الباحث القرآني
﴿وهَذا﴾ أي: القرآن، ﴿كِتابٌ أنْزَلْناهُ مُبارَكٌ﴾: كثير النفع، ﴿فاتَّبِعُوهُ واتَّقُوا﴾: مخالفته، ﴿لَعَلَّكم تُرْحَمُون﴾: بواسطة العمل به، ﴿أنْ تَقُولُوا﴾: علة لـ أنزلناه أي: كراهة أن تقولوا، ﴿إنَّما أُنْزِلَ الكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ﴾: اليهود، والنصارى، ﴿مِن قَبْلِنا وإنْ كُنّا﴾ أي: وإنه كنا، ﴿عَنْ دِ راسَتِهِمْ﴾: قراءتهم ﴿لَغافِلِينَ﴾: ما نفهم ما يقولون فإنه ليس بلساننا، ﴿أوْ تَقُولُوا﴾، عطف على ما تقولوا، ﴿لَوْ أنّا أُنْزِلَ عَلَيْنا الكِتابُ لَكُنّا أهْدى مِنهم فَقَدْ جاءَكم بَيِّنَةٌ مِن رَبِّكم وهُدًى ورَحْمَةٌ﴾ أي: إن صدقتم فيما قلتم فقد جاءتكم حجة واضحة فيها بيان الحلال والحرام، ﴿وهُدًى ورَحْمَةٌ﴾: لمن عمل به، ﴿فَمَن أظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللهِ﴾: بعد ما تمكن من معرفته، ﴿وصَدَفَ عَنْها﴾: أعرض أو صدَّ الناس عنها، ﴿سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا سُوءَ العَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ﴾: بسبب إعراضهم أو صدهم، ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ﴾ أهل مكة أي: ما ينتظرون، ﴿إلّا أنْ تَأْتِيَهُمُ المَلائِكَةُ﴾: لقبض أرواحهم، وهم إن كانوا غير منتظرين لذلك لكن لما كان يلحقهم لحوق المنتظر شبهوا بهم، ﴿أوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ﴾: المراد يوم القيامة، ﴿أوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ﴾: كطلوع الشمس من المغرب، ﴿يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ﴾: التي تضطرهم إلى الإيمان، ﴿لا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ﴾ صفة نفسًا، ﴿أوْ كَسَبَتْ في إيمانِها خَيْرًا﴾: عطَف على، آمنت أي: لا ينفع الكافر إيمانه في ذلك الحين ولا الفاسق الذي ما كسب خيرًا في إيمانه وتوبته، فحاصله أنه من باب اللف التقديري أي: لا ينفع نفسًا إيمانها ولا كسبها في الإيمان إن لم تكن آمنت من قبل أو كسبت فيه أي: لا ينفعهم تلهفهم على ترك الإيمان بالكتاب، ولا على ترك العمل بما فيه، ﴿قُلِ انْتَظِرُوا﴾: إتيان أحد هذه الثلاث، ﴿إنّا مُنْتَظِرُونَ﴾: له، وعيد شديد ﴿إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ﴾: اليهود والنصارى أخذوا بعض ما أمروا وتركوا بعضه، أو أهل الشبهات والبدع من هذه الأمة، ﴿وكانُوا شِيَعًا﴾: فرقًا بعضهم يكفر بعضًا، وقد ورد ”ستفترق أمتي على ثلات وسبعين كلها في النار إلا واحدة“، ﴿لَسْتَ مِنهم في شَيْءٍ﴾: لست من عقابهم في شيء، ومن قال: إنه نهي عن التعرض لهم، فعنده الآية منسوخة وإذا كان المراد هذه الأمة فيحتمل أن يكون معناه أنت بريء منهم، ﴿إنَّما أمْرُهم إلى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهم بِما كانُوا يَفْعَلُونَ﴾: بالعقاب، ﴿مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أمْثالِها﴾ أي: عشر حسنات أمثالها فضلًا من الله، وهذا أقل ما وعد لا ينقص منه، ﴿ومَن جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إلّا مِثْلَها﴾ أي: إلا جزاء مثلها لا يضاعف، ﴿وهم لا يُظْلَمُونَ﴾: بنقص الثواب، وزيادة العقاب، ﴿قُلْ إنَّنِي هَدانِي رَبِّي﴾: بالوحي، ﴿إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا﴾ أعني دينًا أو بدل من محل ﴿صراط﴾ إذ معناه وهداني صراطًا: ﴿قِيَمًا﴾، مصدر بمعنى القيام أي: قائمًا ثابتًا لا زوال له كرجل عدل، ﴿مِلَّةَ إبْراهِيمَ﴾، عطف بيان لـ ﴿دينًا﴾ لما في الإضافة من زيادة التوضيح، ﴿حَنِيفًا﴾: مائلًا عن غير الصواب حال عن إبراهيم فإنه بمنزلة الحال من المضاف الذي هو معمول الفعل، ﴿وما كانَ مِنَ المُشْرِكِينَ﴾: كما يقول المشركون، ﴿قُلْ إنَّ صَلاتِي ونُسُكِي﴾: الذبح في الحج والعمرة وقيل: عبادتي [[في الأصل ”عبادة“ والتصويب من تفسير البيضاوي.]] كلها، ﴿ومَحْيايَ ومَماتِي﴾ أي: حياتي وموتي، ﴿لله رَبِّ العالَمِينَ﴾ أي: ملك له، وهو خالقه فأنا خالص في العبادة لا شرك أو ما أنا عليه في حياتي ومماتي من الإيمان والطاعة خالص له، ﴿لا شَرِيكَ لَهُ وبِذَلِكَ﴾: القول والطريق، ﴿أُمِرْتُ وأنا أوَّلُ المُسْلِمِينَ﴾: من هذه الأمة، ﴿قُلْ أغَيْرَ اللهِ أبْغِي رَبًّا﴾ غير الله حال من ربًا والهمزة للإنكار، ﴿وهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ﴾، حال في موقع العلة، ﴿ولا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إلّا عَلَيْها﴾، فإثم الجاني عليه لا على غيره، ﴿ولا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى﴾: لا تؤخذ نفس آثمة بإثم نفس أخرى، وهذا جواب عن دعائهم له إلى عبادة آلهتهم قائلين: ”اتَّبِعُوا سَبِيلَنا ولْنَحْمِلْ خَطاياكم“ [العنكبوت: ١٢]، ﴿ثُمَّ إلى ربَِّكُم مَّرْجِعُكُمْ﴾: يوم القيامة، ﴿فَيُنَبِّئُكُم بما كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ فتعلموا أننا على الحق أو أنتم، ﴿وهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ﴾. يا أمة محمد، ﴿خَلائِفَ الأرْضِ﴾: خلفاء الأمم السالفة، وكل من جاء بعد من مضى فهو خليفة، لأنه يخلفه في الأرض، وقيل: يخلف بعضكم بعضًا أو خلفاء الله في أرضه تتصرفون فيها فالخطاب عام، ﴿ورَفَعَ بَعْضَكم فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ﴾: بالغنى والرزق منصوب على التمييز أو بدل من بعضكم أو بنزع الخافض أي: بدرجات، ﴿لِيَبْلُوَكُمْ﴾: ليختبركم، ﴿فِي ما آتاكُمْ﴾: يمتحن الغني في غناه، ويسأله عن شكره والفقير في فقره ويسأله عن صبره، ﴿إنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ العِقابِ﴾: بمن عصاه، وخالف رسله وكل ما هو آت قريب، ﴿وإنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾: لمن والاه واتبع رسله.
والحمد لله حقَّ حمده ..
{"ayahs_start":155,"ayahs":["وَهَـٰذَا كِتَـٰبٌ أَنزَلۡنَـٰهُ مُبَارَكࣱ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُوا۟ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ","أَن تَقُولُوۤا۟ إِنَّمَاۤ أُنزِلَ ٱلۡكِتَـٰبُ عَلَىٰ طَاۤىِٕفَتَیۡنِ مِن قَبۡلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمۡ لَغَـٰفِلِینَ","أَوۡ تَقُولُوا۟ لَوۡ أَنَّاۤ أُنزِلَ عَلَیۡنَا ٱلۡكِتَـٰبُ لَكُنَّاۤ أَهۡدَىٰ مِنۡهُمۡۚ فَقَدۡ جَاۤءَكُم بَیِّنَةࣱ مِّن رَّبِّكُمۡ وَهُدࣰى وَرَحۡمَةࣱۚ فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ وَصَدَفَ عَنۡهَاۗ سَنَجۡزِی ٱلَّذِینَ یَصۡدِفُونَ عَنۡ ءَایَـٰتِنَا سُوۤءَ ٱلۡعَذَابِ بِمَا كَانُوا۟ یَصۡدِفُونَ","هَلۡ یَنظُرُونَ إِلَّاۤ أَن تَأۡتِیَهُمُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ أَوۡ یَأۡتِیَ رَبُّكَ أَوۡ یَأۡتِیَ بَعۡضُ ءَایَـٰتِ رَبِّكَۗ یَوۡمَ یَأۡتِی بَعۡضُ ءَایَـٰتِ رَبِّكَ لَا یَنفَعُ نَفۡسًا إِیمَـٰنُهَا لَمۡ تَكُنۡ ءَامَنَتۡ مِن قَبۡلُ أَوۡ كَسَبَتۡ فِیۤ إِیمَـٰنِهَا خَیۡرࣰاۗ قُلِ ٱنتَظِرُوۤا۟ إِنَّا مُنتَظِرُونَ","إِنَّ ٱلَّذِینَ فَرَّقُوا۟ دِینَهُمۡ وَكَانُوا۟ شِیَعࣰا لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِی شَیۡءٍۚ إِنَّمَاۤ أَمۡرُهُمۡ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ یُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا۟ یَفۡعَلُونَ","مَن جَاۤءَ بِٱلۡحَسَنَةِ فَلَهُۥ عَشۡرُ أَمۡثَالِهَاۖ وَمَن جَاۤءَ بِٱلسَّیِّئَةِ فَلَا یُجۡزَىٰۤ إِلَّا مِثۡلَهَا وَهُمۡ لَا یُظۡلَمُونَ","قُلۡ إِنَّنِی هَدَىٰنِی رَبِّیۤ إِلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ دِینࣰا قِیَمࣰا مِّلَّةَ إِبۡرَ ٰهِیمَ حَنِیفࣰاۚ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ","قُلۡ إِنَّ صَلَاتِی وَنُسُكِی وَمَحۡیَایَ وَمَمَاتِی لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ","لَا شَرِیكَ لَهُۥۖ وَبِذَ ٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِینَ","قُلۡ أَغَیۡرَ ٱللَّهِ أَبۡغِی رَبࣰّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَیۡءࣲۚ وَلَا تَكۡسِبُ كُلُّ نَفۡسٍ إِلَّا عَلَیۡهَاۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةࣱ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرۡجِعُكُمۡ فَیُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ فِیهِ تَخۡتَلِفُونَ","وَهُوَ ٱلَّذِی جَعَلَكُمۡ خَلَـٰۤىِٕفَ ٱلۡأَرۡضِ وَرَفَعَ بَعۡضَكُمۡ فَوۡقَ بَعۡضࣲ دَرَجَـٰتࣲ لِّیَبۡلُوَكُمۡ فِی مَاۤ ءَاتَىٰكُمۡۗ إِنَّ رَبَّكَ سَرِیعُ ٱلۡعِقَابِ وَإِنَّهُۥ لَغَفُورࣱ رَّحِیمُۢ"],"ayah":"وَهُوَ ٱلَّذِی جَعَلَكُمۡ خَلَـٰۤىِٕفَ ٱلۡأَرۡضِ وَرَفَعَ بَعۡضَكُمۡ فَوۡقَ بَعۡضࣲ دَرَجَـٰتࣲ لِّیَبۡلُوَكُمۡ فِی مَاۤ ءَاتَىٰكُمۡۗ إِنَّ رَبَّكَ سَرِیعُ ٱلۡعِقَابِ وَإِنَّهُۥ لَغَفُورࣱ رَّحِیمُۢ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق