الباحث القرآني
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد وعلى آله وأصحابه ومَن تَبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
نفتتح لقاءنا هذا، وهو اللقاء الثاني من شهر ربيع الثاني، يوم الخميس الحادي والعشرين من شهر ربيع الثاني عام أربعة عشر وأربع مئة وألف، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك لنا جميعًا في أعمارنا وأعمالنا، وأن يجعل خير أعمارنا آخرها، وخير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا وأسعدها يوم نلقاه.
هذه اللقاءات المباركة بين الناس، بين العلماء وطلبة العلم، وبين طلبة العلم وعوامِّ الناس، لا شكَّ أنها لقاءاتٌ خَيِّرةٌ نافعةٌ، تجعل الناسَ يستبصرون في دينهم، ويتآلفون فيما بينهم، ويشكو بعضهم إلى بعضٍ حوائجَه ونوائبَه، ولا غرابة في ذلك؛ فإنَّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٤٤٦)، ومسلم (٢٥٨٥ / ٦٥)، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.]]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ»[[أخرج البخاري (٦٠١١)، ومسلم (٢٥٨٦ / ٦٦) واللفظ له، عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «مَثَل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مَثَل الجسد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمَّى».]]. وهذا هو الواجب في حقِّ الأُمَّة الإسلامية أن تكون جسدًا واحدًا، إذا تألَّم منه عضو تألَّم سائر الجسد له حتى يبرأ ويهدأ، وكذلك يجب أن يكونوا كالبُنيان يشدُّ بعضُه بعضًا، وشبَّك النبيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين أصابعه إشارةً إلى أنَّ البنيان كلَّما تراصَّ وتلاءم كان أقوى له.
لقاءاتُنا هذه -ولله الحمد- فيها بركة، يستفيد منها الحاضرون، ويستفيد منها المستمعون، ويستفيد منها السامعون بما منَّ الله به علينا في هذا الزمن من تسهيل الأشرطة المنتشرة بين الناس؛ يكون الإنسانُ قائدًا لسيارته وهو يستمع إلى الشيخ يحدِّثه بدون تعبٍ وبدون مَلَل، ويكون الإنسانُ مضطجعًا في فراشه وهو يستمع إلى العلم، كلُّ هذا بما منَّ الله به علينا من هذه الأشرطة، ولذلك نرى -ولله الحمد- آثارَ هذه الأشرطة في البيوت، في الصغار والكبار والنساء والرجال، وهذا لا شكَّ أنه من الخير والبركة.
ومن عادتنا أنَّنا نفتتح اللقاء بالكلام على آياتٍ من القرآن الكريم ابتدأناها بسورة النبأ حتى وصلنا إلى سورة البروج، واخترنا هذا الجزء لأنَّه يَكثر سماعه من الناس في الصلوات، والقرآنُ الكريمُ لم ينزل لمجرَّد التلاوة، بل نزل للتلاوة وللتدبُّر وللتذكُّر؛ كما قال تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [ص ٢٩]، وكان الصحابة رضي الله عنهم لا يتجاوزون عشر آياتٍ حتى يتعلَّموها وما فيها من العلم والعمل[[أخرج الطحاوي في مشكل الآثار (١٤٥٢) عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: كان أصحابُنا يُقرئونا ويعلِّمونا ويخبرونا أنَّ النبي ﷺ كان يُقرِئ أحدَهم عشر آياتٍ فما يَجُوزها حتى يتعلَّم العمل فيها. قال: وقالوا: علمنا القرآنَ والعملَ جميعًا.]].
والذي ليس حظُّه من القرآن إلا التلاوة هو أُمِّيٌّ في الحقيقة؛ كما قال الله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ﴾ [البقرة ٧٨] أي: إلا قراءةً، فوصَفهم الله بأنهم أُمِّيُّون مع أنهم يقرؤون، فلا بدَّ من أن يتعلَّم المسلمون معانِيَ القرآن؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه الذي يُسَمَّى مقدمة في علم التفسير، قال: إنَّ الناس لو جُعِل لهم كتابٌ يدرسونه في الطب أو في أيِّ علمٍ كان، فلا بدَّ أن يفهموا معناه حتى يستفيدوا منه، فإذا كان هذا في الكتب العلمية التي هي من كلام البشر، فكيف بأمِّ العلم وأصل العلم الذي هو من كلام الله عز وجل؟! هو أَوْلى وأجدر أن نعتني به وأن نعرف معناه وتفسيره، ونتلقَّاه من أئمة التفسير الذين عُرِفوا بصحَّة العقيدة وسلامة المنهج.
وقفنا على سورة البروج، قال الله سبحانه وتعالى: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (١) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ﴾ [البروج ١، ٢].
البسملة آيةٌ مستقلَّةٌ في الكتاب العزيز ليست من السورة التي قبلها ولا من السورة التي بعدها، يؤتَى بها في أول كلِّ سورة إلا سورة (براءة)، فإنَّ الصحابة رضي الله عنهم لم يكتبوها في هذه السورة فبقيتْ بدون بسملة، وما اشتهر عند العوامِّ من أنَّ الجنَّ اختطفوا بسملة سورة (براءة) فهذا لا شكَّ أنَّه باطلٌ؛ لأنَّ الله يقول: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر ٩]، ولا يمكن أن يُسَلَّط عليه الشياطين أو الجن حتى يختطفوا منه، بل إنَّ الله تعالى حماه حين نزوله وحماه بعد نزوله، وما ذُكِر عن بعض العلماء أنَّها لم يُذكَر فيها البسملة لأنَّها نزلتْ بالسيف ففيها الأمر بقتال المشركين، فهذا أيضًا غير صحيح؛ لأنَّ البسملة بركة، والجهاد في سبيل الله من أعظم ما يُطلَب فيه البركة. على كلِّ حالٍ هي آيةٌ مستقلَّةٌ في أول كلِّ سورةٍ إلا سورة (براءة).
وليستْ من الفاتحة على القول الراجح الذي دلَّ عليه الحديث القدسي، وهو قوله تبارك وتعالى فيما رواه عنه نبيُّه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: «قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَإِذَا قَالَ:» ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ «قَالَ: حَمِدَنِي عَبْدِي ...» إلى آخر الحديث، وهذا يدلُّ على أنَّ البسملة ليستْ من الفاتحة، وكذلك أول ما نزل على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم سورة (اقرأ)، أقرَأَه إيَّاها جبريلُ ولم يكن فيها (بسم الله الرحمن الرحيم)، فدلَّ هذا على أنها ليست من السورة.
قوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ﴾ [البروج ١] الواو هذه حرف قَسَم؛ يعني يُقسم الله تعالى بالسماء ذاتِ البروج؛ أي: صاحبة البروج.
والبروج هي جمع بُرج، وهو المجموعة العظيمة من النجوم، وسُمِّيتْ بُروجًا لعُلُوِّها وارتفاعها وظهورها وبيانها، والبروج عند الفلكيِّين اثنا عشر بُرجًا جُمِعتْ في قول الناظم:
؎حَمْلٌ فَثَوْرُ فَجَوْزَاءُ فَسَرْطَانُ ∗∗∗ فَأَسَـــــــــدٌ سُنْبُـــــــــلَةٌمِـــيـــــــــزَانُ؎فَعَقْرَبٌ قَـوسٌ فَجَدْيٌ وَكَـذَا ∗∗∗ دَلْوٌ وَذِي آخِــــرُهَا الْحِــــيتَانُ
فهي اثنا عشر برجًا؛ ثلاثةٌ منها للربيع، وثلاثةٌ للصيف، وثلاثةٌ للخريف، وثلاثةٌ للشتاء. فيُقسِم الله تعالى بالسماء ذاتِ البروج، وله تعالى أن يُقسم بما شاء من خَلْقه، أمَّا نحن فلا نُقسم إلا بالله؛ بأسمائه وصفاته، ولا نُقسم بشيءٍ من المخلوقات؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ»[[أخرجه البخاري (٢٦٧٩) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.]]، ولقوله: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ» أو: «أَشْرَكَ»[[أخرجه الترمذي (١٥٣٥) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.]].
﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ﴾ إذَنْ ﴿ذَاتِ الْبُرُوجِ﴾ أي: صاحبة البروج، وهي المجموعة العظيمة من النجوم، وفي السماء اثنا عشر برجًا.
{"ayah":"وَٱلسَّمَاۤءِ ذَاتِ ٱلۡبُرُوجِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق