الباحث القرآني

الحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. أمَّا بعد، فهذا هو اللقاء الأخير في شهر صفر عام خمسة عشر وأربع مئة وألف من اللقاء المعروف بـ (لقاء الباب المفتوح) والذي يكون كل يوم خميس من كل أسبوع، وهذا اليوم هو اليوم السابع والعشرون من شهر صفر، وكان من عادتنا أن نتكلم على تفسير شيءٍ من آيات الله، وقد انتهينا إلى قوله تبارك وتعالى: ﴿كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى﴾ [الفجر ٢١ - ٢٣]، فيذكِّر الله سبحانه وتعالى الناسَ بيوم القيامة، ﴿إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا﴾ دَكّ، حتَّى لا ترى فيها عِوَجًا ولا أَمْتًا، تُدَكُّ الجبال، ولا بناء، ولا أشجار، تُمَدُّ الأرض كمَدِّ الأديم، يكون الناس عليها في مكانٍ واحدٍ، يُسمعهم الداعي وينفذُهم البصر، في هذا اليوم ﴿يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (٢٣) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾ [الفجر ٢٣ - ٢٤]، ولكن قد فات الأوان، إلَّا أننا اليوم في مجال العمل، في زمن الْمُهلة، يمكن للإنسان أن يكتسب لمستقرِّه، كما قال مؤمن آل فرعون: ﴿يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ﴾ [غافر ٣٩]، متاعٌ يتمتَّع به الإنسان كما يتمتَّع المسافر بمتاع السفر حتى ينتهي سفره، فهكذا الدنيا. واعتبِرْ يا أخي، اعتبِرْ ما يُستقبل بما مضى، كلُّ ما مضى كأنه ساعةٌ من نهار، كأننا الآن مخلوقون، فكذلك ما يُستقبل سوف يمرُّ بنا سريعًا ويمضي جميعًا، وينتهي السفر إلى مكانٍ آخَر ليس مستقَرًّا، إلى الأجداث، إلى القبور، ومع هذا فإنها ليست محلَّ استقرار؛ لقول الله تعالى: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ [التكاثر ١، ٢]، سمع أعرابيٌّ رجلًا يقرأ هذه الآية فقال: واللهِ ما الزائرُ بِمُقيمٍ، ولا بدَّ من مفارقةٍ لهذا المكان. وهذا استنباطٌ قويٌّ وفهمٌ جيِّدٌ يؤيِّده الآيات الكثيرة الصريحة في ذلك كما في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ﴾ [المؤمنون ١٥، ١٦].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب