الباحث القرآني
﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكم هُزُوًا ولَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبْلِكم والكُفّارَ أوْلِياءَ﴾ قرئ والكفار بالجر فيكونون داخلين في المستهزئين، وبالنصب عطف على الذين اتخذوا ﴿واتَّقُوا اللهَ﴾ في اتخاذ هؤلاء أولياء ﴿إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ بشرعه ودينه الذي اتخذه هؤلاء هزوًا ﴿وإذا نادَيْتُمْ﴾ الناس ﴿إلى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها﴾ أي: المناداة ﴿هُزُوًا ولَعِبًا﴾ تضاحكوا فيما بينهم يحكونه ويستهزءونه ﴿ذَلِكَ بِأنَّهم قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ﴾ فإن العقل يمنع من الاستهزاء بأمر معقول مشروع ﴿قُلْ يا أهْلَ الكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ﴾: تنكرون وتعيبون ﴿مِنّا إلّا أنْ آمَنّا بِاللهِ وما أُنْزِلَ إلَيْنا وما أُنْزِلَ مِن قَبْلُ﴾ قيل: نزلت في اليهود سألوا رسول الله ﷺ عمن يؤمن به فقال: ”نؤمن بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل“ إلى قوله ”ونحن له مسلمون“ فقالوا لما سمعوا ذكر عيسى والله لا نعلم دينًا شرًا من دينكم ﴿وأنَّ أكْثَرَكم فاسِقُونَ﴾ عطف على ”أن آمنا“ وحاصله: أنكم ما تنكرون منا إلا مخالفتكم حيث دخلنا الإيمان وأنتم خارجون عنه، أو عطف على علة محذوفة تقديره: تنكرون منا الإيمان لقلة إنصافكم وفسقكم ويجوز أن يكون حالًا من فاعل تنقمون ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكم بِشَرٍّ مِن ذَلِكَ﴾: المنقوم ﴿مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ﴾ تمييز عن شر أي جاء ثابتًا عنده، وهو من باب: تحيتهم بينهم ضرب وجيع. فإن المثوبة مختصة بالخير ﴿مَن لَعَنَهُ اللهُ﴾ أي: هو دين من لعنه الله فلا بد من حذف مضاف هنا أو في قوله بشر من ذلك أي: من أهل ذلك ﴿وغَضِبَ عَلَيْهِ وجَعَلَ مِنهُمُ القِرَدَةَ والخَنازِيرَ وعَبَدَ الطّاغُوتَ﴾ عطف على لعنه والطاغوت: العجل أو الكهنة أو الشيطان ﴿أوْلَئكَ شَرٌّ مكانًا﴾ فيه مبالغة ليست في قوله أولئك شر قيل: لأن مكانهم سقر ﴿وأضَل عَن سَواءِ السَّبِيلِ﴾: قصد الطريق المتوسط والمراد من صيغتي التفضيل الزيادة مطلقًا لا بالإضافة إلى المؤمنين ﴿وإذا جاءُوكمْ قالوا آمنّا﴾ يعني منافقي اليهود ﴿وقَد دخَلُوا﴾ حال من ضمير قالوا ﴿بِالكُفْرِ﴾ حال من فاعل دخلوا ﴿وهم قَدْ حرَجُوا بِه﴾ أي: دخلوا كافرين وخرجوا كافرين لم يؤثر فيهم كلامك ﴿واللهُ أعْلَمُ بِما كانوا يَكْتُمُون﴾: من الكفر وفيه وعيد ﴿وتَرى كَثِيرًا مِنهُمْ﴾: من منافقيهم أو من اليهود ﴿يُسارِعُونَ في الإثْمِ﴾: المحارم أو الكذب ﴿والعُدْوانِ﴾: الاعتداء على الناس أو مجاوزة الحد في المعاصي ﴿وأكْلِهِمُ السُّحْتَ﴾: الحرام خُصَّ بالذكر للمبالغة ﴿لَبئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُون﴾: شيئًا عملوه ﴿لَوْلا يَنْهاهمُ الربانِيُّونَ﴾: زهادهم ﴿والأحْبارُ﴾: علماؤهم ﴿عَن قَوْلِهِمُ الإثْمَ﴾: كذبهم وافتراءهم ﴿وأكْلِهِم السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ﴾: من عدم النكير عليهم التحضيض لهم على النهي عن ذلك، فإن لولا إذا دخل على المستقبل أفاد التحضيض ﴿وقالَتِ اليَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَة﴾ مجاز عن البخل أي هو مسك كف الله عنهم نعمة الدنيا حين جحدوا القرآن بعد ما كانوا في خصب ورخاء فقالوا ذلك ﴿غُلَّتْ أيْدِيهِمْ﴾ أي: هم البخلاء أو دعا عليهم بالبخل. قيل: هي من الغل في النار ﴿ولُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ﴾ ليس له بخل أصلًا وله غاية الجود وتثنية اليد تدل عليها، وقيل يداه أي: نعمة الدنيا والآخرة ﴿يُنفقُ كيْفَ يَشاءُ﴾ تأكيد لذلك أي هو مختار يوسع ويقتر بحسب مشيئته وإرادته ﴿ولَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنهم ما أُنْزِلَ﴾ فاعل يزيدن ﴿إلَيْكَ مِن رَبِّكَ طُغْيانًا وكُفْرًا﴾: كلما نزلت آية كفروا وازدادوا طغيانًا وكفرًا ﴿وألْقَيْنا بَيْنَهُمُ﴾: بين طوائف اليهود ﴿العَداوَةَ والبَغْضاءَ إلى يَوْمِ القِيامَةِ﴾ فلا يتفق
كلمتهم ﴿كُلَّما أوْقَدُوا نارًا لِلْحَرْبِ﴾: مع المسلمين ﴿أطْفَأها اللهُ﴾ بأن أوقع بينهم منازعة كف بها شرهم ﴿ويَسْعَوْنَ في الأرْضِ فَسادًا﴾: للفساد أو يسعون بمعنى يفسدون ﴿واللهُ لا يُحِبُّ المُفْسِدِينَ﴾: لا يرضى عنهم ولا يعزّهم ﴿ولَوْ أنَّ أهْلَ الكِتابِ﴾ مع هذه الجرائم ﴿آمَنُوا﴾: بالقرآن ﴿واتَّقَوْا﴾: معاصيهم ﴿لَكَفرْنا عَنْهم َ سَيًّئاتِهِمْ﴾: الماضية ﴿ولأدْخَلْناهم جَنّاتِ النَّعِيمِ ولَوْ أنَّهم أقامُوا التَّوْراةَ والإنْجِيلَ﴾: بأن يصدقوا ولا يحرفوا ويعملوا بالأحكام ﴿وما أنزِلَ إلَيْهِم مِّن ربهِمْ﴾ أى: القرآن أو كتب الأنبياء مطلقًا ﴿لأكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ ومِن تَحْتِ أرْجُلِهِم﴾: لأنزل عليهم المطر وأخرج لهم نبات الأرض، أو من الأشجار والزروع أو من غير كَدٍّ وتعب قيل أراد به التوسعة كقولهم: فلان بالخير من قرنه إلى قدمه ﴿مِنهم أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ﴾: جماعة غير غالية ولا مقصرة كمؤمني أهل الكِتاب ﴿وكَثِيرٌ مِنهُمْ﴾: مقول في شأنه ﴿ساءَ ما يَعْمَلُون﴾: بئس ما يعملونه، وفيه معنى التعجب أي ما أسوأ عملهم.
{"ayahs_start":57,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلَّذِینَ ٱتَّخَذُوا۟ دِینَكُمۡ هُزُوࣰا وَلَعِبࣰا مِّنَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَٱلۡكُفَّارَ أَوۡلِیَاۤءَۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ","وَإِذَا نَادَیۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُوࣰا وَلَعِبࣰاۚ ذَ ٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمࣱ لَّا یَعۡقِلُونَ","قُلۡ یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ هَلۡ تَنقِمُونَ مِنَّاۤ إِلَّاۤ أَنۡ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡنَا وَمَاۤ أُنزِلَ مِن قَبۡلُ وَأَنَّ أَكۡثَرَكُمۡ فَـٰسِقُونَ","قُلۡ هَلۡ أُنَبِّئُكُم بِشَرࣲّ مِّن ذَ ٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللَّهِۚ مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَیۡهِ وَجَعَلَ مِنۡهُمُ ٱلۡقِرَدَةَ وَٱلۡخَنَازِیرَ وَعَبَدَ ٱلطَّـٰغُوتَۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ شَرࣱّ مَّكَانࣰا وَأَضَلُّ عَن سَوَاۤءِ ٱلسَّبِیلِ","وَإِذَا جَاۤءُوكُمۡ قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا وَقَد دَّخَلُوا۟ بِٱلۡكُفۡرِ وَهُمۡ قَدۡ خَرَجُوا۟ بِهِۦۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا كَانُوا۟ یَكۡتُمُونَ","وَتَرَىٰ كَثِیرࣰا مِّنۡهُمۡ یُسَـٰرِعُونَ فِی ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَ ٰنِ وَأَكۡلِهِمُ ٱلسُّحۡتَۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ","لَوۡلَا یَنۡهَىٰهُمُ ٱلرَّبَّـٰنِیُّونَ وَٱلۡأَحۡبَارُ عَن قَوۡلِهِمُ ٱلۡإِثۡمَ وَأَكۡلِهِمُ ٱلسُّحۡتَۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُوا۟ یَصۡنَعُونَ","وَقَالَتِ ٱلۡیَهُودُ یَدُ ٱللَّهِ مَغۡلُولَةٌۚ غُلَّتۡ أَیۡدِیهِمۡ وَلُعِنُوا۟ بِمَا قَالُوا۟ۘ بَلۡ یَدَاهُ مَبۡسُوطَتَانِ یُنفِقُ كَیۡفَ یَشَاۤءُۚ وَلَیَزِیدَنَّ كَثِیرࣰا مِّنۡهُم مَّاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَ طُغۡیَـٰنࣰا وَكُفۡرࣰاۚ وَأَلۡقَیۡنَا بَیۡنَهُمُ ٱلۡعَدَ ٰوَةَ وَٱلۡبَغۡضَاۤءَ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِۚ كُلَّمَاۤ أَوۡقَدُوا۟ نَارࣰا لِّلۡحَرۡبِ أَطۡفَأَهَا ٱللَّهُۚ وَیَسۡعَوۡنَ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَسَادࣰاۚ وَٱللَّهُ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِینَ","وَلَوۡ أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ ءَامَنُوا۟ وَٱتَّقَوۡا۟ لَكَفَّرۡنَا عَنۡهُمۡ سَیِّـَٔاتِهِمۡ وَلَأَدۡخَلۡنَـٰهُمۡ جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِیمِ","وَلَوۡ أَنَّهُمۡ أَقَامُوا۟ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِیلَ وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡهِم مِّن رَّبِّهِمۡ لَأَكَلُوا۟ مِن فَوۡقِهِمۡ وَمِن تَحۡتِ أَرۡجُلِهِمۚ مِّنۡهُمۡ أُمَّةࣱ مُّقۡتَصِدَةࣱۖ وَكَثِیرࣱ مِّنۡهُمۡ سَاۤءَ مَا یَعۡمَلُونَ"],"ayah":"لَوۡلَا یَنۡهَىٰهُمُ ٱلرَّبَّـٰنِیُّونَ وَٱلۡأَحۡبَارُ عَن قَوۡلِهِمُ ٱلۡإِثۡمَ وَأَكۡلِهِمُ ٱلسُّحۡتَۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُوا۟ یَصۡنَعُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق