الباحث القرآني

نبدأ هذا المجلس بتفسير سورة الغاشية، يقول الله عز وجل: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ [الغاشية ١]، والبسملة آيةٌ من كتاب الله مستقلَّة، ليستْ من السورة التي قبلها ولا من السورة التي بعدها، بل هي آيةٌ مستقلَّة، ولهذا كان القول الراجح أنها ليست من الفاتحة، وأنَّ أول الفاتحة هو ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، وهلُمَّ جرًّا. يقول الله تعالى: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ الخِطاب إمَّا للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإمَّا لكلِّ مَن يصحُّ خطابُه، وهذا يأتي في القرآن كثيرًا؛ يوجِّه الله الخطابَ ويكون للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو لكلِّ مَن يتأتَّى خطابُه ويصحُّ خطابُه، إلا أنَّه أحيانًا يتعيَّن أن يكون للرسول عليه الصلاة والسلام؛ مثل ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ [الشرح ١] هذا لا يمكن أن يكون إلا للرسول عليه الصلاة والسلام، ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ [المائدة ٦٧] هذا لا يمكن أن يكون إلا للرسول ﷺ. وأحيانًا يترجَّح العموم؛ مثل ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [الطلاق ١]، فهذا أول الخطاب للنبي عليه الصلاة والسلام، وآخره ﴿إِذَا طَلَّقْتُمُ﴾ عامٌّ. فقوله: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ يجوز أن يكون الخطاب موجَّهًا للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وحده وأُمَّتُه تَبَعٌ له، ويجوز أن يكون عامًّا لكلِّ مَن يتأتَّى خطابهم. والاستفهام هنا للتشويق، فهو كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الصف ١٠]، ويجوز أن يكون للتعظيم؛ لعِظَم هذا الحديث عن الغاشية. ﴿حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ أي: نَبَؤُها، فالغاشية هي الداهية العظيمة التي تَغْشى الناسَ، وهي يوم القيامة التي تحدَّث الله عنها في القرآن كثيرًا ووَصَفها بأوصافٍ عظيمة؛ مثل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾ [الحج ١، ٢].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب