الباحث القرآني

﴿أفَمَن وعَدْناهُ وعْدًا حَسَنًا﴾ حسن الوعد بحسن الموعود كالجنة ﴿فهُوَ لاقِيهِ﴾ مدركه ﴿كَمَن مَتَّعْناهُ مَتاعَ الحَياةِ الدُّنْيا﴾ الذي هو مشوب بأنواع الغصص ﴿ثُمَّ هو يَوْمَ القِيامَةِ مِنَ المُحْضَرِينَ﴾ للحساب والعذاب وهذه الآية كالنتيجة لما قبلها، ولذلك رتب عليها بالفاء نزلت في النبي عليه السلام وأبي جهل أو في علي وحمزة وأبى جهل ﴿ويَوْمَ يُنادِيهِمْ﴾ أي: اذكر يوم ينادى المشركين ﴿فيَقُولُ أيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ أي: تزعمونهم شركائي بحذف المفعولين ﴿قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ القَوْلُ﴾ وجب عليهم العذاب، أي: شياطينهم وسادتهم في الضلال خوفًا من أن يقول السفلة لا ذنب لنا إنما الذنب لسادتنا ﴿رَبَّنا هَؤُلاءِ الَّذِينَ أغْوَيْنا﴾ أي: أغويناهم ﴿أغْوَيْناهم كَما غَوَيْنا﴾ أي: أغويناهم فغووا غيًّا مثل ما غوينا هي خبر هؤلاء والذين مع صلته صفته أو الموصول خبره وهذه مستأنفة ﴿تَبَرَّأْنا إلَيْكَ﴾ منهم ﴿ما كانُوا إيّانا يَعْبُدُونَ﴾ فإنهم يعبدون أهواءهم فنحن وهم سواء في الغواية شهدوا على أنفسهم بالغواية والإغواء ثم تبرءوا من عبادتهم، قال تعالى: ﴿إذْ تَبَرَّأ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا﴾ الآية [البقرة: ١٦٦]، ﴿وقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ﴾ لتخلصكم عن العذاب ﴿فَدَعَوْهم فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ﴾ لعجزهم ﴿ورَأوُا العَذابَ﴾ لهم ولأربابهم ﴿لَوْ أنَّهم كانُوا يَهْتَدُونَ﴾ جواب لو محذوف، أي ما رأو العذاب أو لو للتمني فهو على الحكاية كأقسم ليضربن أو على تأويل رأوا متمنين هدايتهم ﴿ويَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ماذا أجَبْتُمُ المُرْسَلِينَ﴾ سأل أولًا عن إشراكهم ثم عن تكذيبهم رسلهم ﴿فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأنباءُ يَوْمَئِذٍ﴾ صارت الأنباء كالعمى عليهم لا تهتدي إليهم وفيه مبالغة ليس في عموا عن الأنباء وهذا كما يقول الكافر في قبره هاه هاه لا أدري قال مجاهد: معناه فخفيت عليهم الحجج ﴿فَهم لا يَتَساءَلُونَ﴾ لا يسأل بعضهم عن بعض لفرط حيرة كل منهم ﴿فَأما مَن تابَ﴾ من الشرك ﴿وآمَنَ وعَمِلَ صالِحًا فَعَسى أنْ يَكُونَ مِنَ المُفْلِحِينَ﴾ أي من جمع بين الإيمان والعمل الصالح فليطمع في الفلاح وليكن بين الخوف والرجاء وعسى من الكرام تحقيق ﴿ورَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ ويَخْتارُ﴾ لا معقب ولا منازع لحكمه ﴿ما كانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ﴾ أي: التخير يعني ليس لأحد أن يختار عليه أو معناه ليس لهم اختيار أصلًا بل هم عاجزون تحت قدره قيل: ما موصولة مفعول يختار والعائد محذوف أي يختار الذي كان لهم فيه صلاحهم ﴿سُبْحانَ اللهِ وتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ﴾ عن إشراكهم نقل أنها نزلت حين قالوا: ﴿لَوْلا نُزِّلَ هَذا القُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ [الزخرف: ٣١]، ﴿وربكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ﴾ تستر ﴿وما يُعْلِنُونَ وهو اللهُ لا إلَهَ إلّا هو لَهُ الحَمْدُ في الأُولى﴾ الدنيا ﴿والآخِرَةِ﴾ فإنه مولي النعم في الدارين ﴿وله الحُكْمُ﴾ فصل القضاء بين الخلق ﴿وإلَيْهِ تُرْجَعُون﴾ بالنشور ﴿قُلْ أرَأيتمْ﴾ أخبروني ﴿إنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا﴾ دائمًا ﴿إلى يَوْمِ القِيامَةِ﴾ لا نهار معه ﴿مَن إلَهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُم بِضِياءٍ أفَلاَ تَسْمَعُونَ﴾ سماع فهم ﴿قُلْ أرَأيتمْ إن جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَدًا﴾ هو من السرد، والميم مزيدة ﴿إلى يَوْمِ القِيامَةِ﴾، لا ليل معه، ﴿مَن إلَهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ﴾، استراحة عن المتاعب وصف الليل دون النهار، لأن النهار مستغن عن الوصف، ﴿أفَلا تُبْصِرُونَ﴾ ختم الأولى بقوله أفلا تسمعون، والثانية بـ أفلا تبصرون لمناسبة قوة السامعة بالليل، وقوة الباصرة بالنهار ﴿ومِن رحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ والنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ﴾ في الليل ﴿ولِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ﴾ بالنهار بأنواع المكاسب ﴿ولَعَلكم تَشْكُرُون﴾ ولكي تشكروا نعمه ﴿ويَوْمَ يُناديهِمْ فَيَقُولُ أيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ التكرار للتقريع بعد التقريع ﴿ونَزَعْنا﴾ أخرجنا ﴿مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا﴾ نبيهم يشهد عليهم بما كانوا عليه ﴿فَقُلْنا﴾ للأمم ﴿هاتُوا بُرْهانَكُمْ﴾ على صحة ما كنتم تدعونه ﴿فَعَلِمُوا﴾ حينئذ ﴿أنَّ الحَقَّ لله﴾ ولرسله لا لهم ﴿وضَلَّ عَنْهُمْ﴾ غاب غيبة الضائع ﴿ما كانُوا يَفْتَرُونَ﴾ من الباطل.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب