الباحث القرآني

﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: ٤] هذا هو المقْسَم عليه، أَقْسم الله تعالى أنه خَلَق الإنسانَ في أحسن تقويم، وإذا تأمَّلتَ الجملة -أي: الجملة التي فيها المقْسَم عليه- تبيَّن لك أنها مؤكَّدةٌ بثلاثة مؤكِّدات: القَسَم، واللام، و(قَدْ)، فأَقْسم الله أنَّه خَلَق الإنسانَ في أحسن تقويم؛ في أحسن تقويمٍ هيئةً وخِلْقةً، وفي أحسن تقويمٍ فِطْرةً وقَصْدًا؛ لأنه لا يوجد أحدٌ من المخلوقات أحسنُ من بني آدمَ خِلْقةً، فالمخلوقات الأرضيَّة كُلُّها دون بني آدم في الخِلْقة؛ لأن الله تعالى قال: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾. ﴿ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ﴾ [التين ٥] هذه الرِّدَّة التي ذَكَرها الله عز وجل تعني أنَّ الله تعالى يَرُدُّ الإنسانَ أسفلَ سافلينَ خِلْقةً؛ كما قال الله تعالى: ﴿وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ﴾ [النحل ٧٠]، فكُلَّما ازدادت السِّنُّ في الإنسان تغيَّر إلى أَرْدأ، لا في القوَّة الجسدية، ولا في الهيئة الجسدية، ولا في نَضَارة الوجه، ولا غير ذلك، يُرَدُّ أسفلَ سافلينَ. وإذا قُلنا: إن ﴿أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ تشمل حتى الفِطْرة التي جَبَلَ اللَّهُ الخلْقَ عليها والعبادةَ التي تترتَّب أو تنبني على هذه الفِطْرة، فإنَّ هذا إشارةٌ إلى أنَّ مِن الناس مَن تَعُود به حالُه -والعياذ بالله- إلى أنْ يكون أسفلَ سافلينَ بعد أن كان في الأعلى والقِمَّة من الإيمان والعلم، والآية تشمل المعنيينِ جميعًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب