الباحث القرآني
﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذبُوا بِلِقاءِ اللهِ﴾: بالبعث، وما يتبعه، ﴿حَتّى إذا جاءَتهُمُ السّاعَةُ﴾: غاية لكذبوا، أو من مات فقد قامت قيامته، ﴿بَغْتَةً﴾: فجأة، مفعول مطلق لأنها نوع من المجيء أو حال، ﴿قالُوا يا حَسْرَتَنا﴾: تعالى فهذا أوانك، ﴿عَلى ما فَرَّطْنا﴾: قصرنا، ﴿فِيها﴾: في الدنيا أو في الساعة أي: في شأنها، ﴿وهم يَحْمِلُونَ أوْزارَهُمْ﴾: آثامهم، ﴿عَلى ظُهُورِهِمْ﴾: تمثل ذنوبهم بأقبح صورة منتنة فتركب عليهم وتسوقهم إلى النار، ﴿ألا ساءَ ما يَزِرُون﴾: بئس شيئًا يزرونه وزرهم، ﴿وما الحَياةُ الدُّنيا إلا لَعِبٌ ولَهْوٌ﴾، لأنها تنقضي عن قريب، ولا تعقيب منفعة، ﴿ولَلدّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾: لدوام لذاتها ومسراتها، ﴿أفَلا تَعْقِلُونَ﴾: إنها كذلك، ﴿قَدْ نَعْلَمُ﴾ أي: الشأن، ﴿إنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ﴾: تسلية لرسوله فيما قال الكفار: إنك كذاب، ﴿فَإنَّهمْ لا يُكَذِّبُونَكَ﴾: في نفس الأمر، أو في السر، ﴿ولَكِن الظالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدونَ﴾: لكنهم لظلمهم جحدوا الآيات، وكذبوا بها، نزلت حين قال أبو جهل: لا نكذبك لكن نكذب بما جئت به، أو لما سئل أبو جهل عنه قال: والله إنه لصادق وما كذب قط، لكن إذا ذهب بنو قصي باللواء والسقاية والنبوة فماذا يكون لسائر قريش، ﴿ولَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِن قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وأُوذُوا حَتّى أتاهم نَصْرُنا﴾: بمعونتهم وإهلاك أعدائهم فاصبر أنت أيضًا كما صبروا فسيجيء نصرك، وما مصدرية، ﴿ولا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ﴾: لمواعيده وحكمه، ﴿ولَقَدْ جاءَكَ مِن نَبَإ المُرْسَلِينَ﴾: بعض أخبارهم كيف صبروا، وكيف دمرنا قومهم، ﴿وإنْ كانَ كَبُرَ﴾: عظم وشق، ﴿عَلَيْكَ إعْراضُهُمْ﴾: عن الإيمان، ﴿فَإنِ اسْتَطَعْتَ أنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا﴾: تطلب منفذًا، ﴿في الأرْضِ﴾: تنفذ فيه إلى جوفه، ﴿أوْ سُلَّمًا﴾: مصعدًا، ﴿فِي السَّماءِ﴾: تصعد به إليه، ﴿فَتَأْتِيَهُمْ﴾: من الأرض أو السماء، ﴿بِآيَةٍ﴾، وجواب الشرط الثاني مقدر أي: فافعل، والجملة جواب الأول يعني لا مغير لحكم الله فاصبر، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات، ﴿ولَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهم عَلى الهُدى﴾ أي: لو أراد جمعهم على الهدى لجمعهم وهداهم، ولكن لم يتعلق به مشيئته ﴿فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الجاهِلِينَ﴾: بالحرص على خلاف مرادنا والجزع فإنه دأب الجهلة، ﴿إنَّما يَسْتَجِيبُ﴾ أي: يجيب دعوتكم بالإيمان، ﴿الذِينَ يَسْمَعُونَ﴾، لا من ختم الله على سمعه فلا يتأمل ولا يفهم، ﴿والمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ﴾ أي: الكفار الذين كالموتى لا يسمعون يبعثهم الله فيعلمون حين لا ينفعهم، ﴿ثمَّ إلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾: للجزاء، ﴿وقالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِن رَبِّهِ﴾ كمَلَكٍ يشهد له، وكقولهم: ”حَتّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الأرْضِ يَنْبُوعًا“ [الاسراء: ٩٠] ﴿قُلْ إنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أنْ يُنَزِّلَ آيةً﴾: وفق ما طلبوا ﴿ولَكِنَّ أكْثَرَهم لا يَعْلَمُونَ﴾: أنه قادر على ذلك، وأنه لو أنزل ثم لم يؤمنوا لعاجلهم بالعقوبة كما هو سنة الله، ﴿وما مِن دابَّةٍ في الأرْضِ ولا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ﴾: إتيان الصفة لدابة وطائر لزيادة التعميم، والمبالغة بحيث لا يبقى وهم خروج شيء من الإفراد لكون الوصفين من أوصاف الجنس دون النوع، فيشعر بأن القصد فيها إلى الجنس، ﴿إلّا أُمَمٌ أمْثالُكُمْ﴾: مقدرة أرزاقها وآجالها محفوظة أحوالها أصناف تعرف بأسمائها وجمع الأمم للحمل على المعنى، ﴿ما فَرَّطْنا﴾: ما أهملنا، ﴿فِي الكِتابِ﴾: في اللوح المحفوظ ﴿مِن شَيْءٍ﴾: فإنه مشتمل على ما يري في العالم ومن شيء أي: شيئًا من التفريط، فيكون مصدرًا فإن فرط غير متعد بنفسه، ﴿ثُمَّ إلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾ أي: الأمم كلها، فينصف بعضها عن بعض، ”وإذا الوحوش حشرت“ [التكوير: ٥]، وعن ابن عباس - رضى الله عنهما - موت البهائم حشرها، ﴿والذِينَ كَذبُوا بِآياتِنا صُمٌّ﴾: عن سماع آياته سماع قبول وتأثر، ﴿وبُكْمٌ﴾: لا ينطقون بالحق، ﴿في الظُّلُماتِ﴾، خبر ثالث، أو حال عن المستكن في الخبر ظلمة الكفر، والجهل، والعناد، ﴿مَن يَشَإ اللهُ﴾: إضلاله، ﴿يُضْلِلْهُ﴾: فيميته على الكفر، ﴿ومَن يَشَإ﴾: هدايته، ﴿يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾: فيميته على الإيمان، ﴿قُلْ﴾: يا محمد للكفرة، ﴿أرَأيْتَكُمْ﴾: أخبروني استفهام وتعجب، والكاف لتأكيد الفاعل لا محل له من الإعراب، وهو من وضع السبب موضع المسبب فإنه وضع الاستفهام عن العلم موضع الاستخبار؛ لأنه لا يخبر عن الشيء إلا العالم به، ﴿إنْ أتاكم عَذابُ اللهِ﴾: قبل الموت، ﴿أوْ أتَتْكُمُ السّاعَةُ﴾: القيامة، وأهوالها، ﴿أغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ﴾: في صرف العذاب عنكم، وهو متعلق الاستخبار، ﴿إن كُنتمْ صادِقِينَ﴾ في أن الأصنام آلهة فأخبروني لم لا تعبدون أصنامكم في ذلك الحال؟! ﴿بَلْ إيّاهُ تَدْعُونَ﴾: تخصونه بالدعاء كما قال تعالى: ﴿وإذا غَشِيَهم مَوْجٌ كالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [لقمان: ٣٢] ﴿فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ﴾: الله، ﴿إلَيْهِ﴾: إلى كشفه، ﴿إنْ شاءَ﴾ لكن لم يشأ كشف عذاب الآخرة عنهم، ﴿وتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ﴾ فلا تذكرونه في ذلك الوقت.
{"ayahs_start":31,"ayahs":["قَدۡ خَسِرَ ٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِلِقَاۤءِ ٱللَّهِۖ حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءَتۡهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةࣰ قَالُوا۟ یَـٰحَسۡرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطۡنَا فِیهَا وَهُمۡ یَحۡمِلُونَ أَوۡزَارَهُمۡ عَلَىٰ ظُهُورِهِمۡۚ أَلَا سَاۤءَ مَا یَزِرُونَ","وَمَا ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَاۤ إِلَّا لَعِبࣱ وَلَهۡوࣱۖ وَلَلدَّارُ ٱلۡـَٔاخِرَةُ خَیۡرࣱ لِّلَّذِینَ یَتَّقُونَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ","قَدۡ نَعۡلَمُ إِنَّهُۥ لَیَحۡزُنُكَ ٱلَّذِی یَقُولُونَۖ فَإِنَّهُمۡ لَا یُكَذِّبُونَكَ وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّـٰلِمِینَ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ یَجۡحَدُونَ","وَلَقَدۡ كُذِّبَتۡ رُسُلࣱ مِّن قَبۡلِكَ فَصَبَرُوا۟ عَلَىٰ مَا كُذِّبُوا۟ وَأُوذُوا۟ حَتَّىٰۤ أَتَىٰهُمۡ نَصۡرُنَاۚ وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَـٰتِ ٱللَّهِۚ وَلَقَدۡ جَاۤءَكَ مِن نَّبَإِی۟ ٱلۡمُرۡسَلِینَ","وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَیۡكَ إِعۡرَاضُهُمۡ فَإِنِ ٱسۡتَطَعۡتَ أَن تَبۡتَغِیَ نَفَقࣰا فِی ٱلۡأَرۡضِ أَوۡ سُلَّمࣰا فِی ٱلسَّمَاۤءِ فَتَأۡتِیَهُم بِـَٔایَةࣲۚ وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمۡ عَلَى ٱلۡهُدَىٰۚ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡجَـٰهِلِینَ","۞ إِنَّمَا یَسۡتَجِیبُ ٱلَّذِینَ یَسۡمَعُونَۘ وَٱلۡمَوۡتَىٰ یَبۡعَثُهُمُ ٱللَّهُ ثُمَّ إِلَیۡهِ یُرۡجَعُونَ","وَقَالُوا۟ لَوۡلَا نُزِّلَ عَلَیۡهِ ءَایَةࣱ مِّن رَّبِّهِۦۚ قُلۡ إِنَّ ٱللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰۤ أَن یُنَزِّلَ ءَایَةࣰ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ","وَمَا مِن دَاۤبَّةࣲ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَا طَـٰۤىِٕرࣲ یَطِیرُ بِجَنَاحَیۡهِ إِلَّاۤ أُمَمٌ أَمۡثَالُكُمۚ مَّا فَرَّطۡنَا فِی ٱلۡكِتَـٰبِ مِن شَیۡءࣲۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ یُحۡشَرُونَ","وَٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا صُمࣱّ وَبُكۡمࣱ فِی ٱلظُّلُمَـٰتِۗ مَن یَشَإِ ٱللَّهُ یُضۡلِلۡهُ وَمَن یَشَأۡ یَجۡعَلۡهُ عَلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ","قُلۡ أَرَءَیۡتَكُمۡ إِنۡ أَتَىٰكُمۡ عَذَابُ ٱللَّهِ أَوۡ أَتَتۡكُمُ ٱلسَّاعَةُ أَغَیۡرَ ٱللَّهِ تَدۡعُونَ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ","بَلۡ إِیَّاهُ تَدۡعُونَ فَیَكۡشِفُ مَا تَدۡعُونَ إِلَیۡهِ إِن شَاۤءَ وَتَنسَوۡنَ مَا تُشۡرِكُونَ"],"ayah":"وَمَا ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَاۤ إِلَّا لَعِبࣱ وَلَهۡوࣱۖ وَلَلدَّارُ ٱلۡـَٔاخِرَةُ خَیۡرࣱ لِّلَّذِینَ یَتَّقُونَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق