الباحث القرآني

﴿فَكَذَّبُوهُ﴾ [الشمس: ١٤] أي: كذَّبوا صالحًا وقالوا: إنك لَسْتَ برسول. وهكذا كلُّ الرُّسُل الذين أُرْسِلوا إلى أقوامهم يَصِمُهم أقوامُهم بالعيب؛ كما قال الله تعالى: ﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ﴾ [الذاريات ٥٢]، كلُّ الرسل قيل لهم هذا: ساحرٌ أو مجنونٌ، كما قيل للرسول عليه الصلاة والسلام: إنه ساحرٌ، كذَّابٌ، مجنونٌ، شاعرٌ، كاهنٌ، ولكن هل ألقابُ السوء التي يُلقِّبها الأعداءُ لأولياء الله هل تضرُّهم؟ الجواب: لا تضرُّهم، بل يزدادون بذلك رفعةً عند الله سبحانه وتعالى، وإذا احتسبوا الأجرَ أُثِيبوا على ذلك. فيقول عز وجل: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا﴾ [الشمس ١٤] أي: عقروا الناقةَ عَقْرًا حَصَل به الهلاك. ﴿فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا﴾ [الشمس ١٤]، ﴿دَمْدَمَ عَلَيْهِمْ﴾ يعني: أطْبَقَ عليهم فأهلكهم؛ كما تقول: دَمْدَمْتُ البئرَ؛ أي: أطبقْتُ عليها التراب. ﴿دَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ﴾ أي: بسبب ذنوبهم؛ لأن الله سبحانه وتعالى ﴿لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [يونس ٤٤]، فالذنوب سببٌ للهلاك والدمار والفساد؛ لقول الله تبارك وتعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الروم ٤١]، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾ [الإسراء ١٦]، وقال الله تعالى يخاطب أشرفَ الخلْق وخير القرون: ﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ﴾ [آل عمران ١٦٥]، فالإنسان يُصاب بالمصائب من عند نفسه، ولهذا قال: ﴿دَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ﴾ أي: بسبب ذنبهم. ﴿فَسَوَّاهَا﴾ أي: عَمَّها بالهلاك حتى لم يَبْقَ منهم أحدٌ وأصبحوا في ديارهم جاثمين.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب