الباحث القرآني
﴿ولًا تَقُولَنَّ لِشَيْء﴾ أي: لأجل شيء تعزم عليه ﴿إنِّي فاعِلٌ ذَلِكَ﴾: الشيء، ﴿غَدًا﴾ أي: فيما يستقبل من الزمان، ولم يرد خصوصية الغد ﴿إلا أنْ يَشاءَ الله﴾: إلا بأن يشاء الله، أي: متلبسًا بمشيئته، يعني إلا أن يقول إن شاء الله، فهو استثناء من النهي، نزلت حين سأل أهل مكة عن الروح وأصحاب الكهف وذي القرنين، فقال عليه السلام: ”أخبركم غدًا“، ولم يقل إن شاء الله، فلبث الوحي أيامًا ثم نزلت هذه الآية تعليمًا وتأديبًا، وقيل معناه: لا تقولن ذلك القول إلا أن يشاء الله أن تقوله، بأن يأذن لك فيه ﴿واذْكُرْ رَبَّكَ﴾ أي: مشيئته، وقل إن شاء الله ﴿إذا نَسِيتَ﴾: إذا فرط منك نسيان، يعني: إذا أنسيت كلمة الاستثناء ثم تنبهت عليها فتداركها بالذكر. وعن ابن عباس: للحالف أن يستثني ولو بعد سنة، قال ابن جرير: السُّنَّة أن يقول ذلك حتى ولو كان بعد الحنث، ليكون أتيا بسنة الاستثناء لا لأن يكون رافعًا للحنث مسقطًا للكفارة، وقال: هذا هو الصحيح الأليق بحمل كلامه عليه، وقد نقل عن ابن عباس إن هذا خاصة برسول الله ﷺ أي إنه لا يحنث إن استثني ولو بعد سنين، وقيل معناه إنه تعالى أرشد من نسى الشيء من كلامه إلى أن يذكر الله، فإن النسيان منشؤه الشيطان، وذكر الله يطرده فإذا ذهب الشيطان ذهب النسيان ﴿وقُل عَسى أنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لأقْرَبَ مِن هَذا رَشَدًا﴾ أي: يدلني ويعطيني من الآيات الدالة على نبوتي ما يكون أقرب وأدل في الرشد من قصة أصحاب الكهف، وقيل معناه إذا سُئلت عن شيء لا تعلمه فتوجه إلى الله في أن يوفقك لأقرب طريق إليه وقيل معناه واذكر ربك إذا نسيت شيئًا، واذكر ربك أن تقول عند نسيانه عسى ربي أن يهدين لشيء آخر بدل المنسى أقرب من المنسى رشدًا ﴿ولَبِثُوا في كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ﴾ هذا إخبار من الله بمقدار لبثهم منذ أرقدهم الله إلى أن بعثهم، وسنين: عطف بيان لثلاثمائة عند من قرأ مائة بالتنوين ﴿وازْدادُوا تِسْعًا﴾ فإن مقداره ثلاث مائة سنة وتسع بالهلالية، فيكون بالشمسية ثلاث مائة سنة، لأن تفاوت ما بين كل مائة سنة بالقمرية إلى الشمسية ثلاث سنين ﴿قُل﴾: يا محمد ﴿اللهُ أعْلَمُ بِما لَبثُوا﴾ فلا تختلفوا بعد ما أخبركم الله بمدته ﴿له غَيْبُ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ جملة مستأنفة لتعليل الأعلمية وعن قتادة أن قوله ﴿ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة﴾ حكاية قول أهل الكتاب وقد رده الله بقوله: ﴿قل الله أعلم﴾ والأول قول أكثر السلف والخلف ﴿أبْصرْ بِهِ وأسْمِعْ﴾ هما صيغتا التعجب أي: ما أبصره وما أسمعه، فالضمير الراجع إلى الله فاعل والباء صلة ﴿ما لَهُمْ﴾ الضمير لأهل السماوات والأرض ﴿مِن دُونه مِن ولِي﴾: يلى أمرهم ﴿ولا يُشْرِكُ﴾: الله ﴿فِي حُكْمِهِ﴾: قضائه ﴿أحَدًا﴾: منهم ﴿واتْلُ ما أُوحِيَ إلَيْكَ مِن كِتابِ رَبِّكَ﴾: من القرآن ﴿لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ﴾: لا أحد يقدر على تبديلها ﴿ولَنْ تَجِدَ مِن دُونهِ مُلْتَحَدًا﴾: ملجأ تعدل إليه إن لم تتل ولم تتبع ﴿واصْبِرْ نَفْسَكَ﴾: احبسها ﴿مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهم بِالغَداةِ والعَشِيِّ﴾: طرفي النهار ﴿يُرِيدُونَ وجْهَهُ﴾: يريدون الله لا عوضًا من الدنيا نزلت في أشراف قريش حين طلبوا أن يفرد لهم مجلسًا لا يكون فقراء الصحابة فيه ولذلك قال الله: ﴿ولا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ﴾: لا تصرف بصرك إلى غيرهم من ذوي الغنى والزينة، واستعماله بـ عن مع أنه مستعمل بغير واسطة لتضمينه معنى نبا يقال: نبت عنه عينه إذا ازدرته ولم تتعلق به ﴿تُرِيدُ﴾ حال من كاف عيناك ﴿زِينَةَ الحَياةِ الدُّنْيا﴾ أي: مجالسة الأشراف ﴿ولا تُطِعْ﴾: في تبعيد الفقراء ﴿مَن أغْفَلْنا قَلْبَهُ﴾: جعلنا قلبه غافلًا ﴿عَنْ ذِكْرِنا واتَّبعَ هَواهُ وكانَ أمْرُهُ فُرُطًا﴾: متقدمًا للصواب نابذًا له وراء ظهره يقال: فرس فُرُط، أي: متقدم للخيل ﴿وقُلِ﴾: يا محمد ﴿الحَقُّ مِن ربكُم﴾ أي: هذا هو الحق حال كونه من ربكم أو الحق ما يكون من ربكم ﴿فَمَن شاءَ فَلْيُؤْمِن ومَن شاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾: فإني لا أبالي وهو تخيير بمعنى التهديد ﴿إنّا أعْتَدْنا﴾: هيأنا ﴿لِلظالِمِينَ﴾ أي: الكافرين ﴿نارًا أحاطَ بهِمْ سُرادِقُها﴾: نسطاطها شبه بِهِ ما يحيط بهم من النار أو دخانها ﴿وإنْ يَسْتَغِيثُوا﴾، من العطش ﴿يُغاثُوا بِماءٍ كالمُهْلِ﴾: كمذاب النحاس عن ابن عباس هو ماء غليظ كدردي الزيت ﴿يَشْوِي الوُجُوهَ﴾: من حره إذا قدم ليشرب ﴿بِئْسَ الشَّرابُ﴾: المهل ﴿وساءَتْ﴾: النار ﴿مُرْتَفَقًا﴾: متكئًا أو منزلًا ﴿إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ إنّا لا نُضِيعُ أجْرَ مَن أحْسَنَ عَمَلًا﴾ قوله: ﴿من أحسن عملًا﴾ هو عين من آمن وعمل صالحًا فجاز أن يكون ﴿إنا لا نضيع﴾ خبر إن أو تقديره إنا لا نضيع أجر من أحسن عملًا منهم أو هو جملة معترضة وخبره قوله: ﴿أُولَئِكَ لَهم جَنّاتُ عَدْنٍ﴾ سميت عدنا لخلود المؤمنين فيها يقال: عدن بالمكان، إذا أقام فيه ﴿تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ﴾ أي: من تحت غرفهم ﴿الأنْهار يُحَلَّوْنَ﴾: يزينون ﴿فِيها مِن أساوِرَ﴾ جمع أسورة أو أسوار في جمع سوار ومن للابتداء ﴿مِن ذَهَبٍ﴾ صفة أساور، ومن للبيان ﴿ويَلْبَسُونَ ثِيابًا خُضْرًا مِن سُنْدُسٍ﴾: رقيق الديباج ﴿وإسْتَبْرَقٍ﴾: غليظ منه فإن ما يلي البدن رقيق وما فوقه غليظ كما في الدنيا ﴿مُتَّكِئِينَ فِيها﴾ الاتكاء الاضطجاع أو التربع في الجلوس ﴿عَلى الأرائِكِ﴾: السرر، ﴿نِعْمَ الثوابُ﴾: الجنة ونعيمها ﴿وحَسُنَتْ﴾: الأرائك أو الجنات ﴿مُرتفَقًا﴾: متكئًا أو منزلًا.
{"ayahs_start":23,"ayahs":["وَلَا تَقُولَنَّ لِشَا۟یۡءٍ إِنِّی فَاعِلࣱ ذَ ٰلِكَ غَدًا","إِلَّاۤ أَن یَشَاۤءَ ٱللَّهُۚ وَٱذۡكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِیتَ وَقُلۡ عَسَىٰۤ أَن یَهۡدِیَنِ رَبِّی لِأَقۡرَبَ مِنۡ هَـٰذَا رَشَدࣰا","وَلَبِثُوا۟ فِی كَهۡفِهِمۡ ثَلَـٰثَ مِا۟ئَةࣲ سِنِینَ وَٱزۡدَادُوا۟ تِسۡعࣰا","قُلِ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا لَبِثُوا۟ۖ لَهُۥ غَیۡبُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ أَبۡصِرۡ بِهِۦ وَأَسۡمِعۡۚ مَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَلِیࣲّ وَلَا یُشۡرِكُ فِی حُكۡمِهِۦۤ أَحَدࣰا","وَٱتۡلُ مَاۤ أُوحِیَ إِلَیۡكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَـٰتِهِۦ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلۡتَحَدࣰا","وَٱصۡبِرۡ نَفۡسَكَ مَعَ ٱلَّذِینَ یَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَوٰةِ وَٱلۡعَشِیِّ یُرِیدُونَ وَجۡهَهُۥۖ وَلَا تَعۡدُ عَیۡنَاكَ عَنۡهُمۡ تُرِیدُ زِینَةَ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَاۖ وَلَا تُطِعۡ مَنۡ أَغۡفَلۡنَا قَلۡبَهُۥ عَن ذِكۡرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ وَكَانَ أَمۡرُهُۥ فُرُطࣰا","وَقُلِ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَن شَاۤءَ فَلۡیُؤۡمِن وَمَن شَاۤءَ فَلۡیَكۡفُرۡۚ إِنَّاۤ أَعۡتَدۡنَا لِلظَّـٰلِمِینَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمۡ سُرَادِقُهَاۚ وَإِن یَسۡتَغِیثُوا۟ یُغَاثُوا۟ بِمَاۤءࣲ كَٱلۡمُهۡلِ یَشۡوِی ٱلۡوُجُوهَۚ بِئۡسَ ٱلشَّرَابُ وَسَاۤءَتۡ مُرۡتَفَقًا","إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ إِنَّا لَا نُضِیعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا","أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمۡ جَنَّـٰتُ عَدۡنࣲ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهِمُ ٱلۡأَنۡهَـٰرُ یُحَلَّوۡنَ فِیهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبࣲ وَیَلۡبَسُونَ ثِیَابًا خُضۡرࣰا مِّن سُندُسࣲ وَإِسۡتَبۡرَقࣲ مُّتَّكِـِٔینَ فِیهَا عَلَى ٱلۡأَرَاۤىِٕكِۚ نِعۡمَ ٱلثَّوَابُ وَحَسُنَتۡ مُرۡتَفَقࣰا"],"ayah":"قُلِ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا لَبِثُوا۟ۖ لَهُۥ غَیۡبُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ أَبۡصِرۡ بِهِۦ وَأَسۡمِعۡۚ مَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَلِیࣲّ وَلَا یُشۡرِكُ فِی حُكۡمِهِۦۤ أَحَدࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق