الباحث القرآني
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى ﴿إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ﴾ [الأنعام ٣٦] يستجيب ويجيب معناهما واحد.
والجملة فيها حصر، طريقه (إنما)، يعني: ما يستجيب لدعوتك يا محمد إلا الذين يسمعون.
والمراد بالسماع هنا: سماع الانقياد والقبول، وليس سماع الإدراك؛ لأن سماع الإدراك يدخل فيه البر والفاجر، والمؤمن والكافر. ويدل على ذلك -أي: على التفريق بين سماع القبول والإذعان وسماع الإدراك- قوله تبارك تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ﴾ [الأنفال ٢١] أي: لا يستجيبون وينقادون، يقول عز وجل: ﴿إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ﴾ (الذين) إعرابها فاعل (يستجيب).
﴿الَّذِينَ يَسْمَعُونَ﴾ ثم قال: ﴿وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ﴾ [الأنعام ٣٦] هذه جملة مستأنفة لا يصح أن تعطف على ما سبق ﴿وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ﴾.
الموتى: جمع ميت، وهل المراد موتى القلوب أو موتى الأجسام؟
في ذلك قولان للعلماء:
بعضهم قال: الموتى يبعثهم الله أي موتي القلوب، وهم الكفار يبعثهم الله فيجازيهم.
وبعضهم قال: الموتى موتى الأجساد يبعثهم الله؛ ردًّا على الذين ينكرون البعث.
وإذا كانت الآية تحتمل معنيين ليس أحدهما أظهر من الآخر، ولا منافاة بينهما فما القاعدة؟
أن تحمل عليهما جميعًا، فالموتى من هؤلاء الكفار سيبعثهم الله ويجازيهم. والموتى موتى الأجساد الذين فارقت أرواحهم أجسادهم سوف يبعثهم الله، فيكون في الآية تهديد ووعيد، ورد على من ينكرون البعث، ﴿يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ﴾ أي: يخرجهم من قبورهم يوم القيامة.
﴿ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ يعني: ثم بعد البعث يرجعون إلى الله عز وجل، ويكون أمرهم إلى الله تعالى، وفي ذلك الوقت ليس هناك مخاصم ولا مجادل.
في هذه الآية الكريمة حصر الاستجابة لدعوة الرسل بالذين أيش؟ يسمعون سماع إدراك ولّا سماع قبول وإذعان؟ سماع قبول وإذعان.
* ومن فوائد هذه الآية: أنهم كلما صار الإنسان أسمع لكلام الله ورسوله صارت استجابته أقوى، مأخوذ من القاعدة المعروفة: أن ما علق على وصف فإنه يزداد قوة بحسب هذا الوصف الذي علق عليه الحكم؛ مثال ذلك قوله عز وجل: ﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ [القصص ٢٦]، فكلما كان أقوى كان أخير وأنفع، وكذلك الأمان؛ كلما كان آمن فهو أخير، المهم من هذه القاعدة المفيدة: كل شيء علق على وصف فإنه يزداد قوة بحسب قوة ذلك الوصف.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: إثبات البعث، وهو -أعني الإيمان بالبعث- أحد أركان الإيمان الستة التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جبريل حينما قال: أخبرني عن الإيمان. قال: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ»[[أخرجه مسلم (٨ / ١) من حديث عمر بن الخطاب. ]].
* ومنها أيضًا: أن هؤلاء الكفار بمنزلة الموتى؛ وذلك لأنهم لا ينتفعون بما يسمعون، كما أن الميت لا ينتفع بما يسمع، جثة، فكذلك هؤلاء الكفار.
* ومنها: تهديد أولئك الكفار الذين لا يسمعون بأن الله سيبعثهم ثم يجازيهم.
* ومنها: قدرة الله عز وجل الكاملة، وذلك بالبعث، والبعث الذي يكون ليس يأتي كالإحياء شيئًا فشيئًا، فتجد البشر وغير البشر يخرج صغيرًا ثم ينمو حتى يأتي كاملًا، البعث يبعثون كلهم في لحظة واحدة، اقرأ قول الله عز وجل: ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات ١٣، ١٤]، وقال عز وجل: ﴿إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾ [يس ٥٣]، وقال عز وجل: ﴿وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ﴾ [القمر ٥٠].
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن المرجع في النهاية إلى الله عز وجل؛ لقوله: ﴿ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ [الأنعام ٣٦]، وهذا الرجوع فيه حصر، طريقه تقديم المعمول في قوله: ﴿إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾، وفائدة هذا التقديم -أعني تقديم المعمول في هذه الآية- لفظية ومعنوية:
أما المعنوية فهي إفادة الحصر، وأنه لا مرجع إلا إلى الله. وأما اللفظية فلتتناسب رؤوس الآيات؛ لأن تناسب رؤوس الآيات من البلاغة، انظر إلى سورة طه كلها آخرها الألف إلا قليلًا، لما جاء ذكر موسى وهارون قدّم هارون على موسى لتتناسب الآيات، وإلا من المعلوم أن موسى أفضل من هارون.
{"ayah":"۞ إِنَّمَا یَسۡتَجِیبُ ٱلَّذِینَ یَسۡمَعُونَۘ وَٱلۡمَوۡتَىٰ یَبۡعَثُهُمُ ٱللَّهُ ثُمَّ إِلَیۡهِ یُرۡجَعُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











