الباحث القرآني
﴿واسْألْهُمْ﴾ أي: سل يا محمد هؤلاء اليهود الذين بحضرتك سؤال توبيخ وتقريع ﴿عَنِ القَريةِ﴾ أي: خبر أهلها ﴿التِي كانتْ حاضِرَةَ البَحْرِ﴾ قريبة منه، وهي أيلة بين مدين والطور ﴿إذْ يَعْدُونَ في السَّبْتِ﴾ بدل من اشتمال القرية أو ظرف كانت أو حاضرة، ومعناه يتجاوزون حدود الله يوم السبت ﴿إذ تَأتِيهِمْ حِيتانُهُمْ﴾ ظرف ليعدون أو بدل بعد بدل ﴿يَوْمَ سَبْتِهِمْ﴾ أي: يوم تعظيمهم أمر السبت من سبتت اليهود إذا عظمت سبتها بالتجرد للعبادة ﴿شُرَّعًا﴾ ظاهرة على الماء حال من الحيتان ﴿ويَوْمَ لا يَسْبِتُون﴾ لا يعظمون سبتهم وهو غير يوم السبت ﴿لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ﴾ مثل ذلك الامتحان التام ﴿نَبْلُوهُمْ﴾ نختبرهم بإظهار السمك في اليوم المحرم عليهم صيده، وإخفائها في اليوم المحلل لهم ﴿بِما كانُوا يَفْسُقُونَ﴾ بسبب خروجهم عن طاعة الله تعالى ﴿وإذْ قالَتْ﴾ عطف على إذ يعدون ﴿أُمَّةٌ مِنهُمْ﴾ أي: فرقة من أهل القرية فإنهم ثلاث فرق: فرقة ارتكبوا الخطيئة، وفرقة ناهية، وفرقة سكتوا فما ارتكبوا وما نهوهم، فقالت الفرقة الساكتة للناهية: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهم أوْ مُعَذِّبُهم عَذابًا شَدِيدًا﴾ فإنهم علموا لكثرة عدم نفع الموعظة أنها لا تنفع لا محالة استحقوا سخط الله تعالى ﴿قالُوا﴾ أي: الفرقة الناهية ترهيبًا لهم هذه ﴿مَعْذِرَةً إلى رَبِّكُمْ﴾ حتى لا ننسب إلى تفريط في النهي عن المنكر، ومن قرأ بالنصب فتقديره وعظناهم معذرة ﴿ولَعَلَّهم يَتقُونَ﴾ عن الاصطياد في السبت فلا نيأس من أن تدركهم الرحمة ﴿فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ﴾ تركوا ترك الناسي ﴿أنْجَيْنا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وأخَذْنا الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ خالفوا أمرنا ﴿بِعَذابٍ بَئِيسٍ﴾ شديد ﴿بِما كانُوا يَفْسُقُونَ﴾ بسبب فسقهم والأصح أن الفرقة المرتكبة دون غيرهم صاروا قردة والفرقتين الأخريين نجوا وعند بعضهم أن الفرقة الساكتة أيضًا مسخوا ﴿فَلَمّا عَتَوْا﴾ تكبروا ﴿عَن﴾ ترك ﴿ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ﴾ عن بعض السلف أنّهم سمعوا مناديًا قال: ﴿كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ﴾ ذليلين أو المراد من أمرهم سرعة التكوين وأنهم صاروا كذلك لا حقيقة الأمر والأصح أن المسخ صوري ومعنوي ثم هلكوا بعد ثلاثة أيام ولم يبق منهم نسل، والعذاب البئيس هو المسخ فهذه الآية تقرير وتفصيل للأولى.
﴿وإذْ تَأذَّنَ رَبُّكَ﴾ أعلم أو قال أو أمر وحكم ﴿لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ﴾ على اليهود وأجرى تَأذَّنَ كعلم الله وشهد الله مجرى القسم ولذلك أجيب بقوله ليبعثن ﴿إلى يَوْمِ القيامَةِ مَن يَسُومُهُمْ﴾ يعذبهم ﴿سُوءَ العَذابِ﴾ أي: أوجب الله على نفسه ليسلطن عليهم من يعذبهم بضرب الجزية والإهانة وسبي النساء إلى آخر الدهر ﴿إنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ العِقابِ﴾ لمن أصر على المعصية ﴿وإنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ على من تاب وأناب ﴿وقَطَّعْناهم في الأرْضِ أُمَمًا﴾ فرقناهم في البلاد فلا تجتمع كلمتهم مفعول ثان؛ لأن القطع بمعنى التصيير ﴿مِنهُمُ الصّالِحُونَ﴾ صفة أمم ﴿ومِنهُمْ﴾ ناس ﴿دُونَ ذَلِكَ﴾ منحطون عن الصلاح ﴿وبَلَوناهُمْ﴾ امتحناهم ﴿بِالحَسَناتِ﴾ بالنعم ﴿والسَّيِّئاتِ﴾ بالنقم ﴿لَعَلَّهم يَرْجِعُونَ﴾ عما كانوا فيه ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ﴾ من بعد ذلك الجيل الذي فيهم الصالح والطالح ﴿خَلْفٌ﴾ والخلف بسكون العين البدل السوء ﴿ورِثُوا الكِتابَ﴾ التوراة من أسلافهم ﴿يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذا الأدْنى﴾ أي: حطام هذه الدنيا الحقير كالرشوة في تبديل حكم الله والجملة حال من فاعل ورثوا ﴿ويَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا﴾ الفعل مسند إلى الجار والمجرور ﴿وإنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ﴾ أي: يرجون المغفرة والحال أنّهم مصرون على الذنب عائدون على مثله. عن السدي كان بعضهم يطعن في حكامهم بأخذ الرشوة فإذا جعل مكان حاكمهم من يطعن بأخذ الرشوة هو أيضًا يأخذ فحاصله وإن يأت الآخرين عرض مثله يأخذوه ﴿ألَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الكِتابِ﴾ أي: في التوراة ﴿أنْ لا يَقُولُوا﴾ أي: بأن لا يقولوا أو عطف بيان لميثاق ﴿عَلى اللهِ إلّا الحَقَّ ودَرَسُوا ما فِيهِ﴾ فهم ذاكرون لهذا الميثاق عطف على ﴿ألَمْ يُؤْخَذْ﴾ ﴿والدّارُ الاخِرَةُ خَيْرٌ لِلذِينَ يَتَّقُونَ﴾ المعاصي لا للذين يخالفون أمر الله تعالى فإن مصيرهم إلى النار ﴿أفَلا تَعْقِلُونَ﴾ فيعلموا ذلك ويرتدعوا عما هم فيه ﴿والذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالكتابِ﴾ اعتصموا بكتابهم فآمنوا بمحمد ﷺ ﴿وأقامُوا الصَّلاةَ إنّا لا نُضِيعُ﴾ خبر الذين يمسكون ﴿أجْرَ المُصْلِحِينَ﴾ أي: أجرهم لإصلاحهم ﴿وإذْ نَتَقْنا﴾ رفعنا ﴿الجَبَلَ فَوْقَهم كَأنَّهُ ظُلَّةٌ﴾ الظلة: كل ما أظلك ﴿وظَنُّوا﴾ تيقنوا ﴿أنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ﴾ ساقط عليهم إن خالفوا وقلنا لهم: ﴿خُذُوا ما آتيْناكُم﴾ من الكتاب ﴿بِقُوَّةٍ﴾ بجد واجتهاد في العمل به ﴿واذْكُرُوا ما فِيهِ﴾ فاعملوا به ﴿لَعَلَّكم تَتَّقُونَ﴾ كي تتقوا عن القبائح وذلك أنّهم أبوا قبول أحكام التوراة فرفع الطور فوقهم، وقيل لهم: إن قبلتم وإلا ليقعن عليكم فسجدوا وقبلوا.
{"ayahs_start":163,"ayahs":["وَسۡـَٔلۡهُمۡ عَنِ ٱلۡقَرۡیَةِ ٱلَّتِی كَانَتۡ حَاضِرَةَ ٱلۡبَحۡرِ إِذۡ یَعۡدُونَ فِی ٱلسَّبۡتِ إِذۡ تَأۡتِیهِمۡ حِیتَانُهُمۡ یَوۡمَ سَبۡتِهِمۡ شُرَّعࣰا وَیَوۡمَ لَا یَسۡبِتُونَ لَا تَأۡتِیهِمۡۚ كَذَ ٰلِكَ نَبۡلُوهُم بِمَا كَانُوا۟ یَفۡسُقُونَ","وَإِذۡ قَالَتۡ أُمَّةࣱ مِّنۡهُمۡ لِمَ تَعِظُونَ قَوۡمًا ٱللَّهُ مُهۡلِكُهُمۡ أَوۡ مُعَذِّبُهُمۡ عَذَابࣰا شَدِیدࣰاۖ قَالُوا۟ مَعۡذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَلَعَلَّهُمۡ یَتَّقُونَ","فَلَمَّا نَسُوا۟ مَا ذُكِّرُوا۟ بِهِۦۤ أَنجَیۡنَا ٱلَّذِینَ یَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلسُّوۤءِ وَأَخَذۡنَا ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ بِعَذَابِۭ بَـِٔیسِۭ بِمَا كَانُوا۟ یَفۡسُقُونَ","فَلَمَّا عَتَوۡا۟ عَن مَّا نُهُوا۟ عَنۡهُ قُلۡنَا لَهُمۡ كُونُوا۟ قِرَدَةً خَـٰسِـِٔینَ","وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَیَبۡعَثَنَّ عَلَیۡهِمۡ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ مَن یَسُومُهُمۡ سُوۤءَ ٱلۡعَذَابِۗ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِیعُ ٱلۡعِقَابِ وَإِنَّهُۥ لَغَفُورࣱ رَّحِیمࣱ","وَقَطَّعۡنَـٰهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ أُمَمࣰاۖ مِّنۡهُمُ ٱلصَّـٰلِحُونَ وَمِنۡهُمۡ دُونَ ذَ ٰلِكَۖ وَبَلَوۡنَـٰهُم بِٱلۡحَسَنَـٰتِ وَٱلسَّیِّـَٔاتِ لَعَلَّهُمۡ یَرۡجِعُونَ","فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفࣱ وَرِثُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ یَأۡخُذُونَ عَرَضَ هَـٰذَا ٱلۡأَدۡنَىٰ وَیَقُولُونَ سَیُغۡفَرُ لَنَا وَإِن یَأۡتِهِمۡ عَرَضࣱ مِّثۡلُهُۥ یَأۡخُذُوهُۚ أَلَمۡ یُؤۡخَذۡ عَلَیۡهِم مِّیثَـٰقُ ٱلۡكِتَـٰبِ أَن لَّا یَقُولُوا۟ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّ وَدَرَسُوا۟ مَا فِیهِۗ وَٱلدَّارُ ٱلۡـَٔاخِرَةُ خَیۡرࣱ لِّلَّذِینَ یَتَّقُونَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ","وَٱلَّذِینَ یُمَسِّكُونَ بِٱلۡكِتَـٰبِ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّا لَا نُضِیعُ أَجۡرَ ٱلۡمُصۡلِحِینَ","۞ وَإِذۡ نَتَقۡنَا ٱلۡجَبَلَ فَوۡقَهُمۡ كَأَنَّهُۥ ظُلَّةࣱ وَظَنُّوۤا۟ أَنَّهُۥ وَاقِعُۢ بِهِمۡ خُذُوا۟ مَاۤ ءَاتَیۡنَـٰكُم بِقُوَّةࣲ وَٱذۡكُرُوا۟ مَا فِیهِ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ"],"ayah":"فَلَمَّا عَتَوۡا۟ عَن مَّا نُهُوا۟ عَنۡهُ قُلۡنَا لَهُمۡ كُونُوا۟ قِرَدَةً خَـٰسِـِٔینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق