك ﴿فسِيحُوا في الأرْضِ﴾: أيها المشركون، ﴿أرْبَعَةَ أشْهُر﴾، والأصح أنه من يوم النحر إلى عاشر ربيع الآخر، وعند بعضهم أنه إلى سلخ المحرم؛ لأن الآية نزلت في شوال والأكثرون على أن من كان له عهد مؤقت ولم ينقض عهده فأجله إلى مدته مهما كان، ومن له عهد غير مؤقت أو دون أربعة أشهر أو أكثر لكن نقضه فيكمل له أربعة أشهر وقد صحت بهذا الروايات عن على رضي الله عنه -، وفي رواية عن ابن عباس أن من له عهد مؤقت أو غير مؤقت فأجله أربعة أشهر ومن ليس له عهد فأجله انسلاخ الأشهر الحرم فمن يوم النحر إلى انسلاخ المحرم خمسون ليلة ثم السيف حتى يدخلوا في الإسلام، ﴿واعْلَمُوا أنَّكم غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ﴾: لا تفوتونه وإن أمهلكم، ﴿وأنَّ اللهَ مُخْزِي الكافِرِينَ﴾: مذلهم في الدنيا والآخرة، ﴿وأذانٌ﴾ أي: إعلام، عطف على براءة ﴿مِنَ اللهِ ورَسُولِهِ إلى النّاسِ يَوْمَ الحَجِّ الأكْبَرِ﴾: يوم أفضل أيام المناسك وأكبرها جميعًا وهو يوم العيد أو يوم عرفة أو أيام الحج كلها، وعن الحسن البصري رحمه الله: عام، حج فيه أبو بكر - رضي الله عنه - بالاستخلاف، وعن بعضهم: الذي حج فيها النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنه اجتمع فيه حج المسلمين وعيد اليهود والنصارى والمشركين ولم يجتمع قبله ولا بعده وقال بعضهم الحج الأصغر العمرة، ﴿أن الله﴾ أي: بأنه ﴿بَرِيءٌ منَ الُمشْرِكِينَ﴾ أي: من عهودهم، ﴿ورَسُولُهُ﴾ عطف على المستكن في بريء، أو مبتدأ محذوف الخبر، أي: ورسوله كذلك وعند ابن حاجب جاز في مثله أن يكون عطفًا
على محل اسم ”أن“، ﴿فَإنْ تُبْتُمْ﴾: من الكفر والغدر، ﴿فَهُوَ﴾، أي: الرجوع، ﴿خَيْرٌ لَكم وإن تَوَلَّيتمْ﴾: من التوبة، ﴿فاعْلَمُوا أنَّكم غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ﴾: غير فائتين أخذه وعقابه، ﴿وبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ ألِيم﴾، في الآخرة، ﴿إلّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ المُشْرِكِينَ﴾، استثناء من المشركين في قوله ”بريء من المشركين“ فالمستثنى من جميع المشركين من كان أجل عهده فوق أربعة أشهر ولم ينقضوا العهد، فوجب إتمام عهدهم على الأصح، وأما على ما نقلنا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في بعض الروايات فمعناه: أتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم، أي: مدة قدرنا وهي أربعة أشهر لكن في الاستثناء يختل الفصل بأجنبي أو تقديره: فقولوا لهم: سيحوا واعلموا أن الله بريء منهم لكن الذين عاهدتم ولم ينقضوا عهدهم أتموا عهدهم وأمهلوهم بعد أربعة أشهر إلى انقضاء أجلهم، ﴿ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكم شَيْئًا﴾: من شرط العهد، ﴿ولَمْ يُظاهِرُوا﴾: لم يعاونوا ﴿عَلَيْكمْ أحَدًا﴾: من أعدائكم، ﴿فَأتِموا إلَيْهِمْ عَهْدَهمْ إلى﴾، تمام ﴿مُدَّتِهِمْ إنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ﴾، فإتمام العهد من التقوى، ﴿فَإذا انسَلَخَ﴾، انقضى، ﴿الأشْهُرُ الحُرُمُ﴾: الأشهر التي حرمنا فيها قتالهم وأجلناهم فيها وهو أربعة أشهر لغير من كان معاهدته أكثر من أربعة أشهر ولم ينقض عهده وأكثر من أربعة أشهر لهم فإن بني ضمرة وبني كنانة بقي من مدة عهدهم تسعة أشهر وأوله يوم النحر أو يوم نزول الآية وقد نزلت في شوال كما ذكرنا، ﴿فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ﴾: كافة ناكثًا وغير ناكث، وعلى ما نقلنا عن ابن عباس رضي الله عنهما فمعناه: إذا انقضى الأشهر الحرم وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة ومحرم فاقتلوا المشركين الذين لا عهد لهم أصلًا، فعلى هذا أول [صفر] ابتداء جواز المقاتلة مع من ليس له عهد، ﴿حَيْثُ وجَدْتُمُوهُمْ﴾: من حل أو حرم، ﴿وخذوهمْ﴾: ائسروهم، ﴿واحْصُروهُمْ﴾، احبسوهم وضيقوا عليهم، ﴿واقْعُدُوا لَهم كُلَّ مَرْصَدٍ﴾: كل ممر حتى لا يتوسعوا في البلاد، ﴿فَإنْ تابُوا﴾: عن الشرك، ﴿وأقامُوا الصَّلاةَ وآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾: فدعوهم ولا تتعرضوا لهم بشيء، ﴿إنَّ اللهَ غَفورٌ رَّحِيمٌ﴾: يغفر زلاتهم وينعم عليهم.
﴿وإنْ أحَدٌ منَ المشْرِكِينَ﴾: الذين أمرتك بقتلهم ورفع ”أحَدٌ“ بشريطة التفسير، ﴿اسْتَجارَكَ﴾: طلب منك الأمان، ﴿فَأجِرْهُ﴾: أمنه، ﴿حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ﴾، تقرأه عليه وتقيم عليه حجة الله تعالى، ﴿ثُمَّ أبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ﴾، هو مستمر الأمان إلى أن يرجع بلاده، ﴿ذَلِكَ﴾: الأمر بأمنه، ﴿بِأنَّهم قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ﴾: جهلة فلابد من إعطائهم الأمان حتى يسمعوا كلام الله لعلهم يعقلون فيطيعون.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["بَرَاۤءَةࣱ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۤ إِلَى ٱلَّذِینَ عَـٰهَدتُّم مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ","فَسِیحُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرࣲ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّكُمۡ غَیۡرُ مُعۡجِزِی ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُخۡزِی ٱلۡكَـٰفِرِینَ","وَأَذَ ٰنࣱ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۤ إِلَى ٱلنَّاسِ یَوۡمَ ٱلۡحَجِّ ٱلۡأَكۡبَرِ أَنَّ ٱللَّهَ بَرِیۤءࣱ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ وَرَسُولُهُۥۚ فَإِن تُبۡتُمۡ فَهُوَ خَیۡرࣱ لَّكُمۡۖ وَإِن تَوَلَّیۡتُمۡ فَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّكُمۡ غَیۡرُ مُعۡجِزِی ٱللَّهِۗ وَبَشِّرِ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بِعَذَابٍ أَلِیمٍ","إِلَّا ٱلَّذِینَ عَـٰهَدتُّم مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ ثُمَّ لَمۡ یَنقُصُوكُمۡ شَیۡـࣰٔا وَلَمۡ یُظَـٰهِرُوا۟ عَلَیۡكُمۡ أَحَدࣰا فَأَتِمُّوۤا۟ إِلَیۡهِمۡ عَهۡدَهُمۡ إِلَىٰ مُدَّتِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُتَّقِینَ","فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلۡأَشۡهُرُ ٱلۡحُرُمُ فَٱقۡتُلُوا۟ ٱلۡمُشۡرِكِینَ حَیۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡ وَخُذُوهُمۡ وَٱحۡصُرُوهُمۡ وَٱقۡعُدُوا۟ لَهُمۡ كُلَّ مَرۡصَدࣲۚ فَإِن تَابُوا۟ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُا۟ ٱلزَّكَوٰةَ فَخَلُّوا۟ سَبِیلَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ","وَإِنۡ أَحَدࣱ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ ٱسۡتَجَارَكَ فَأَجِرۡهُ حَتَّىٰ یَسۡمَعَ كَلَـٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ أَبۡلِغۡهُ مَأۡمَنَهُۥۚ ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمࣱ لَّا یَعۡلَمُونَ"],"ayah":"فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلۡأَشۡهُرُ ٱلۡحُرُمُ فَٱقۡتُلُوا۟ ٱلۡمُشۡرِكِینَ حَیۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡ وَخُذُوهُمۡ وَٱحۡصُرُوهُمۡ وَٱقۡعُدُوا۟ لَهُمۡ كُلَّ مَرۡصَدࣲۚ فَإِن تَابُوا۟ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُا۟ ٱلزَّكَوٰةَ فَخَلُّوا۟ سَبِیلَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق