الباحث القرآني
طالب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (٣١) وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٣٢) قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٣٣) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (٣٤) وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأنعام ٣١ - ٣٥].
* الشيخ: نعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ﴾ الجملة هذه مؤكدة بـ﴿قَدْ﴾، والحروف المؤكِّدة كثيرة منها ما يسبق ومنها ما يتأخر؛ فاللام في قولك: إن زيدًا لقائم. هذه مؤكِّدة، لكنها متأخرة، وقد ذكرها علماء أهل البلاغة حينما تكلموا على الخبر وأقسامه، وأنه ابتدائي وطلبي وإنكاري، تكلموا على حروف التوكيد، فمن أراد استيعابها فليرجع إليها.
هذه الآية مؤكدة بمؤكِّد واحد؛ وهي ﴿قَدْ﴾.
﴿خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ﴾ خسروا أيش؟ أطلق الله عز وجل الخسارة، ما قال: خسروا أنفسهم ولا أهليهم ولا شيئًا، فيكون ذلك خسرانًا مطلقًا، وصدق الله عز وجل، فما أخسر الذين كذبوا بلقاء الله! لأن هؤلاء لن يعملوا للقاء الله، ويكون وجودهم في الدنيا خسرانًا لا فائدة منه، بل فيه مضرة؛ لأن وجود الإنسان في الدنيا مع كفره بالله عز وجل شر من كونه لم يُوجد أصلًا، وشر من وجود البهائم؛ لأن البهائم تُوجد في الدنيا، ثم تفنى، ثم تُبعث يوم القيامة ولا حساب عليها، وهذا عليه حساب، ولهذا تمنّى بعض الصحابة رضي الله عنهم ومنهم عمر بن الخطاب أنه شجرة تُعضَد؛ أي: تُقطع، وقال: «وددت أن أخرج منها» -أي من الدنيا- «كفافًا لا عليَّ ولا لي »[[متفق عليه؛ البخاري (٧٢١٨)، ومسلم (١٨٢٣ / ١١).]]. هذا وهو عمر رضي الله عنه، فما بالك بمن دونه، فكل من لم يعمر أوقاته بطاعة الله عز وجل -وأسأل الله أن يجعلني وإياكم منهم- فإنه خسران، فاته الربح.
وقوله: ﴿كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ﴾ أي: باللقاء معه، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا﴾ أيش؟ ﴿فَمُلَاقِيهِ﴾ [الانشقاق ٦]، لا بد أن هذا الذي أمرك ونهاك، وأرسل إليك الرسل، وأعطاك العقل لا بد أن تلاقيه فيحاسبك، والمراد أنهم كذبوا بالبعث الذي يكون فيه لقاء الله.
﴿حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً﴾ ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ﴾ ﴿حَتَّى﴾ هذه ابتدائية تفيد فصل ما بعدها عما قبلها.
﴿إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ﴾ وهي ساعة القيامة ﴿بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا﴾، وقد يراد بالساعة ساعة فراقهم للدنيا؛ لأن من مات فقد قامت قيامته، انتقل من دار العمل إلى دار الجزاء.
وقوله: ﴿بَغْتَةً﴾ أي: من غير احتساب لها، والساعة الكبرى تكون بغتة تأتي الناس والإنسان قد جهّز حوض إبله ليسقيها فلا يتمكن، وقد رفع اللقمة إلى فمه فلا يتمكن، والرجلان قد نشرا الثوب بينهما ليبيعه أحدهما على الآخر فلا يتمكن من إتمام العقد[[متفق عليه؛ البخاري (٧١٢١)، ومسلم (٢٩٥٤ / ١٤٠) من حديث أبي هريرة. ]]، تأتي بغتة.
﴿قَالُوا﴾ جواب ﴿إِذَا﴾ ﴿قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا﴾ ﴿يَا﴾ هنا لا يمكن أن نجعلها للنداء، لماذا؟ لأن الحسرة لا تُنادى، والحسرة هو الندم، والتحسّر على الشيء الذي فات، وعليه تكون ﴿يَا﴾ للتنبيه؛ كأنهم قالوا: ما أعظم حسرتنا، وقيل: إن ﴿يَا﴾ للنداء، وأن (الحسرة) تُخيّل كأنها شيء عاقل يتوجّه إليه النداء، وعلى هذا القول يكون المعنى: يا حسرتنا احضُري، فهذا أوانك، والمعنى لا يختلف بين هذا وهذا غاية ما هنالك التقدير وعدم التقدير، والحسرة: هي الندم والتحسُّر على شيء فائت.
﴿عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا﴾ التفريط: هو التقصير.
و﴿فِيهَا﴾ الضمير يعود على الساعة؛ أي: فرطنا في الاستعداد لها؛ لأنهم أضاعوا أعمارهم بما لا فائدة فيه، بل بما فيه مضرة أحيانًا.
قال: ﴿وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ﴾ يعني يوم القيامة ﴿يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ﴾ أي: جزاء أعمالهم ﴿عَلَى ظُهُورِهِمْ﴾، والله تعالى يعبر دائمًا عن الجزاء بالعمل، أتدرون لماذا؟ لفائدتين:
الفائدة الأولى: أن يُصلح الإنسان عمله.
والفائدة الثانية: أن يُعْلَم أن الجزاء من جنس العمل؛ لأن الجزاء على العمل دائر بين أمرين لا ثالث لهما: الأول: الفضل، والثاني: العدل. ولا ظلم؛ فإن كان العمل حسنات فبالفضل، وإن كان سيئات فبالعدل، وربما يكون بالفضل حيث يعفو الله عنه عز وجل.
﴿يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ﴾ أي: جزاء الأعمال ﴿عَلَى ظُهُورِهِمْ﴾ حملًا حقيقيًّا، هذا هو الواجب أن نحمل الآيات على ظاهرها.
ولا يقول قائل: كيف يحمل الجزاء على الظهر؟
قلنا: يوم القيامة لا يُقاس بأيام الدنيا؛ لأن الحال تختلف اختلافًا عظيمًا، فمن الجائز الممكن أن الله تعالى يخلق هذه الجزاءات حتى تكون أجسامًا تُحمل على الظهور وما المانع، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ﴾ [العنكبوت ١٣]؟ ولا يجوز أبدًا أن نقيس أحوال الآخرة بأحوال الدنيا؛ لأنك إذا قرأت القرآن، وعلمت ما جاء في السنة من أحوال يوم القيامة تجزم أنه ليس هناك اتفاق، ولا يمكن أن يقاس بعضها على بعض.
قال الله عز وجل: ﴿أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾ ﴿سَاءَ﴾ بمعنى: بئس. و﴿أَلَا﴾ أداة استفتاح وتنبيه، وربما نقول في هذا الموضع زيادة أخرى، وهي: التحذير من الأعمال السيئة.
وقوله: ﴿أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾ ﴿مَا﴾ إن جعلتها اسمًا موصولًا احتجت إلى العائد، وإن جعلتها مصدرية لم تحتج إلى عائد، فما هو التقدير إذا جعلناها اسمًا موصولًا؟ التقدير: ألا ساء ما يزرونه، أما إذا جعلناها مصدرية فلا تحتاج إلى ضمير، ولكن تحتاج إلى سبك؛ بمعنى إلى تحويل الفعل مصدرًا، وعليه يكون التقدير: ألا ساء وزرُهم، ولكن المعنى لا يختلف؛ وهو أن الله تعالى ذم هذا الذي يحملونه على ظهورهم من الأوزار.
* في هذه الآية فوائد: أولًا: بيان خسران الكافرين المكذبين بالبعث، وأنهم مهما ظنوا أنهم ربحوا فهم خاسرون، ولكن متى يعلمون أنهم خاسرون؟ إذا جاء الأجل، أما الآن فهم في سكرة لا يدرون، ولهذا لو انتصروا اقتصاديًّا أو عسكريًّا أو فكريًّا لظنوا أنهم رابحون، ولكنهم خاسرون.
* ومن فوائد الآية: وجوب الإيمان بلقاء الله؛ بدليل ثبوت الخسران لمن كذب به، ومعلوم أنه لا يحل للإنسان أن يُوقع نفسه في الخسران.
وهل من لقاء الله عز وجل النظر إليه؟
استدل بعض العلماء -رحمهم الله- على النظر إلى الله عز وجل بهذه الآية وبقوله: ﴿فَمُلَاقِيهِ﴾ [الانشقاق ٦]، وقالوا: إن اللقاء لا يكون إلا مواجهة، وعلى هذا فيكون في الآية دليل على ثبوت أيش؟ رؤية الله عز وجل، وثبوت رؤية الله ثابت بالنص والإجماع.
وعلى هذا فيكون في الآية دليل على ثبوت رؤية الله عز وجل، وثبوت رؤية الله ثابت بالنص والإجماع؛ النص القرآني والنبوي. والإجماع: من الصحابة رضي الله عنهم، وأئمة الهدى من بعدهم.
من أدلة النظر إلى الله في القرآن، ويش وجه الدلالة؟
* طالب: ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة ٢٣]
* الشيخ: إي نعم، على تقدير: إلى ثواب ربها ناظرة.
* الطالب: يا شيخ، النظر إذا قُرن بـ(إلى) يفيد..
* الشيخ: (...) ما يخالف ويقول: نظر، ما هو نظر فكري كقوله: ﴿انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [يونس ١٠١] يقول: نظر بالبصر، لكن ﴿إِلَى رَبِّهَا﴾ أي: إلى ثواب ربها، ما يطيعك، خصمك ما يطيعك، يقول: إلى ثواب ربها، نعم تنظر إلى ثواب الله مما في الجنة من النعيم والحور العين وكل شيء، كيف ترد عليه؟
* طالب: شيخ، الهاء -يا شيخ- مضاف إلى (رب) يا شيخ، فلا يمكن أن نحمله إلى الثواب.
* الشيخ: الهاء مضافة إلى رب، غلط هذا.
* طالب: نقول: الصحابة رضي الله عنهم ما يزالون يقرؤون القرآن..
* الشيخ: لا هذا تقرير الإجماع.
* طالب: أن الله عز وجل لو أراد أنهم ينظرون إلى ثواب الله لعبّر بهذا صريحًا، ولم يأت بلفظ يحتمل غيره.
* الشيخ: تمام، هذا الجواب هو السليم، لو أراد الله عز وجل أن يبين أنها تنظر إلى ثواب الله لقاله، فكونه عز وجل يريد ثواب الله، ثم يأتي بقوله: ﴿إِلَى رَبِّهَا﴾ [القيامة ٢٣] هذا تعمية على الخلق.
هل هو بيان ولّا تعمية؟ تعمية، والله عز وجل يقول: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ﴾ [النساء ٢٦]، ويقول: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾ [النساء ١٧٦] ثم ما دليلك على أن تقحم هذه الكلمة في القرآن؟ أنت إذا أجزت هذا، أجزت لمن أراد أن يعبر عن القرآن بالمعنى أن يقول: وجوه يومئذ ناضرة إلى ثواب ربها ناظرة، وهذا تحريف ظاهر، واضح؟
طيب، من السنة؟
* طالب: في قول الله تعالى..
* الشيخ: لا (...).
* الطالب: في تفسير قوله تعالى..
* الشيخ: لا.
* طالب: النبي ﷺ يقول: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا تَرَوْنَ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ»[[أخرجه البخاري (٥٥٤)، ومسلم (٦٣٣ / ٢١١)، والترمذي (٢٥٥٤) واللفظ له من حديث أبي هريرة. ]].
* الشيخ: نعم «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا تَرَوْنَ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ» وهذا التشبيه للتحقيق، يعني كما أنكم في أماكنكم المتباعدة ترون القمر ليلة البدر بدون انضمام بعضكم إلى بعض، فإنكم سترون الله عز وجل.
ولما سأل أبو رَزِين العُقيليّ النبي ﷺ وقال: «يا رسولَ اللهِ، كيف يُحاسِبُنا الله تعالى في يومٍ واحدٍ ونحن جميعٌ وهو واحدٌ؟ كيف هذا؟ قال: أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ آلَاءِ اللهِ؟ ما هو؟ قال: الْقَمَرُ، كُلُّكُمْ يَرَاهُ فِي مَكَانِهِ، وَهُوَ وَاحِدٌ، وَأَنْتُمْ جَمَاعَةٌ كَثِيرُونَ»[[أخرجه أبو داود ( ٤٧٣١)، وابن ماجه ( ١٨٠) من حديث أبي رزين. ]]
إذن هذا الحديث كما قال الأخ دليل على ثبوت رؤية الله بالعين.
طيب، بقينا في الإجماع؟
* طالب: أجمع الصحابة والتابعون على رؤية الله سبحانه وتعالى.
* الشيخ: من قال هذا الكلام؟
* الطالب: نقل الثقات يا شيخ.
* الشيخ: كيف السبيل إلى إثبات هذا الإجماع؟
* الطالب: نقل العلماء الثقات.
* الشيخ: لا، العلماء بماذا استدلوا على إجماعهم؟
* الطالب: بالقرآن والسنة.
* طالب: لما قرأ الصحابة القرآن، وقرؤوا حديث رسول الله ﷺ، وفسروه على ظاهره، ولم يصرفوا اللفظ عن ظاهره، فهذا دليل على أنهم مجمعون، ولم يثبت أي أحد من الصحابة خالف في تفسير ذلك.
* الشيخ: ذكرت لكم هذا، قلت: لو قال لك القائل: لا تصديق لما تقول من الإجماع، أين طريقه؟
أقول: إن الصحابة قرؤوا القرآن، وسمعوا الأحاديث من الرسول ﷺ، ولم يأت عن أحد منهم أنه قال بخلاف ظاهره، فيكون هذا إجماعًا منهم أيش؟ ما هو سكوتي، إقراري، إجماعًا منهم على أنها على ظاهرها، وهذا حجة لا إشكال فيها، هات واحدًا من الخلفاء الراشدين، أو غيره من الصحابة، يقول: إن الرؤية لما أعد الله لهم من الجنة والثواب، وليس لرؤية الله، ما تجد. أئمة الهدى من بعدهم تبعوهم.
على كل حال الآية الموجودة هنا من لقاء الله استدل بها بعض العلماء على ثبوت رؤية الله سبحانه وتعالى، محتجًّا بأن الملاقاة لا بد أن تكون مواجهة.
فإن صح هذا الاستدلال، وإلا فنحن في غنى عنه، واضح؟ طيب إذا لم يصح هذا الاستدلال فالمراد بلقاء الله: البعث بعد الموت؛ لأن الكافر لن يرى الله سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين ١٥].
* من فوائد هذه الآية الكريمة: أن الساعة تأتي بغتة، سواء كانت الساعة الكبرى، أو الساعة الصغرى.
ألم تكن الساعة الصغرى تأتي بغتة؟
بلى، تأتي الزلازل بغتة، تأتي العواصف والقواصف بغتة، وقد حذر الله عز وجل من هذا فقال: ﴿أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ﴾ [الأعراف ٩٧] نائمون ساترون، لا يفكرون في عذاب، فيأتيهم وهم نائمون، ﴿أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ [الأعراف ٩٨] هم يلعبون، لاهون، ما فكروا أن يأتيهم العذاب فيأتيهم العذاب، ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ﴾ [الأعراف ٩٩] بما أنعم عليهم من الأمن والرغد والرخاء ﴿فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [الأعراف ٩٩] خسارة البغتة هنا الساعة الكبرى والصغرى.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: شدة تحسر هؤلاء الذين كذبوا بلقاء الله، وإقرارهم على أنفسهم بأنهم فرطوا، ولكن هل هذا ينفعهم؟
لا، انتهى العمل، ما ينفعهم، شيء فات لا يمكن رده، ولهذا أقروا بأنهم مفرطون.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن أهل الأوزار يحملون أوزارهم على ظهورهم يوم القيامة حقيقةً أو مجازًا؟
حقيقة؛ لأن هذا هو الواجب؛ أن نجري النصوص القرآنية والنبوية على ظاهرها.
فإذا قال قائل: كيف يحملونها؟
فالجواب: أن هذا سؤال في غير محله؛ لأن أحوال الآخرة لا تقاس بأحوال الدنيا.
* ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن الأعمال محل الثناء والقدح؛ لقوله: ﴿أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾، هذا قدح.
محل الثناء مثل قوله تعالى: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ [الرحمن ٦٠]، فالأعمال محل القدح ومحل المدح.
إذا ثبت القدح في العمل أو المدح فهل يستلزم القدح في الفاعل، في العامل، أو المدح له؟
الجواب: نعم، هذا هو الأصل، لا سيما في أمور الدنيا، فإنه ليس لنا إلا الظاهر، أمور الآخرة عند الله.
ولهذا لو أننا رأينا شخصًا يسجد لصنم قلنا: كافر، مع أنه يحتمل أن يكون جاهلًا، لكن نقول: كافر، فإن استقام ووحد الله ارتفع عنه هذا الوصف، وإلا فهو باق.
وليعلم أن بعض الناس توسعوا في مسألة التعيين والتعميم، حتى إن بعضهم شك هل يجوز أن نقول لمن سجد للصنم: إنه كافر. الله المستعان، كيف؟ قل ولا تبالِ: هل يجوز أن نقول لمن ترك الصلاة: إنه كافر؟
نقول: قل ولا تبال، إذا لم تقل فمتى يكون كفرًا ومتى يكون شركًا؟
نعم إذا وُجد مانع من التكفير فحينئذ يكون لكل شيء حكمه. وأما الأصل فإننا نحكم على كل من فعل ما يكفر، أو قال ما يكفر، بأنه كافر بعينه؛ حتى نقيم عليه الحد. فإذا ادعى مانعًا نظرنا هل هذا صحيح أو غير صحيح؟ ونحكم لكل قضية بما تقتضيه الحال.
* الطالب: معلوم في بعض الآيات.
* الشيخ: نعم.
* الطالب: فيه الآيات التعبير بالخطايا.
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: في بعض الآيات فيه التعبير بالخطايا؛ كقوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ﴾ [العنكبوت ١٢].
* الشيخ: نعم.
* الطالب: (...) صريح بأنه الذي يحمل هو الخطايا، والأوزار دون جزاء الأعمال؟
* الشيخ: (...) الآن في القيامة ما فيه أعمال، في القيامة ما فيه إلا الجزاء فقط.
* طالب: أحسن الله إليكم، الذي يقول: إن الله يرى لكن لا من جهة، هل يعني يعتبر أنه أثبت رؤية الله؟
* الشيخ: أبدًا، ما يمكن يرى الشيء بدون جهة، وأين تراه؟ لكن هذا غريب.
والظاهر لي بناء على ما نعرف من ذكائهم: أنهم لا يريدون أنه لا يرى من جهة، لكن يقول: يرى، ولكن لا تثبت الجهة، فهمت؟
وبينهما فرق، إذا قلنا: لا يرى من جهة معناه الإنكار، وإذا قلنا: يرى لا من جهة، أي: لا تثبت الجهة، فهذا ليس كالأول، إنما يجب أن نقول: إن الله تعالى في جهة بلا شك، وهي جهة العلو، أليس الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال للجارية: «أَيْنَ اللهُ؟» نعم، وقالت: في السماء»[[أخرجه مسلم (٥٣٧ / ٣٣) من حديث معاوية بن الحكم السلمي. ]]، لكن جهة تحيط به عز وجل، أو جهة لا تليق به كجهة السفل، هذا ممنوع.
{"ayah":"قَدۡ خَسِرَ ٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِلِقَاۤءِ ٱللَّهِۖ حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءَتۡهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغۡتَةࣰ قَالُوا۟ یَـٰحَسۡرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطۡنَا فِیهَا وَهُمۡ یَحۡمِلُونَ أَوۡزَارَهُمۡ عَلَىٰ ظُهُورِهِمۡۚ أَلَا سَاۤءَ مَا یَزِرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق