الباحث القرآني
ثم قال عز وجل لَمَّا بيَّن من آياته هذه الآيات الأربع: الإبل، والسماء، والجبال، والأرض، قال لنبيِّه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ﴿فَذَكِّرْ﴾ [الغاشية ٢١] أَمَره الله أن يُذَكِّر، ولم يُخَصِّص أحدًا بالتذكير؛ أي: لم يقُل: ذَكِّرْ فلانًا وفلانًا، فالتذكير عامٌّ؛ لأنَّ الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بُعِث إلى الناس كافَّة؛ ذَكِّرْ كلَّ أحدٍ في كلِّ حالٍ وفي كلِّ مكانٍ، فذَكَّرَ النبيُّ عليه الصلاة والسلام، وذَكَّرَ خلفاؤه مِن بعده الذين خَلَفوه في أُمَّته في العلم والعمل والدعوة، ذَكَّروا، ولكنْ هذه الذِّكرى هل ينتفع بها كلُّ الناس؟
الجواب: لا، ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الذاريات ٥٥]، أمَّا غير المؤمن فإنَّ الذِّكرى تُقيم عليه الحُجَّة لكن لا تنفعه، لا تنفع الذِّكرى إلا المؤمن، ونقول: إذا رأيتَ قلبَك لا يتذكَّر بالذِّكرى فاتَّهِمْه بأيش؟ بعدم الإيمان؛ لأنَّ الله يقول: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾، فإذا ذُكِّرتَ ولم تجد من قلبك تأثُّرًا وانتفاعًا فاتَّهِمْ نفسَك واعلمْ أنَّ فيك نَقْصَ إيمانٍ؛ لأنَّه لو كان إيمانُك كاملًا لانتفعتَ بالذِّكرى، لا بدَّ أن تنفع المؤمن.
﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ﴾ [الغاشية ٢١] يعني أنَّ محمدًا عليه الصلاة والسلام ليس إلا مُذَكِّرًا مُبَلِّغًا، وأمَّا الهداية فبيَدِ مَن؟ بيَدِ الله؛ ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [البقرة ٢٧٢]، وقد قام صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالذِّكرى والتذكير إلى آخِر رَمَقٍ في حياته، حتى إنَّه في آخِر حياته يقول: «الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ»[[أخرجه ابن ماجه (١٦٢٥) من حديث أم سلمة.]]، حتى جعل يغرغر بها عليه الصلاة والسلام، فذَكَّرَ صلوات الله وسلامه عليه منذ بُعِث وقيل له: ﴿قُمْ فَأَنْذِرْ﴾ [المدثر ٢] إلى أن توفَّاه الله، لم يألُ جهدًا في التذكير في كلِّ موضع في كلِّ زمان على ما أصابه من الأذى من قومه ومن غير قومه، والذي قرأ منكم التاريخ؛ السيرة النبوية، يعرف ما جرى له من أهل مكة، من قومه الذين هم أقربُ الناسِ إليه، والذين كانوا يعرفونه، ويسمُّونه بالأمين يُلقِّبونه بذلك ويثقون به، حتى حكَّموه في وضْع الحجر الأسود في الكعبة؛ حينما هدموا الكعبة ووصلوا إلى حدِّ الحجر قالوا: مَن ينصب الحجر؟ فتنازعوا بينهم، كلُّ قبيلةٍ تقول: نحن الذين نتولَّى وضْعَ الحجر في مكانه، حتى جاء النبيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم وحكَّموه فيما بينهم، وأَمَر أن يوضَع رداءٌ وأن يمسك كلُّ واحدٍ من هذه القبائل بطرفٍ من هذا الرداء حتى يرفعوه، فإذا حاذَوْا محلَّه أَخَذه هو بيده الكريمة ونَصَبه في مكانه[[أخرجه أبو داود الطيالسي (١١٥)، والبيهقي في السنن (٩٢٠٨) والدلائل (٤١٥)، من حديث علي بن أبي طالب.]]، فكانوا يسمُّونه الأمين، لكنْ لَمَّا أكرمه الله تعالى بالنبوة انقلبت المعايير فصاروا يقولون: إنَّه ساحرٌ، وكاهنٌ، وشاعرٌ، ومجنونٌ، وكذَّابٌ، ورَمَوه بكلِّ سبٍّ، فالرسول عليه الصلاة والسلام يُذَكِّر، وليس عليه إلا التذكير.
ومن هنا نأخذ أنَّنا نحن لا يجب علينا أن نهدي الخلْق، ولا يمكننا أن نهدي الخلق أبدًا، لا يمكن أن نهدي أقربَ الناسِ إلينا؛ ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص ٥٦]، فلا نجزع إذا ذكَّرْنا إنسانًا ووجدناه يعاند أو يخاصم أو يقول: ما عليك منه، أو: أنا بأعمل ما شئتُ، أو ما أشبه ذلك؛ قال الله تعالى لنبيِّه: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء ٣] لا تُهلك نفسَك إذا لم يؤمنوا، إيمانهم لهم وكُفرهم ليس عليك، ولهذا قال: ﴿لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ﴾ [الغاشية ٢٢] يعني: ليس لك سُلطة عليهم ولا سيطرة عليهم، لِمَن السُّلطة والسيطرة؟ لله ربِّ العالمين، أنت عليك البلاغ بَلِّغْ، عليك أن يعمل الناس بذلك؟ لا، هذا إلى الله عز وجل، والسلطان والسيطرة لله.
{"ayahs_start":21,"ayahs":["فَذَكِّرۡ إِنَّمَاۤ أَنتَ مُذَكِّرࣱ","لَّسۡتَ عَلَیۡهِم بِمُصَیۡطِرٍ"],"ayah":"فَذَكِّرۡ إِنَّمَاۤ أَنتَ مُذَكِّرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











