الباحث القرآني
﴿أوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أنَّ السَّماواتِ والأرْضَ كانَتا رَتْقًا﴾ أي: جماعة السماوات، وجماعة الأرض كانتا مرتوقتين يعني جميعهما في أول الأمر متصل متلاصق بعضهما ببعض، ﴿فَفَتَقْناهُما﴾، فصارت السماوات سبعًا، والأرض كذلك، أو كانتا رتقًا لا تمطر ولا تنبت ففتقنا بالمطر والنبات، فعلى هذا المراد من السماوات سماء الدنيا، وجمعها باعتبار الأفق، أو جميع السماوات على أن للكل مدخلًا في الإمطار، والرتق هو الضم والالتحام، فإن قلت متى رأوهما رتقا حتى جاء تقريرهم بذلك؟ قلت: الفتق مشاهدة عارض يفتقر إلى مؤثر واجب، والرتق ممكن أخبر به القرآن المعجز فهم لو نظروا لعلموا، ﴿وجَعَلْنا مِنَ الماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾، أي: كل شيء موجود أصله من الماء، فإن الله خلق الماء قبل الأشياء، ثم خلقها منه، أو خلقنا كل حيوان من الماء، أى: من النطفة، أو صيرنا كل شيء له نوع حياة كحيوان ونبات من الماء، ولابد له منه نحو خلق الإنسان من عجل فعلى هذا جعل متعدٍ إلى مفعولين، ﴿أفَلا يُؤْمِنُونَ وجَعَلْنا في الأرْضِ رَواسِيَ﴾: جبالًا ثوابت، ﴿أنْ تَميدَ﴾: كراهة أن تميد، ﴿بِهِمْ﴾: وتضطرب، ﴿وجَعَلْنا فيها﴾: في الرواسى، ﴿فِجاجًا﴾. مسالك وطرقًا واسعة، ﴿سُبُلًا﴾، يعني: لما خلقنا الجبال حالت بين البلدان، فجعلنا فيها فجوة، وطرقًا ليسلك فيها من بلد إلى آخر، وسبلًا إما مفعول وفجاجًا حال، أو هو مفعول وسبلًا بدل، ﴿لَعَلَّهم يَهْتَدُونَ﴾: إلى مصالحهم، ﴿وجَعَلْنا السَّماءَ سَقْفًا﴾: على الأرض، ﴿مَّحْفوظًا﴾: من أن يقع على الأرض أو من الشياطين بالشهب، ﴿وهم عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ﴾، لا يتفكرون فيما خلق فيها من الآيات، كالشمس والقمر والكواكب وغيرها، ﴿وهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ والنَّهارَ والشَّمْسَ والقَمَرَ كُلٌّ﴾
أي: كل واحد منهما، ﴿فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ يسرعون على فلكه، كالسابح في الماء، والفلك الجنس نحو كساهم الأمير حلة، والجمع باعتبار كثرة مطالعها وجمع العقلاء للوصف بفعلهم، وهو السباحة والجملة حال منهما.
﴿وما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِن قَبْلِكَ الخُلْدَ﴾، نزلت حين قالوا نتربص بمحمد ريب المنون، استدل به بعضهم على عدم بقاء الخضر، ﴿أفَإنْ مِتَّ﴾ الهمزة للإنكار، والفاء لتعلق الشرط بما قبله، ﴿فَهُمُ الخالِدُونَ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ المَوْتِ﴾ أي: مرارته، ﴿ونَبْلُوكم﴾: نعاملكم معاملة من يختبركم، ﴿بِالشَّرِّ﴾: بالمصائب تارة، ﴿والخَيْرِ﴾: بالنعم أخرى، ﴿فِتْنَةً﴾: ابتلاء لننظر من يصبر ومن يجزع ومن يشكر ومن يكفر مصدر مؤكد من غير لفظه، ﴿وإلَيْنا تُرْجَعُونَ﴾ لنجازيكم، ﴿وإذا رَآكَ الذِينَ كَفَرُوا إن يَتَّخِذُونَكَ﴾ إن نافية، ﴿إلا هُزُوًا﴾ مهزوء به، ﴿أهَذا﴾ أي: قالوا أهذا، ﴿الَّذِي يَذْكرُ آلِهَتَكُمْ﴾ أي: بسوء، ﴿وهم بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ﴾: بصفاته الحسنى كالتوحيد، ﴿همْ كافرونَ﴾ لا يصدقون به، فهم أحق بأن يهزأ بهم، ﴿خُلِقَ الإنسان مِن عَجَلٍ﴾: لفرط استعجاله كأنه خلق منه، قيل: لما ذكر المستهزئين وقع في النفس سرعة الانتقام منهم واستعجلت ذلك ولهذا قال ﴿سَأريكمْ آياتِي﴾: نقماتي في الدنيا والآخرة، ﴿فلا تَسْتَعجلُونِ﴾: بالإتيان بها وقيل: هذا جواب المشركين حين استعجلوا بالعذاب، ﴿ويَقُولُونَ مَتى هَذا الوَعْدُ﴾: وقت وعد العذاب أو القيامة، ﴿إن كُنتمْ﴾: أيها المؤمنون، ﴿صادِقِينَ لَوْ يَعْلَمُ الذِينَ كَفَرُوا﴾، وضع موضع يعلمون دلالة على ما أوجب لهم ذلك، ﴿حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النّارَ ولا عَنْ ظُهُورِهِمْ ولا هم يُنْصَرُونَ﴾: مفعول به ليعلم أي: لو يعلمون الوقت الذي يحيط بهم النار فلا يقدرون على دفعها، ولا يجدون ناصرًا والجواب محذوف، أي: بما استعجلوا، ﴿بَلْ تَأْتِيهِمْ﴾ أي: لا يعلمون بل تأتيهم العدة أو القيامة أو النار، ﴿بَغتَةً﴾: فجأة مصدر، لأنها نوع من الإتيان أو حال، ﴿فَتَبْهَتُهُمْ﴾: تحيرهم، ﴿فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها ولا هم يُنْظَرُونَ﴾: يمهلون، ﴿ولَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُل مِّن قَبْلِكَ﴾: يا محمد فليس بشيء بدع منهم فلا تغتم، ﴿وحاقَ﴾: أحاط، ﴿بِالذِينَ سَخِرُوا مِنهُم﴾: من الأمم السالفة، ﴿ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُون﴾ أي: جزاء ما فعلوا، أو هم استهزءوا بعذاب وعدهم الرسل إن لم يؤمنوا، فأحاط بهم ذلك العذاب فسيحيط بمن يتخذك هزوًا.
{"ayahs_start":30,"ayahs":["أَوَلَمۡ یَرَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَنَّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ كَانَتَا رَتۡقࣰا فَفَتَقۡنَـٰهُمَاۖ وَجَعَلۡنَا مِنَ ٱلۡمَاۤءِ كُلَّ شَیۡءٍ حَیٍّۚ أَفَلَا یُؤۡمِنُونَ","وَجَعَلۡنَا فِی ٱلۡأَرۡضِ رَوَ ٰسِیَ أَن تَمِیدَ بِهِمۡ وَجَعَلۡنَا فِیهَا فِجَاجࣰا سُبُلࣰا لَّعَلَّهُمۡ یَهۡتَدُونَ","وَجَعَلۡنَا ٱلسَّمَاۤءَ سَقۡفࣰا مَّحۡفُوظࣰاۖ وَهُمۡ عَنۡ ءَایَـٰتِهَا مُعۡرِضُونَ","وَهُوَ ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلَّیۡلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلࣱّ فِی فَلَكࣲ یَسۡبَحُونَ","وَمَا جَعَلۡنَا لِبَشَرࣲ مِّن قَبۡلِكَ ٱلۡخُلۡدَۖ أَفَإِی۟ن مِّتَّ فَهُمُ ٱلۡخَـٰلِدُونَ","كُلُّ نَفۡسࣲ ذَاۤىِٕقَةُ ٱلۡمَوۡتِۗ وَنَبۡلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلۡخَیۡرِ فِتۡنَةࣰۖ وَإِلَیۡنَا تُرۡجَعُونَ","وَإِذَا رَءَاكَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ إِن یَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَـٰذَا ٱلَّذِی یَذۡكُرُ ءَالِهَتَكُمۡ وَهُم بِذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ هُمۡ كَـٰفِرُونَ","خُلِقَ ٱلۡإِنسَـٰنُ مِنۡ عَجَلࣲۚ سَأُو۟رِیكُمۡ ءَایَـٰتِی فَلَا تَسۡتَعۡجِلُونِ","وَیَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلۡوَعۡدُ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ","لَوۡ یَعۡلَمُ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ حِینَ لَا یَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ ٱلنَّارَ وَلَا عَن ظُهُورِهِمۡ وَلَا هُمۡ یُنصَرُونَ","بَلۡ تَأۡتِیهِم بَغۡتَةࣰ فَتَبۡهَتُهُمۡ فَلَا یَسۡتَطِیعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمۡ یُنظَرُونَ"],"ayah":"أَوَلَمۡ یَرَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ أَنَّ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ كَانَتَا رَتۡقࣰا فَفَتَقۡنَـٰهُمَاۖ وَجَعَلۡنَا مِنَ ٱلۡمَاۤءِ كُلَّ شَیۡءٍ حَیٍّۚ أَفَلَا یُؤۡمِنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق