الباحث القرآني
ثم قال: ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ [الأنعام ٤٩]، هذا القسم الثاني من الذين أرسل إليهم الرسل، القسم الأول الذي آمن وأصلح، الثاني: ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ أي: رَدُّوها ولم يقبلوها.
﴿يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ [الأنعام ٤٩]، ﴿يَمَسُّهُمُ﴾ أي: يصيبهم إصابة مباشرة، كمَسِّ الجسم للجسد، ﴿يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ﴾ أي: عقوبة الله عز وجل.
﴿بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ أي: بما كانوا يخرجون عن طاعة الله، والباء هنا للسببية، أي: بكونهم، و(ما) مصدرية، ويُقَدَّر الكلام بكونهم يفسقون.
* في هذه الآية الكريمة فوائد، منها: منَّة الله عز وجل على عباده بإرسال الرسل، ولا بد من إرسال الرسل، يعني أن حكمة الله عز وجل تقضي بإرسال الرسل؛ لأن العقل البشري لا يستقلّ بمعرفة ما يجب لله من الأسماء، والصفات، والأحكام، ولا يمكن أن يستقل بمعرفة العبادات، فالناس مضطرون غاية الضرورة إلى الرسل، ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ [البقرة ٢١٣]: على دين واحد، فلما كفروا تفرقوا واختلفوا، ﴿فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ﴾، ﴿لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾ [البقرة ٢١٣].
* ومنها: أن رسالة الرسل تتضمن هذين الشيئين؛ وهما: البشارة، والإنذار، فلمن تكون البشارة، ولمن يكون الإنذار؟ تكون البشارة لمن أطاع واتبع الرسل، والإنذار لمن كذَّب بالعقوبة، يعني ينذَّر بعقوبة الله عز وجل.
* يتفرع على هذه الفائدة: أن الرسل عليهم الصلاة والسلام لم يأتوا بمجرد الأحكام، أي: بمجرد أن يقولوا: هذا حلال، هذا حرام، بل قَرَنُوا ذلك بالبشارة والإنذار؛ لأن البشارة تحمل الإنسان على فعل المأمور، أليس كذلك؟ لأنك لو بشَّرت إنسانًا بأنه سيحصل على كنز في المكان الفلاني، تجده يسابق إليه، ويفعل ما يوصله إليه، الإنذار يحصل به البعد عن المعاصي، وعلى هذا تتركب دعوة الرسل.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الناس انقسموا في تقبُّل وقبول دعوة الرسل إلى قسمين: مؤمن، ومكذِّب.
* من فوائد الآية: حكمة الله عز وجل في انقسام الناس بالنسبة لقبول دعوة الرسل إلى قسمين: مؤمن عمل صالحًا، ومكذِّب، هذا من الحكمة، بل ومن الرحمة، لماذا؟ لأنه لو لم يكن كفر لم يُعرَف قدر الإسلام، ولهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيما يروى عنه: «إنه لا يَنقضُ الإسلامَ عروةً عروةً إلَّا مَن لم يعرفِ الكفرَ»[[رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (٣٣٠١٢)، والحاكم في مستدركه (٨٥٢٣)، ولفظه: قد علمْتُ وربِّ الكعبة متى تهلك العرب؛ إذا وُلِّيَ أمرَهم مَن لم يصحبِ الرسولَ ﷺ، ولم يعالج أمرَ الجاهلية.]]، من عرف الكفر ما يمكن ينقض الإسلام.
من رحمة الله وحكمة الله أن انقسم الناس إلى قسمين، لولا هذا الانقسام هل يحصل جهاد؟ لا، هل يحصل أمر بالمعروف ونهي عن منكر؟ لا، هل يحصل امتحان واختبار؟ لا؛ لأن الناس كلهم على وتيرة واحدة، حتى الإنسان لا يمكن أن (...) عن الناس، لكن إذا انقسموا إلى مؤمن وكافر حصل الامتحان والاختبار للمؤمن والكافر، فلا تظن أن الله عز وجل إذا أزاغ قلوب الكافرين أن في ذلك لَغوًا، بل هو عين الحكمة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن من جمع بين هذين الوصفين؛ الإيمان والإصلاح، فليبشر أنه لا خوف عليه ولا حزن عليه؛ لقوله: ﴿فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾.
فإن قال قائل: أليس المؤمنون المصلحون ينالهم خوف من الأعداء؟
فالجواب: بلى، ينالهم خوف من الأعداء، لكن ليس هذا هو الخوف المنفي في الآية؛ لأن هذا الخوف بعده أمن، ومع قوة الإيمان لا يرى المؤمن أن في هذا خوفًا، ولهذا نجد الصحابة رضي الله عنهم في جهادهم وقتالهم مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبعده أيضًا هم بأنفسهم يتلقون الموت بكل رحب وسعة.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: تشجيع الإنسان على الإيمان والعمل الصالح، والحث على ذلك بذكر عاقبة هذا المؤمن المصلِح، ﴿فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ﴾.
* ومن الفوائد في الآية الكريمة: أن الإيمان وحده لا يكفي، لا بد من إصلاح، ولكن هل نقول: إنه لمجرد الإفساد، أو مجرد ترك العمل الصالح يكون الإنسان كافرًا؟ نقول: نحن لا نستطيع أن نحكم على شخص بأنه كافر أو مؤمن إلا بدليل من الكتاب والسنة، من الذي يحكم بالكفر ويحكم بالإيمان؟ الله عز وجل ورسوله، نحن ليس لنا حق أن نقول: هذا كافر، ولا هذا مؤمن، إلا بدليل من الشرع.
ولذلك نعتب على أولئك الذين يرددون الأسئلة: هل الأعمال شرط في كمال الإيمان، أو شرط في أصل الإيمان؟ أو ما أشبه ذلك من العبارات، نقول: كل هذا لا حاجة إليه؛ لأن لدينا يا إخواننا أدلة واضحة؛ كفر من القرآن والسنة، إيمان من القرآن والسنة.
وإذا دار الأمر بين أن يكون هذا الرجل كافرًا أو مؤمنًا، وهو من المسلمين، فالأصل بقاء إسلامه، ولا يحل لنا أن نكفِّره، هل يمكن أن نجعل الأبيض أسود، أو الأسود أبيض؟ لا يمكن، كذلك الأحكام الشرعية، ما لنا حق أن نكفِّر أحدًا إلا بدليل، ولا أن نقول: هذا مؤمن، إلا بدليل، وبهذا نستريح من الخوض واللعب بآراء الناس وعقول الناس.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: القول بالمفهوم، وهو أن ﴿مَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾، ومن لم يكن كذلك فعليه الخوف والحزن.
* من فوائد الآية التي بعدها: أن التكذيب بآيات الله سبب للعقوبة؛ لقوله: ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾، وليُعْلَم أن آيات الله عز وجل تنقسم إلى قسمين: آيات شرعية، وآيات كونية؛ الآيات الشرعية ما جاءت به الرسل من شرائع الله؛ لأنك لو تأملت هذه الأحكام، سواء في الأمة الإسلامية، أو في الأمم السابقة، لوجدتها مطابقة تمامًا للحكمة والمصلحة، وأنه لو اجتمع كل أهل الأرض على أن يأتوا بمثل ذلك ما أتوا، قال الله عز وجل: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة ٥٠].
فلا تظن أن أي نظام أو قانون يُصْلِح من الخلق ما تُصْلِحه الشريعة الإسلامية، ولذلك ضلَّ أولئك القوم الذين ذهبوا إلى تحكيم القوانين الوضعية التي وضعها بشر، هذا البشر الذي وضعها أهو مُعَرَّض للخطأ أم لا؟ مُعَرَّض، ثانيًا: أهو محيط بجميع مصالح الخلق في جميع أقطار الدنيا؟ لا، أهو محيط بمصالح الخلق في جميع الأزمان المقبلة؟ لا، الأمور تتغير، إذن فلا يجوز الاعتماد على هذه القوانين، يجب أن تؤخذ القوانين من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأن الله تعالى أعلم بالخلق حالًا ومستقبلًا، ولأنه أرحم بالخلق، ولأنه أحكم الحاكمين، هذه الآيات الشرعية.
الآيات القدرية: الليل والنهار، يعني المخلوقات: الليل والنهار، الشمس والقمر، إحياء الأرض بعد موتها، وغير ذلك.
كيف يكون التكذيب بهذا وهذا؟ نقول: أما التكذيب بالشرائع فهو إما أن يكذِّب الأخبار، فيقول: هذا غير صحيح ما يدخل العقل ولا يمكن، وإما بتحريف النصوص؛ يحرِّف النص، مثل قول بعضهم: المراد بـ (استوى): استولى، والمراد باليد: القدرة، أو القوة، أو النعمة، وما أشبه ذلك، الحال الثالث الاستكبار عنها؛ لا يعمل بها.
أما آيات الله الكونية فإما أن ينسبها لغير الله، كما يفعل السببيون الملحدون الذين ينسبون الأشياء لأسبابها المحضة، ويرون أن السبب فاعل بنفسه، أو يقول: هي من الله ومعه غيره، هذا أيضًا تكذيب بآيات الله الكونية؛ لأنه شرك، أو يقول: هي لله وحده، لكن له معين، هذا أيضًا كفر بالآيات الكونية، فصارت الآيات الكونية هي المخلوقات كلها، والشرعية ما جاءت به الرسل من الوحي.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن هؤلاء المكذِّبين سيصيبهم العذاب مباشرة؛ لقوله: ﴿يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ﴾، وإن أفلتوا من العذاب في الدنيا لم يفلتوا منه في الآخرة.
* ومن فوائد الآية: إثبات الأسباب؛ لقوله: ﴿بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾، الباء للسببية، وإثبات الأسباب دل عليه العقل والسمع، ولا ينكره إلا أحمق، والقرآن مملوء من هذا، ولولا أننا في زمن اختبار قريب لطلبت منكم أن كل واحد يأخذ مثلًا نصف جزء ويأتي بالآيات التي فيها ذكر السبب؛ لأنه قد قيل: إن في القرآن أكثر من ألف دليل يدل على إثبات الأسباب، وهذا حقيقة، نفس القرآن سبب، قال الله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل ٤٤]، وقال: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾ [النساء ١٧٦]، لكن نظرًا لقرب الامتحانات أخشى أن يكون في هذا تكليف، توافقون على هذا؟ إن شاء الله في وقت آخر كل واحد مثلًا يأخذ نصف جزء خمس ورقات ويستنبط الآيات التي فيها الأسباب، وهي كثيرة جدًّا.
انقسم الناس في الأسباب إلى ثلاثة أقسام:
قسم جعلها مؤثِّرة بنفسها، وأنه متى وُجِدَ السبب لزم وجود المسبَّب، وهؤلاء هم الطبائعيون الذين لا يعترفون بالله عز وجل، ولا يخفى حكمهم أنهم أيش؟ كفرة.
القسم الثاني: أنكر الأسباب، أنكر تأثير الأسباب في مسبِّباتها، وقال: إن هذه الأسباب مجرد علامات فقط، وأن المسبَّب حصل عند السبب لا بالسبب، وهؤلاء ضلُّوا سمعًا وعقلًا، حتى إنه لو رمى إنسان زجاجة بحجر وصقعها، ثم تكسرت، فالحجر ما كسر الزجاجة، ليه؟ ما يجوز تقول: كسر الزجاجة، لو قلت هذا لكنت مشركًا –الله المستعان- وأنا لو قلت هذا لكنت موحِّدًا في الواقع، مُثْبِتًا لله الحكمة، هل يمكن لو تأتي صبيًّا والصبي ضرب الزجاجة وكسرها، هل يمكن أن يقول: أنا ما كسرتها، حصل كسر عند فعلي وليس بفعلي؟ أبدًا ما يمكن، ولكن أناس كبار ذوو عقول إدراك لا عقول رشد، يقولون: الأسباب، ما فيه أسباب، حصل الشيء عند السبب لا بالسبب.
القسم الثالث: أثبتوا الأسباب، لكن جعلوا تأثيرها في مسبَّباتها بما أودع الله فيها من القوى المؤثِّرة، وجعلوا الخالق أولًا وآخرًا هو الله عز وجل، قالوا: لو شاء الله لم تؤثِّر هذه الأسباب، فمثلًا: النار محرقة، لا إشكال، ولما أُلْقِي فيها إبراهيم عليه الصلاة والسلام قال الله لها: ﴿كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ [الأنبياء ٦٩]، فكانت بردًا وسلامًا، هل أثَّر هذا السبب في مُسَبَّبه؟ لا؛ لأن الله تعالى قال: ﴿كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا﴾ [الأنبياء ٦٩]، وهذا القول هو المتعيِّن، ولا أقول: الراجح فقط، هو المتعيِّن، وما سواه فهو ضلال باطل.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: أن الفسق يطلَق على الكفر؛ لقوله: ﴿بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾؛ لأنه قال الذين كذبوا بآياتنا كفار لا إشكال، التكذيب بالآيات كفر، قال: بما كانوا يفسقون، واقرأ قول الله تعالى في تنزيل السجدة: ﴿أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٩) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ [السجدة ١٩، ٢٠]، الفسق هنا إيه؟ كفر، وقد يطلَق الفسق على ما دون الكفر، وهذا هو المراد من كلام الفقهاء رحمهم الله، ومنه قول الله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ﴾ [الحجرات ٧]، فهنا الفسوق ما دون الكفر ولَّا الكفر؟ ما دون الكفر، يتعيَّن، وجه التعيُّن العطف على الكفر، والعطف يقتضي المغايرة.
* ومن فوائد الآية: تمام عدل الله عز وجل، حيث إنه لم يعذِّب هؤلاء إلا لأنهم استحقوا العذاب بفسقهم جزاءً وفاقًا.
فإن قال قائل: جاء في الحديث الصحيح: «إِنَّ اللهَ لَوْ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَرْضِهِ لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ»[[أخرجه أبو داود (٤٦٩٩)، وابن ماجه (٧٧) من حديث أُبَيِّ بن كعب.]]؟
فالجواب: لا إشكال في هذا، يعني أنه لو وقع تعذيب أهل الأرض والسماوات لكان هذا العذاب مستحَقًّا عليهم، وهو غير ظالم لهم، وليس المعنى أنه لو عذَّبهم بدون جرم لم يكن ظالمًا؛ لأن تعذيبهم بغير ظلم قد أحاله الله عز وجل ومنع منه نفسه، فقال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾ [هود ١١٧]، وقال: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [فصلت ٤٦]، لكن لو عذَّبهم لكانوا مستحِقِّين للعذاب، وبهذا يزول الإشكال في هذا الحديث.
* طالب: في الآية ذكرنا هنا أن الفسق يُطلَق على الكفر في بعض الفوائد، وأن الكفر يُطلَق على الفسق.
* الشيخ: والسؤال؟
* الطالب: السؤال قوله تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة ٤٤]، هل هذا تغير ألفاظ فقط؟
* الشيخ: تغير ألفاظ، وأين الألفاظ؟
* طالب: في الآية التي بعدها: ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [المائدة ٤٧].
* الشيخ: ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [المائدة ٤٥]، الظالمون ثم الفاسقون، إي نعم، وأيش الإشكال؟ هذه المسألة بعضهم يقول: إن هذا مُنَزَّل على أحوال؛ فمن كان حاكمًا بغير ما أنزل الله فهو كافر، ومن حكم بغير ما أنزل الله؛ لمحبته للعدوان والظلم وظلم الناس فهذا ظالم، ومن حكم بغير ما أنزل الله لا ردًّا لحكم الله، ولكن لأن نفسه تهواه، فهذا فاسق.
نضرب لهذا بثلاثة حكام: حاكم حكم بالقانون وردَّ حكم الله، وقال: لا نقبله، فهذا كافر، الثاني في نفسه شيء على شخص معين، وحكم عليه دون خصمه، هذا نصفه بأنه ظالم، والثالث حكم بغير ما أنزل الله، لا ردًّا لما أنزل الله، ولا إرادة للظلم، لكن تهواه نفسه، بمعنى حكم مثلًا لشخص بأن له الأرض الفلانية، وهو ما فيه ظلم، لكن تهواه نفسه؛ إما لصداقته له، أو لقرابته له، أو لأنه يقول: الأرض بيني وبينه، هذا نقول: إنه فاسق، فنُنَزِّلها على أحوال.
ومنهم من قال: إنها على حال واحدة، وأن الكافر فاسق وظالم، كما قال عز وجل: ﴿وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة ٢٥٤].
والأقرب عندي أنها مُنَزَّلة على أحوال؛ لأنه لو قلنا: إن الأوصاف هذه على موصوف واحد، صارت شبه مكررة.
* الطالب: جزاك الله خيرًا يا شيخ، الذين يستشهدون في هذه المسألة، أعني مسألة دخول الأعمال في الإيمان، هل نقول: إن عندهم شيء من التشبه بالخوارج؟
* الشيخ: هم بالحقيقة بحثهم هذا لا أصل له، لو أنهم سلكوا في الأحكام الشرعية ما سلكوه في أسماء الله وصفاته؛ ما ذكره الله لنفسه أثبتناه، وما نفاه عن نفسه نفيناه، وهنا نقول: من كَفَّره الله كَفَّرناه، ومن لم يُكَفِّره لم نُكَفِّره، وما أبلغ الناس إلى مثل هذا التأويل؛ هذا كفر مُخْرِج عن المِلَّة، وده يقول: غير مُخْرِج، حتى إن بعضهم أنكر ما ورد عن ابن عباس: «كفر دون كفر»[[أخرجه الحاكم في المستدرك (٣٢٥٨) من حديث عبد الله بن عباس.]]، وقال: هذه الرواية لا تثبت، وحققها بعض تلاميذنا وقال: إنها ثابتة، والعلماء كلهم ينقلون عن ابن عباس مُقِرِّين لها، مشهورة عنه.
{"ayah":"وَٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا یَمَسُّهُمُ ٱلۡعَذَابُ بِمَا كَانُوا۟ یَفۡسُقُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق