الباحث القرآني
﴿ألَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أنَّهم آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إلَيْكَ وما أُنْزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أنْ يَتَحاكَمُوا إلى الطّاغُوتِ﴾ الطاغوت ههنا ما سوى كتاب الله وسنة رسوله من الباطل، نزلت في يهودي ومنافق اختصما فقال اليهودي: بيني وبينك محمد، وقال المنافق بيننا كعب بن الأشرف، أو في جماعة من المنافقين أرادوا أن يتحاكموا إلى حكام الجاهلية ﴿وقَدْ أُمِرُوا أن يَكْفُرُوا بِهِ﴾ بالطاغوت ﴿ويُرِيدُ الشَّيْطانُ أنْ يُضِلَّهم ضَلالًا بَعِيدًا﴾ لا يمكن لهم الرجوع إلى الحق أبدًا. ﴿وإذا قِيلَ لَهم تَعالَوْا إلى ما أنْزَلَ اللهُ وإلى الرَّسُولِ رَأيْتَ المُنافِقِينَ﴾ حال كونهم ﴿يَصُدُّونَ﴾ يعرضون ﴿عَنْكَ صُدُودًا فَكَيْفَ﴾ يكون حالهم ﴿إذا أصابَتْهم مُصِيبَةٌ﴾ احتاجوا إليك في دفعها ﴿بِما قَدَّمَتْ أيْدِيهِمْ﴾ بسبب شؤم ذنوهم ﴿ثُمَّ جاءوكَ﴾ حين يصابون للعذر، عطف على إصابتهم ﴿يَحْلِفُونَ﴾ حال ﴿بِاللهِ إنْ أرَدْنا﴾ ما أردنا من تحاكمنا إلى غيرك ﴿إلّا إحْسانًا وتَوْفِيقًا﴾ مداراة ومصانعة لا اعتقادًا منا تلك الحكومة، أو إحسانًا لخصومنا وتوفيقًا بين الخصمين لا مخالفتك، وبعضهم على أن الكلام تم عند قوله: ”بما قدمت أيديهم“ و ”ثم جاؤك“ عطف على ”يصدون“ وما بينهما اعتراض ﴿أُولئِكَ الّذِينَ يَعْلمُ اللهُ ما في قُلُوبِهِمْ﴾ من النفاق ﴿فَأعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ فلا تعنفهم ﴿وعِظْهُم﴾ وانصحهم بلسانك ﴿وقُل لهم في أنفُسِهِمْ﴾ سرًّا ليس معهم غيرهم ﴿قَوْلًا بَلِيغًا﴾ وقيل: في أنفسهم متعلق بليغًا أي: قل لهم قولًا بليغًا في أنفسهم مؤثرًا في قلوبهم ﴿وما أرْسَلْنا مِن رَسُولٍ إلّا لِيُطاعَ﴾ فيما حكم لا ليطلب الحكم من غيره ﴿بِإذْنِ اللهِ﴾ بسبب إذن الله في طاعته، فالإذن بمعنى الأمر والرضا، أو بتيسير الله وتوفيقه في طاعته، فالإذن بمعنى التوفيق ﴿ولَوْ أنَّهم إذْ ظَلَمُوا أنْفُسَهُمْ﴾ بمثل التحاكم إلى غيرك ﴿جاءُوكَ﴾ خبر إن، وإذ ظلموا متعلق به ﴿فاسْتَغْفَرُوا اللهَ﴾ بالإخلاص ﴿واسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ﴾ عدل عن الخطاب تعظيمًا لشأن الرسول عليه الصلاة والسلام ﴿لَوَجَدُوا اللهَ﴾ صادفوه حال كونه ﴿تَوّابًا رحِيمًا﴾ أو لعلموه قابلًا لتوبتهم ﴿فَلاَ وربكَ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ لا مزيدة لتأكيد القسم، أو معناه: فليس الأمر كما يزعمون أنّهم آمنوا وهم يخالفون حكمك ﴿حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ﴾ اختلف واختلط ﴿بَيْنَهم ثُمَّ لا يَجِدُوا في أنْفُسِهِمْ حَرَجًا﴾ ضيقًا أو شكًّا ﴿مِمّا قَضَيْتَ ويُسَلِّمُوا﴾ إنقادوا لأمر رسوله ﴿تَسْلِيمًا﴾ نزلت حين خاصم الزيير رجلًا فقضى رسول الله ﷺ للزبير فقال الرجل: قضى له لأنه ابن عمته، أو اختصم رجلان فقضى بينهما رسول الله ﷺ فقال الذي قضى عليه: ردنا إلى عمر بن الخطاب فلما أتيا إليه قالا: قضى لنا رسول الله صلى الله عيه وسلم ثم جئنا إليك لتقضي بيننا، فقال عمر: مكانكما فخرج بالسيف وقتل من لم يرض بحكم رسول الله فقال رسول الله ﷺ: ما كنت أظن أن يجترئ عمر على قتل مؤمن " ﴿ولَوْ أنّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أنِ اقْتُلُوا أنْفُسَكُمْ﴾ كما كتبنا على بني إسرائيل، وأن مصدرية ﴿أوِ اخْرُجُوا مِن دِيارِكُمْ﴾ كما أمرناهم من ديار مصر ﴿ما فَعَلوهُ﴾ أي: المكتوب، أو الضمير لمصدر أحد الفعلين ﴿إلّا قَلِيلٌ مِنهُمْ﴾ وهم المخلصون، نزلت حين افتخر صحابي ويهودي فقال اليهودي: لقد كتب الله علينا القتل فقتلنا أنفسنا، فقال الصحابي: لو كتب الله علينا لقتلنا ﴿ولَوْ أنَّهم فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ﴾ من مطاوعة النبي ومتابعته طوعًا ﴿لَكانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾ في الدارين ﴿وأشَدَّ تَثْبِيتًا﴾ لإيمانهم وتصديقهم ﴿وإذًا لَآتَيْناهم مِن لَدُنّا أجْرًا عَظِيمًا﴾ كأنه قيل: ما يكون لهم بعد التثبيت، فقال: وإذًا والله لآتيناهم فإن إذا جواب وجزاء ﴿ولَهَدَيْناهم صِراطً مُّسْتَقِيمًا﴾ بسلوكه يصلون إلى الفلاح. ﴿ومَن يُطِع اللهَ والرَّسُولَ﴾ في الفرائض والسنن ﴿فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أئعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقِينَ والشُّهَداءِ والصّالِحِينَ﴾ نزلت حين قال بعض الصحابة: إني محزون، لأني لا أطيق فراقك يا محمد وإني إن دخلت الجنة أكون في منزلة دون منزلتك، وإن لم أدخل الجنة لا أراك أبدا، وفي الحديث أن الأعلين ينحدرون إلى من هو أسفل منهم فيجتمعون في رياضها وينزل لهم أهل الدرجات فيسعون عليهم بما يشتهون فهم في روضة يحبرون ﴿وحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفيقًا﴾ الرفيق كالصديق يطلق على الواحد والجمع أو المراد كل واحد منهم ونصبه على التمييز أو الحال وهو كلام في معنى التعجب. ﴿ذلِك﴾ أي: ما أعطى المطيعين من مرافقة المنعم عليهم ﴿الفَضْلُ مِنَ اللهِ﴾ الأول صفة ذلك أو خبره والثاني خبره أو حال ﴿وكَفى بِاللهِ عَلِيمًا﴾ بمن أطاع الله ورسوله فلا يضيع أجرهم.
{"ayahs_start":60,"ayahs":["أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِینَ یَزۡعُمُونَ أَنَّهُمۡ ءَامَنُوا۟ بِمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ وَمَاۤ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ یُرِیدُونَ أَن یَتَحَاكَمُوۤا۟ إِلَى ٱلطَّـٰغُوتِ وَقَدۡ أُمِرُوۤا۟ أَن یَكۡفُرُوا۟ بِهِۦۖ وَیُرِیدُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ أَن یُضِلَّهُمۡ ضَلَـٰلَۢا بَعِیدࣰا","وَإِذَا قِیلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡا۟ إِلَىٰ مَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ رَأَیۡتَ ٱلۡمُنَـٰفِقِینَ یَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودࣰا","فَكَیۡفَ إِذَاۤ أَصَـٰبَتۡهُم مُّصِیبَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَیۡدِیهِمۡ ثُمَّ جَاۤءُوكَ یَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنۡ أَرَدۡنَاۤ إِلَّاۤ إِحۡسَـٰنࣰا وَتَوۡفِیقًا","أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ یَعۡلَمُ ٱللَّهُ مَا فِی قُلُوبِهِمۡ فَأَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ وَعِظۡهُمۡ وَقُل لَّهُمۡ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ قَوۡلَۢا بَلِیغࣰا","وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِیُطَاعَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ جَاۤءُوكَ فَٱسۡتَغۡفَرُوا۟ ٱللَّهَ وَٱسۡتَغۡفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُوا۟ ٱللَّهَ تَوَّابࣰا رَّحِیمࣰا","فَلَا وَرَبِّكَ لَا یُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ یُحَكِّمُوكَ فِیمَا شَجَرَ بَیۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا یَجِدُوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ حَرَجࣰا مِّمَّا قَضَیۡتَ وَیُسَلِّمُوا۟ تَسۡلِیمࣰا","وَلَوۡ أَنَّا كَتَبۡنَا عَلَیۡهِمۡ أَنِ ٱقۡتُلُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡ أَوِ ٱخۡرُجُوا۟ مِن دِیَـٰرِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِیلࣱ مِّنۡهُمۡۖ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ فَعَلُوا۟ مَا یُوعَظُونَ بِهِۦ لَكَانَ خَیۡرࣰا لَّهُمۡ وَأَشَدَّ تَثۡبِیتࣰا","وَإِذࣰا لَّـَٔاتَیۡنَـٰهُم مِّن لَّدُنَّاۤ أَجۡرًا عَظِیمࣰا","وَلَهَدَیۡنَـٰهُمۡ صِرَ ٰطࣰا مُّسۡتَقِیمࣰا","وَمَن یُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ مَعَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ وَٱلصِّدِّیقِینَ وَٱلشُّهَدَاۤءِ وَٱلصَّـٰلِحِینَۚ وَحَسُنَ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ رَفِیقࣰا","ذَ ٰلِكَ ٱلۡفَضۡلُ مِنَ ٱللَّهِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ عَلِیمࣰا"],"ayah":"فَكَیۡفَ إِذَاۤ أَصَـٰبَتۡهُم مُّصِیبَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَیۡدِیهِمۡ ثُمَّ جَاۤءُوكَ یَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنۡ أَرَدۡنَاۤ إِلَّاۤ إِحۡسَـٰنࣰا وَتَوۡفِیقًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق