الباحث القرآني

نبدأ كالعادة بالكلام على ما تيسَّر من كتاب الله سبحانه وتعالى، ونحن قد انتهينا من سورة النبأ إلى آخر المطففين. يقول الله عز وجل: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾ [الانشقاق ١]، وقد تقدَّم الكلام على البسملة، وبيَّنَّا أنَّ البسملة آيةٌ من كتاب الله مستقلَّةٌ ليست من السورة التي قبلها ولا من السورة التي بعدها، وإنما يؤتى بها في ابتداء السُّوَر إلا سورة (براءة)، وليست آيةً من الفاتحة وإن كان الموجود في المصاحف أنها آية، ولكن القول الراجح وهو مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وعليه عامَّة أصحابه أنها ليست آيةً من الفاتحة، وهو الذي دلَّ عليه حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ حيث قال النبي عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن الله: «قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ؛ فَإِذَا قَالَ» ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ «قَالَ: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ:» ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ «قَالَ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ:» ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ «قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ:» ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ «قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَإِذَا قَالَ:» ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ «قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ»[[أخرج مسلم (٣٩٥ / ٣٨) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «قال الله تعالى: قسمتُ الصلاةَ بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ قال الله تعالى: أثنى عليَّ عبدي، وإذا قال: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ قال: مجَّدني عبدي، وقال مرَّة: فوض إليَّ عبدي، فإذا قال: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ قال: هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل».]]. وعلى هذا تكون الآية الأولى ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، والثانية ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، والثالثة ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾، والرابعة ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾، والخامسة ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾، والسادسة ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾، والسابعة ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾. وهذا كما أنَّه الموافق لِمَا دلَّتْ عليه السُّنَّة فهو الموافق أيضًا للسورة لفظًا ومعنًى؛ أمَّا لفظًا فالآيات الثلاث الأولى كلُّها لِحَقِّ الله عز وجل، والآيات الثلاث الأخيرة كلُّها لِحَقِّ الإنسان ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾، كلُّها لِحَقِّ الإنسان، والآية الرابعة الوسطى بين الله وبين العبد، هذا هو القول الراجح في الفاتحة أنها سبع آيات أولها ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. أمَّا السورة التي نبتدئ بها الآن فهي قوله تعالى: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾، ﴿انْشَقَّتْ﴾ انفتحت وانفرجت؛ كقوله تعالى: ﴿وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ﴾ [المرسلات ٩]، وكقوله تعالى: ﴿فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (٣٧) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٣٨) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ﴾ [الرحمن ٣٧ - ٣٩]، إذَن فانشقاقها يوم القيامة، ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾. ﴿ ﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب