الباحث القرآني
﴿واضْرِبْ لَهم مَثلا رَجُلَيْنِ﴾ بيان لمثلًا، أو بدل لحذف المضاف أي مثل رجلين قيل: هما أخوان من بني إسرائيل ورثا مالًا فاشترى أحدهما بميراثه ضياعًا وزينة، وصرفه الآخر في وجوه الخير ﴿جَعَلْنا﴾ الجملة بيان التمثيل أو صفة رجلين ﴿لأحَدِهِما جَنَّتَيْنِ﴾: بستانين ﴿مِن أعْنابٍ وحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ﴾ أي: جعلنا النخل محيطة بهما والباء للتعدية إلى المفعول الثاني يقال: حففته بهم إذا جعلتهم حافين حوله ﴿وجَعَلْنا بَيْنَهُما﴾: وسط النخل والكرم ﴿زَرْعًا كِلْتا الجَنَّتَيْنِ آدتْ اكلَها﴾ وإفراد الضمير لإفراد كلتا ﴿ولَمْ تَظْلِمْ﴾: تنقص ﴿منهُ﴾: من أكلها ﴿شَيْئًا﴾: كما يعهد نقصها في سائر البساتين ﴿وفَجَّرْنا خلالَهُما﴾: وسط الجنتين ﴿نَهَرًا وكانَ لَهُ﴾: لصاحب البستانين ﴿ثَمَرٌ﴾: أنواع من المال ﴿فقالَ لِصاحِبِهِ﴾: الذي صرف ميراثه لوجه الله ﴿وهُوَ يُحاوِرُهُ﴾: يراجعه في الكلام لا أنه يجادله ﴿أنا أكْثَرُ مِنكَ مالًا وأعَزُّ نَفَرًا﴾ حشمًا وعشيرة وأولادًا ذكورًا ﴿ودَخَلَ جَنَّتَهُ﴾: حين أخذ بيد صاحبه وأدخله بستانه يطوف به فيها يفاخره بها ﴿وهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾: بسبب عجبه وكفره ﴿قالَ ما أظُنُّ أنْ تَبِيدَ﴾: تفنى ﴿هَذه أبَدًا﴾: راقه حسنها وغرته زهرتها فتوهم أنها لا تفني، ولله در صاحب الكشاف حيث قال: وترى أكثر الأغنياء من المسلمين وإن لم يطلقوا بنحو هذا ألسنتهم فإن ألسنة أحوالهم ناطقة به منادية عليه ﴿وما أظُنُّ السّاعَةَ قائِمَةً﴾: كائنة، ﴿ولَئِن رُددت إلى ربي﴾ يعني: وإن فرضنا حقيقة البعث ﴿لأجِدَن خَيْرًا مِنها﴾: من الجنة ﴿مُنقَلَبًا﴾: مرجعًا وعاقبة؛ لأنه ما أعطاني في الدنيا إلا لاستئهالي لذلك والآخرة لو كانت خير وأبقى ﴿قالَ لَهُ صاحِبُهُ﴾: المؤمن ﴿وهُوَ يُحاوِرُهُ أكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ﴾ أي: خلق أصل مادتك ﴿مِن تُرابٍ ثُمَّ مِن نُطْفَةٍ﴾: فإنها مادتك القريبة ﴿ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلًا﴾: عدلك وكملك إنسانًا ذكرًا بالغًا ﴿لَكِنّا﴾ أصله لكن أنا، حذفت الهمزة وأدغمت النونان ﴿هُوَ﴾ ضمير الشأن ﴿اللهُ رَبِّي﴾ والجملة خبر أنا، كأنه قال أنت كافر لكني مؤمن ﴿ولا أُشْرِكُ بِرَبِّي أحَدًا ولَوْلا إذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ﴾ أي: هلا قلت حين دخلت ﴿ما شاءَ اللهُ﴾ ما موصولة أي: الأمر ما شاء الله أو ما شاء كائن ﴿لا قُوَّةَ إلّا بِاللهِ﴾ إقرارًا بأنّها بمشيئته إن شاء أبقاها وإن شاء أفناها واعترافًا بالعجز على نفسك والقدرة لله قال بعض السلف: من أعجبه شيء فليقل ما شاء الله لا قوة إلا بالله ﴿إنْ تَرَنِ أنا﴾ ضمير الفصل أو تأكيد للمفعول ﴿أقَلَّ مِنكَ مالًا ووَلَدًا فعسى ربي أد يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِن جَنَّتِكَ﴾ في الآخرة أو في الدنيا أيضًا ﴿ويُرْسِلَ عَلَيْها﴾ على جنتك ﴿حُسْبانًا مِن السَّماءِ﴾ مراقي جمع حسبانة وهي الصاعقة ﴿فَتُصْبِحَ﴾ الجنة ﴿صَعِيدًا﴾ أرضًا ﴿زلَقًا﴾ ملساء لا يثبت فيه قدم ﴿أوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْرًا﴾ غائرًا في الأرض مصدر وصف به كالزلق ﴿فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ﴾ للماء الغائر ﴿طَلَبًا﴾ في رده ﴿وأحيطَ بثَمَرهِ﴾ عبارة عن إهلاكه ﴿فأصْبَحَ يُقَلِّب كَفَّيْهِ﴾ [ظهرًا] لبطن تأسفًا ﴿عَلى ما أنفقَ فِيها﴾ متعلق بـ يُقَلِّب لأنه في معنى يتحسر أي: يتحسر على ما أنفق في عمارتها ﴿وهِيَ خاوِيَةٌ﴾ ساقطة ﴿عَلى عُرُوشِها﴾ فإن كرومها المعرشة سقطت عروشها على الأرض وسقطت الكروم فوقها ﴿ويَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أحَدًا﴾: تذكر موعظة أخيه، وتمني لو لم يكن مشركًا حتى لا يهلك الله بستانه ﴿ولَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِن دُونِ اللهِ﴾ أي: يقدرون على نصرته من دون الله، وحمل ينصرونه حيث لم يقل تنصره على المعنى دون اللفظ ﴿وما كانَ مُنْتَصِرًا﴾: ممتنعًا عن انتقام الله تعالى منه، أي: لا يقدر أحد ولا هو نفسه على انتصاره ﴿هُنالِكَ الوَلايَةُ لله الحَقِّ﴾ من القراء من يقف على هنالك، فعلى هذا معناه منتصرًا في ذلك الموطن الذي حل به عذاب الله، ومن لم يقف عليه فمعناه في ذلك الموطن الذي نزل عليه عذاب الله النصرة له وحده، لا يقدر عليها غيره أو ينصر فيها أولياءه على أعدائه، ومن قرأ الوِلاية بكسر الواو فمعناه: في تلك الحالة السلطان له وحده لا يعبد غيره، وكل أحد من مؤمن أو كافر يرجع إلى الله وإلى موالاته والخضوع له كما قال الله تعالى: ﴿فلما رأو بأسنا قالوا آمنا بالله وحده﴾ والحق: صفة الولاية أو صفة لله على القراءتين ﴿هُوَ خَيْرٌ ثَوابًا﴾ لأهل طاعته لو كان غيره يثيب ﴿وخَيْرٌ عُقْبًا﴾ أي: عاقبة طاعته خير من عاقبة طاعة غيره.
{"ayahs_start":32,"ayahs":["۞ وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلࣰا رَّجُلَیۡنِ جَعَلۡنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَیۡنِ مِنۡ أَعۡنَـٰبࣲ وَحَفَفۡنَـٰهُمَا بِنَخۡلࣲ وَجَعَلۡنَا بَیۡنَهُمَا زَرۡعࣰا","كِلۡتَا ٱلۡجَنَّتَیۡنِ ءَاتَتۡ أُكُلَهَا وَلَمۡ تَظۡلِم مِّنۡهُ شَیۡـࣰٔاۚ وَفَجَّرۡنَا خِلَـٰلَهُمَا نَهَرࣰا","وَكَانَ لَهُۥ ثَمَرࣱ فَقَالَ لِصَـٰحِبِهِۦ وَهُوَ یُحَاوِرُهُۥۤ أَنَا۠ أَكۡثَرُ مِنكَ مَالࣰا وَأَعَزُّ نَفَرࣰا","وَدَخَلَ جَنَّتَهُۥ وَهُوَ ظَالِمࣱ لِّنَفۡسِهِۦ قَالَ مَاۤ أَظُنُّ أَن تَبِیدَ هَـٰذِهِۦۤ أَبَدࣰا","وَمَاۤ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَاۤىِٕمَةࣰ وَلَىِٕن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّی لَأَجِدَنَّ خَیۡرࣰا مِّنۡهَا مُنقَلَبࣰا","قَالَ لَهُۥ صَاحِبُهُۥ وَهُوَ یُحَاوِرُهُۥۤ أَكَفَرۡتَ بِٱلَّذِی خَلَقَكَ مِن تُرَابࣲ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةࣲ ثُمَّ سَوَّىٰكَ رَجُلࣰا","لَّـٰكِنَّا۠ هُوَ ٱللَّهُ رَبِّی وَلَاۤ أُشۡرِكُ بِرَبِّیۤ أَحَدࣰا","وَلَوۡلَاۤ إِذۡ دَخَلۡتَ جَنَّتَكَ قُلۡتَ مَا شَاۤءَ ٱللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِٱللَّهِۚ إِن تَرَنِ أَنَا۠ أَقَلَّ مِنكَ مَالࣰا وَوَلَدࣰا","فَعَسَىٰ رَبِّیۤ أَن یُؤۡتِیَنِ خَیۡرࣰا مِّن جَنَّتِكَ وَیُرۡسِلَ عَلَیۡهَا حُسۡبَانࣰا مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ فَتُصۡبِحَ صَعِیدࣰا زَلَقًا","أَوۡ یُصۡبِحَ مَاۤؤُهَا غَوۡرࣰا فَلَن تَسۡتَطِیعَ لَهُۥ طَلَبࣰا","وَأُحِیطَ بِثَمَرِهِۦ فَأَصۡبَحَ یُقَلِّبُ كَفَّیۡهِ عَلَىٰ مَاۤ أَنفَقَ فِیهَا وَهِیَ خَاوِیَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَیَقُولُ یَـٰلَیۡتَنِی لَمۡ أُشۡرِكۡ بِرَبِّیۤ أَحَدࣰا","وَلَمۡ تَكُن لَّهُۥ فِئَةࣱ یَنصُرُونَهُۥ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا","هُنَالِكَ ٱلۡوَلَـٰیَةُ لِلَّهِ ٱلۡحَقِّۚ هُوَ خَیۡرࣱ ثَوَابࣰا وَخَیۡرٌ عُقۡبࣰا"],"ayah":"وَأُحِیطَ بِثَمَرِهِۦ فَأَصۡبَحَ یُقَلِّبُ كَفَّیۡهِ عَلَىٰ مَاۤ أَنفَقَ فِیهَا وَهِیَ خَاوِیَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَیَقُولُ یَـٰلَیۡتَنِی لَمۡ أُشۡرِكۡ بِرَبِّیۤ أَحَدࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق