الباحث القرآني
﴿وإذْ أخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ﴾: كل نبي بعثه من لدن آدم، ﴿لَما آتَيْتُكم مِن كِتابٍ وحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكم رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ﴾، أي رسول كان واللام لتوطئة القسم، وما شرطية، وقوله: ﴿لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ ولَتَنْصُرُنَّهُ﴾، جواب القسم والشرط أو موصولة أي: للذي آتيتكموه، وقرئ بكَسر اللام وحينئذ ما مصدرية أي: لأجل إيتائي إياكم بعض الكتاب، ثم مجيء مصدق أخذ الله الميثاق لتؤمنن به أو المراد من النبيين أنبياء بني إسرائيل، والمراد من رسول مصدق محمد عليه الصلاة والسلام، أو النبيين عام كما تقدم، لكن المراد من رسول محمد عليه الصلاة والسلام كما صح عن علي، وابن عباس رضى الله عنهم ما بعث الله نبيًّا من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به، ولينصرنه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته ﴿قالَ أأقْرَرْتُمْ﴾: بالإيمان والنصر، ﴿وأخَذْتُمْ عَلى ذَلِكم إصْرِي﴾: عهدي، ﴿قالُوا أقْرَرْنا قالَ﴾: الله، ﴿فاشْهَدُوا﴾: ليشهد بعضكم على بعض بالإقرار أو قال الله تعالى للملائكة: ”فاشهدوا“ ﴿وأنا مَعَكُم مِّنَ الشّاهِدِينَ﴾ على إقراركم وتشاهدكم.
﴿فَمَن تَوَلّى﴾: أعرض، ﴿بَعْدَ ذَلِكَ﴾: الميثاق، ﴿فَأُولئكَ هُمُ الفاسِقُونَ﴾: الخارجون عن الإيمان.
﴿أفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ﴾، عطف جملة على جملة، والهمزة توسطت للإنكار، وقدم المفعول؛ لأنه المقصود بالإنكار قيل: نزلت في أهل الكتاب حين اختصموا فزعم كل فريق أنه على دين إبراهيم، فقال رسول الله ﷺ ”كل منكم برئ من دينه“ فقالوا: لا نرضى بقضائك ﴿ولَهُ أسْلَمَ﴾: انقاد، ﴿مَن في السَّماواتِ والأرْضِ طَوْعًا﴾: الملائكة والمسلمون، ﴿وكَرْهًا﴾: الكفرة حين البأس أو لأنهم مسخرون تحت حكمه وسلطانه أو خوف السيف والسبي أو المراد منه الأسير يجاء به فى السلاسل قيل هذا يوم الميثاق حين قال لهم: ”ألست بربكم“ [الأعراف: ١٧٢]، فقال بعضهم: ”بلى“ [الأعراف: ١٧٢] كرهًا، ونصبهما على الحال أي: طائعين، ومكرهين، ﴿وإلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ وعيد لهم أي: أيبغون غير دين الله مع أن المرجع إليه.
﴿قُلْ آمَنّا بِاللهِ وما أُنْزِلَ عَلَيْنا وما أُنْزِلَ عَلى إبْراهِيمَ وإسْماعِيلَ وإسْحاقَ ويَعْقُوبَ﴾ من الصحف والوحي، ﴿والأسْباطِ﴾: هم بطون بني إسرائيل المتشعبة من أولاد إسرائيل، ﴿وما أُوتِيَ مُوسى وعِيسى والنَّبِيُّونَ مِن ربِّهِمْ﴾: أمر للرسول أن يخبر عن نفسه ومتابعيه أو أن يتكلم عن نفسه على طريقة الملوك تعظيمًا له، ﴿لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحَدٍ مِنهُمْ﴾: بالتصديق، ﴿ونَحْنُ لَهُ﴾: لله، ﴿مُسْلِمُونَ﴾: منقادون مخلصون.
﴿ومَن يَّبْتَغ غَيْرَ الإسْلامِ﴾: غير الانقياد، والتوحيد، ﴿دِينا فَلَن يُّقْبَلَ مِنهُ وهو في الآخِرَةِ مِنَ الخاسِرِينَ﴾ بإبطال فطرته السليمة.
﴿كَيْفَ يَهْدِي اللهُ﴾، استفهام إنكار ﴿قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إيمانِهِمْ وشَهِدُوا﴾ عطف على ما في إيمانهم من معنى الفعل؛ لأن معناه بعد أن آمنوا، ﴿أنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وجاءَهُمُ البَيِّناتُ﴾ البراهين على صدق ما جاء به الرسول ﴿واللهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الظّالِمِينَ﴾: الذين وضعوا الكفر موضع الإيمان.
﴿أوْلَئِكَ جَزاؤُهم أنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ والمَلاِئكَةِ والنّاسِ أجْمَعِينَ﴾ أي: يوم القيامة. ﴿خالِدِين فِيها﴾: في اللعنة، ﴿لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العَذابُ ولا هم يُنْظَرُونَ﴾: لا يمهلون أو لا ينتظرون ليعتذروا أو لا ينظر نظر رحمة إليهم. ﴿إلا الَّذِينَ تابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ﴾: الارتداد، ﴿وأصْلَحُوا﴾: ما أفسدوا أو دخلوا في الصلاح، ﴿فَإنَّ اللهَ غَفُورٌ﴾: لذنبهم، ﴿رَحِيمٌ﴾: فيقبل توبتهم، الآية في رجل من الأنصار آمن ثم ارتد ثم ندم فأرسل إلى قومه أن سلوا هل لي من توبة؟ فنزلت فرجع وأسلم، وقيل: في اليهود آمنوا بمحمد عليه الصلاة والسلام قبل مبعثه ثم كفروا لما بعث.
﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ﴾؛ لأن توبتهم حين إشرافهم على الموت، ﴿وأُولَئِكَ هُمُ الضّالُّونَ﴾ نزلت في اليهود كفروا بعيسى عليه السلام بعد ما آمنوا بموسى، ثم ازدادوا كفرًا بمحمد عليه الصلاة والسلام، أو في اليهود والنصارى، وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن قومًا أسلموا ثم ارتدوا، ثم أسلموا ثم ارتدوا فأرسلوا إلى قومهم يسألون فنزلت: ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وماتُوا وهم كُفّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِن أحَدِهِمْ مِلْءُ الأرْضِ ذَهَبًا﴾: نصب على التمييز، ﴿وَّلَوِ افْتَدى به﴾ أي: لا يقبل منهم ذلك بوجه من الوجوه من التصدق وغيره ولو كان بوجه الافتداء، وقيل: الواو مقحمة، ﴿أُولَئِكَ لَهم عَذابٌ ألِيمٌ وما لَهم مِن ناصِرِينَ﴾ فى رفع العذاب، وفي الحديث (يقال للرجل يوم القيامة: أرأيت لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت مفتديًا به؟ يقول: نعم، فيقال له: قد أردت منك شيئًا أهون من ذلك وأقل فأبيت، فيرد إلى النار).
{"ayahs_start":81,"ayahs":["وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِیثَـٰقَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ لَمَاۤ ءَاتَیۡتُكُم مِّن كِتَـٰبࣲ وَحِكۡمَةࣲ ثُمَّ جَاۤءَكُمۡ رَسُولࣱ مُّصَدِّقࣱ لِّمَا مَعَكُمۡ لَتُؤۡمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥۚ قَالَ ءَأَقۡرَرۡتُمۡ وَأَخَذۡتُمۡ عَلَىٰ ذَ ٰلِكُمۡ إِصۡرِیۖ قَالُوۤا۟ أَقۡرَرۡنَاۚ قَالَ فَٱشۡهَدُوا۟ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّـٰهِدِینَ","فَمَن تَوَلَّىٰ بَعۡدَ ذَ ٰلِكَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡفَـٰسِقُونَ","أَفَغَیۡرَ دِینِ ٱللَّهِ یَبۡغُونَ وَلَهُۥۤ أَسۡلَمَ مَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ طَوۡعࣰا وَكَرۡهࣰا وَإِلَیۡهِ یُرۡجَعُونَ","قُلۡ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَاۤ أُنزِلَ عَلَیۡنَا وَمَاۤ أُنزِلَ عَلَىٰۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ وَإِسۡمَـٰعِیلَ وَإِسۡحَـٰقَ وَیَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَمَاۤ أُوتِیَ مُوسَىٰ وَعِیسَىٰ وَٱلنَّبِیُّونَ مِن رَّبِّهِمۡ لَا نُفَرِّقُ بَیۡنَ أَحَدࣲ مِّنۡهُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ","وَمَن یَبۡتَغِ غَیۡرَ ٱلۡإِسۡلَـٰمِ دِینࣰا فَلَن یُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَـٰسِرِینَ","كَیۡفَ یَهۡدِی ٱللَّهُ قَوۡمࣰا كَفَرُوا۟ بَعۡدَ إِیمَـٰنِهِمۡ وَشَهِدُوۤا۟ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقࣱّ وَجَاۤءَهُمُ ٱلۡبَیِّنَـٰتُۚ وَٱللَّهُ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ","أُو۟لَـٰۤىِٕكَ جَزَاۤؤُهُمۡ أَنَّ عَلَیۡهِمۡ لَعۡنَةَ ٱللَّهِ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِینَ","خَـٰلِدِینَ فِیهَا لَا یُخَفَّفُ عَنۡهُمُ ٱلۡعَذَابُ وَلَا هُمۡ یُنظَرُونَ","إِلَّا ٱلَّذِینَ تَابُوا۟ مِنۢ بَعۡدِ ذَ ٰلِكَ وَأَصۡلَحُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمٌ","إِنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بَعۡدَ إِیمَـٰنِهِمۡ ثُمَّ ٱزۡدَادُوا۟ كُفۡرࣰا لَّن تُقۡبَلَ تَوۡبَتُهُمۡ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلضَّاۤلُّونَ","إِنَّ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَمَاتُوا۟ وَهُمۡ كُفَّارࣱ فَلَن یُقۡبَلَ مِنۡ أَحَدِهِم مِّلۡءُ ٱلۡأَرۡضِ ذَهَبࣰا وَلَوِ ٱفۡتَدَىٰ بِهِۦۤۗ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِینَ"],"ayah":"أُو۟لَـٰۤىِٕكَ جَزَاۤؤُهُمۡ أَنَّ عَلَیۡهِمۡ لَعۡنَةَ ٱللَّهِ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجۡمَعِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق