الباحث القرآني

قال الله تبارك وتعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (٦) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (٧) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (٨) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ﴾ [الفجر ٦ - ٩]. قال: ﴿وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ﴾ [الفجر ١٠] فرعون هو الذي أرسلَ الله إليه موسى عليه الصلاة والسلام، وكان قد استذلَّ بني إسرائيل في مصر يُذَبِّح أبنائهم ويستحيي نساءهم. وقد اختلف العلماء في السبب الذي أدَّى به إلى هذه الفعلة القبيحة، لماذا يُقَتِّل الأبناءَ ويُبقي النساء؟ فقال بعض العلماء: إنَّ كَهَنَتَهُ قالوا له: إنه سيُولَد في بني إسرائيل رجلٌ يكون هلاكك على يده، فصار يُقَتِّل الأبناء ويستبقي النساء. ومن العلماء مَن قال: إنه فَعَلَ ذلك من أجْل أن يُضعِف بني إسرائيل؛ لأن الأُمَّة إذا قُتِّلتْ رجالُها واستُبقِيتْ نساؤها ذلَّتْ بلا شك. فالأول تعليلُ أهلِ الأثر، والثاني تعليلُ أهلِ النَّظَر؛ أهل العقل، ولا يَبْعد أن يكون الأمرانِ جميعًا قد صارا علةً لهذا الفعل، ولكن بقدرة الله عز وجل أن هذا الرجل الذي كان هلاكُ فرعون على يده تَرَبَّى في نفس بيت فرعون، فإنَّ امرأة فرعون التقطتْه وربَّتْه في بيت فرعون، فرعون استكبرَ في الأرض وعلا في الأرض، وقال لقومه: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات ٢٤]، وقال لهم: ﴿مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [القصص ٣٨]، وقال لهم: ﴿أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ﴾ [الزخرف ٥٢] يعني موسى ﴿وَلَا يَكَادُ يُبِينُ﴾ [الزخرف ٥٢]، قال الله تعالى: ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ﴾ [الزخرف ٥٤]، وتعلمون أنه قال لقومه مقرِّرًا لهم: ﴿أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ [الزخرف ٥١] افتخر بالأنهار وهي مياه، فأُغرِقَ بالماء. ﴿وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ﴾ أي: ذي القوة؛ لأن جنوده كانوا له بمنزلة الوتد، والوتد كما نعلم تُربَط به حبالُ الخيمة فتستقِرُّ وتَثْبت، فله جنودٌ، أُمَمٌ عظيمةٌ ما بين ساحرٍ وكاهنٍ وغيرِ ذلك، لكن الله سبحانه وتعالى فوق كلِّ شيء.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب