الباحث القرآني

(...) نبتدئ هذا اللقاء بتكميل الكلام على سورة البلد، حيث وقفنا على قول الله تبارك وتعالى: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ﴾ [البلد ١١ - ١٣] إلى آخر السورة. ﴿فَلَا اقْتَحَمَ﴾ أي: الإنسان الذي كان يقول: أهلكتُ مالًا لُبَدًا ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾ [البلد ١١] يعني: هلَّا اقتحم العقبة. والاقتحام هو التجاوز بمشقَّة، تجاوُز الشيءِ بمشقَّةٍ يُسَمَّى اقتحامًا، والعَقَبةُ هي الطريق في الجبل الوعر، ولا شك أن اقتحام هذه العَقَبة لا شك أنه صعبٌ شاقٌّ على النفوس، لا يقوم به إلا مَن كان عنده نِيَّةٌ صادقةٌ في تجاوُز هذه العَقَبة. ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ﴾ [البلد ١٢] هذا الاستفهام للتشويق والتفخيم أيضًا؛ يعني: ما الذي أَعلمك شأنَ هذه العَقبة التي قال الله عنها: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾؟ بيَّنَها الله بقوله: ﴿فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [البلد ١٣ - ١٧] إلى آخره. فقوله: ﴿فَكُّ رَقَبَةٍ﴾ [البلد ١٣] هي خبرٌ لمبتدأ محذوف، والتقدير: هي فكُّ رقبةٍ. وفكُّ الرقبة له معنيان: المعنى الأول: فَكُّها من الرِّقِّ، بحيث يُعتق الإنسانُ العبيدَ المملوكين سواءٌ كانوا في مُلكه فيُعتقهم أو كانوا في مُلك غيره فيشتريهم ويُعتقهم، هذا نوع. النوع الثاني: فكُّ رقبةٍ من الأَسْر؛ فإنَّ فكاك الأسير من أفضل الأعمال إلى الله عز وجل، والأسير ربما لا يفكُّه العدوُّ إلا بفِديةٍ ماليَّةٍ، وربما تكون هذه الفِدية فِديةً باهظةً كثيرةً لا يقتحمها إلا مَن كان عنده إيمانٌ بالله عز وجل بأنْ يُخلِف عليه ما أنفق وأنْ يُثيبه على ما تصدَّق. فصار فكُّ الرقبة له معنيان: المعنى الأول: فكُّ الرقبة من الرِّقِّ بحيث يحرِّرها؛ إنْ كانت في مُلكه ففي مُلكه، وإلَّا اشتراها وحرَّرها. والثاني: فكُّ الرقبة من الأَسْر.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب