الباحث القرآني

﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ (٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ [المطففين: ٩، ١٠]. ﴾﴿وَيْلٌ﴾ سبق الكلام عليها في هذه السورة وقُلنا: إنها كلمةُ وعيدٍ يتوعَّد الله بها مَن يستحقُّ الوعيد، وهي كثيرة في القرآن الكريم. ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٠) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ﴾ [المطففين ١٠، ١١] والكلام كلُّه في يوم الدين من أول السورة إلى آخرها، كلُّه في يوم الدين والجزاء، هؤلاء الذين يكذِّبون بيوم الدين توعَّدهم الله بالويل؛ لأنَّ هؤلاء المكذِّبين بيوم الدين لا يمكن أن يستقيموا على شريعة الله، لا يستقيم على شريعة الله إلا مَن آمَن بيوم الدين؛ لأنَّ مَن لم يؤمن به وإنما آمَن بالحياة فقط فهو لا يهتمُّ بما وراءها ولا يعمل لذلك، وإنما يبقى كالأنعام؛ ﴿يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ﴾ [محمد ١٢]. ولهذا أظنُّكم تعلمون معي أنَّ الله يَقْرن الإيمانَ به بالإيمان باليوم الآخِر دائمًا؛ لأنَّ الإيمان بالله ابتداء، والإيمان باليوم الآخِر انتهاء، فتؤمن بالله ثم تعمل لليوم الآخِر الذي هو المقرُّ، فهؤلاء -والعياذ بالله- كذَّبوا بيوم الدين، ومَن كذَّب به لا يمكن أن يعمل له أبدًا؛ لأنَّ العمل مبنِيٌّ على عقيدة، إذا لم يكن عندك عقيدة فكيف تعمل؟! ولهذا قال: ﴿وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ﴾ [المطففين ١٢] يعني: ما يكذِّب بيوم الدين ويُنكره ﴿إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ﴾ أي: مُعْتدٍ في أفعاله أثيمٍ في أقواله، وقيل: مُعْتدٍ في أفعاله أثيمٍ في كَسْبه؛ أي إنَّ مآله إلى الإثم، والمعنيان متقاربان، المهمُّ أنَّه لا يمكن أن يكذِّب بيوم الدين إلا رجلٌ معتدٍ أثيمٌ آثمٌ كاسبٌ للآثام التي تؤدِّي به إلى نار جهنَّم، نعوذ بالله.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب