الباحث القرآني
الحمد لله رب العالمين، وأصلِّي وأسلم على نبيِّنا محمدٍ خاتم النبيين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أمَّا بعدُ فهذا هو المجلس الثالث والستون، بل هذا هو اللقاء الثالث والستون من اللقاءات التي تتمُّ في كل يوم خميس من كل أسبوع، وهذا الخميس هو الثامن والعشرون من شهر محرم عام خمسة عشر وأربع مئةٍ وألف، نبتدئ هذا اللقاء بما اعتدناه من تفسير شيءٍ من آيات الله الكريمة، حيث انتهى بنا المطاف إلى قول الله تبارك وتعالى: ﴿هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ﴾ [الفجر ٥].
قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (٦) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ﴾ [الفجر ٦، ٧] الخطاب هنا لكل من يوجَّه إليه هذا الكتابُ العزيزُ وهم البشر كلُّهم، بل والجنُّ أيضًا.
﴿أَلَمْ تَرَ﴾ أيها المخاطَب ﴿كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (٦) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ﴾ يعني: ما الذي فَعَلَ بهم. وعادٌ قبيلةٌ معروفةٌ في جنوب الجزيرة العربية، أرسلَ الله تعالى إليهم هودًا عليه الصلاة والسلام فبلغهم الرسالة، ولكنهم عَتَوْا وبَغَوْا وقالوا: مَن أشدُّ منَّا قوةً، قال الله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾ [فصلت ١٥]، فهُم افتخروا في قوَّتهم، ولكن الله بيَّن أنهم ضعفاء أمام قوَّة الله، ولهذا قال: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ﴾، ولم يقُل: أن الله أشدُّ منهم قوة، بل قال: ﴿الَّذِي خَلَقَهُمْ﴾ ليبيِّن ضَعْفهم وأنه جل وعلا أقوى منهم، لأن الخالق أقوى من المخلوق، ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (١٥) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ (١٦)﴾ [فصلت ١٥، ١٦].
هنا يقول: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ﴾ الذي فَعَل بهم أنه أرسلَ عليهم الريحَ العقيمَ ﴿سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ [الحاقة ٧]، ﴿فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ﴾ [الأحقاف ٢٥]، وهذا الاستفهام الذي لَفَتَ الله فيه النظر إلى ما فعل بهؤلاء يُراد به الاعتبار؛ يعني: اعتبرْ أيها المكذِّب للرسول محمد ﷺ بهؤلاء كيف أُذيقوا هذا العذاب، وقد قال الله تعالى: ﴿وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾ [هود ٨٣].
وقوله: ﴿إِرَمَ﴾ هذه وصْفٌ للقبيلة، وقيل: اسمٌ للقرية، وقيل غير ذلك، فسواءٌ كانت اسمًا للقبيلة أو اسمًا للقرية فإن الله تعالى نكَّل بهم نكالًا عظيمًا مع أنهم أقوياء.
وقوله: ﴿ذَاتِ الْعِمَادِ (٧) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ﴾ [الفجر ٧، ٨] يعني: أصحاب العماد؛ الأبنية القوية ﴿الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ﴾، ﴿لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا﴾ أي: لم يُصنع مثلُها في البلاد لأنها قويةٌ محكمةٌ، وهذا هو الذي غرهم ﴿وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾.
وفي قوله تعالى: ﴿لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ﴾ مع أن الذي صَنَعها الآدميُّ دليلٌ على أن الآدميَّ قد يوصَف بالْخَلْق فيقال: خَلَق كذا، ومنه قول النبي عليه الصلاة والسلام في المصوِّرين: «يُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٩٥١)، ومسلم (٢١٠٨ / ٩٧)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.]]، لكن الخلْق الذي يُنسب للبشر، بل الخلْق الذي يُنسب للمخلوق ليس هو الخلْق المنسوب إلى الله؛ الخلْق المنسوب إلى الله إيجادٌ بعد عَدَمٍ وتحويلٌ وتغييرٌ، أمَّا الخلْق المنسوب لغير الله فهو مجرَّد تحويل وتغيير، وأضربُ لكم مثلًا: هذا البابُ من خشب، مَن الذي خَلَقَ الخشب؟ الله، لا يمكن للبشر أن يخلقوه، لكن البشر يستطيع أن يحوِّل جذوعَ الخشب وأغصانَ الخشب إلى أبواب، إلى دواليب، وما أشبه ذلك، فالخلْق المنسوب للمخلوق ليس هو الخلْق المنسوب للخالق، الفرق؟ أجيبوا.
* طالب: تحويل، الخلق المنسوب..
* الشيخ: الخلق المنسوب للخالق إيجاد من عَدَم، وهذا لا يستطيعه أحدٌ، والمنسوب للمخلوق تغيير وتحويل؛ يحوِّل الشيء من صفة إلى صفة، أمَّا أن يغيِّر الذوات بمعنى يجعل الذهبَ فضةً، أو الفضةَ حديدًا، أو ما أشبهَ ذلك، فهذا مستحيلٌ لا يمكن إلا لله وحده لا شريك له.
{"ayahs_start":6,"ayahs":["أَلَمۡ تَرَ كَیۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ","إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ","ٱلَّتِی لَمۡ یُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِی ٱلۡبِلَـٰدِ"],"ayah":"ٱلَّتِی لَمۡ یُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِی ٱلۡبِلَـٰدِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق