الباحث القرآني
قال الله تبارك وتعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ﴾ [الأنعام ٢٠].
﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ﴾ مبتدأ وخبر؛ ﴿الَّذِينَ﴾ مبتدأ، و﴿يَعْرِفُونَهُ﴾ خبر؛ الجملة.
﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ﴾ هم اليهود والنصارى؛ لأنهم آخر أمة كان عندها أصل كتاب، فهم الذين أوتوا الكتاب.
وقوله: ﴿يَعْرِفُونَهُ﴾ يحتمل أن يكون المعنى يعرفون هذا الكتاب، ويحتمل أن يكون المراد يعرفون النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والثاني أقوى ويؤيده قوله: ﴿كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ﴾ فإن الأبناء بشر، والنبي ﷺ من البشر يعني أن الذين أوتوا الكتاب وهم اليهود والنصارى يعرفون النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما يعرف الرجل ابنه، وخصَّ الأبناء؛ لأن تعلُّق الرجل بالأبناء أكثر من تعلقه بالبنات فتكون معرفته للأبناء أكثر من معرفته للبنات، هذا وجه.
وجه آخر أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذكر فهو من الأبناء، ﴿يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾.
﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ يحتمل أن تكون خبرًا لمبتدأ محذوف، والتقدير (هم الذين خسروا أنفسهم)، ويحتمل أن تكون (الذين) مبتدأ وخبره جملة ﴿فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾، والفاء دخلت بخبر لمشابهة المبتدأ الشرط في العموم؛ لأن الاسم الموصول يشبه الشرط في العموم، ويكون تقدير الكلام بدون الفاء (الذين خسروا أنفسهم هم لا يؤمنون)، ومؤدَّى الاحتمالين واحد، والمعنى أن الذين خسروا أنفسهم هم الذين لا يؤمنون؛ أي: الذين اختاروا الخسارة هم الذين لا يؤمنون، ومنهم الذين آتاهم الله الكتاب.
* في هذه الآية الكريمة من الفوائد: أن الحجة قائمة على اليهود والنصارى في صحة بعثة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لقوله: ﴿يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ﴾.
فإن قال قائل: هذا كلام الله عز وجل فهل له من دليل؟
قلنا: سبحان الله! أنَّى يُطلَب الدليل على صدق خبر الله؟ خبر الله تبارك وتعالى هو الدليل، ومدلوله هو المدلول، ولا حاجة أن نقول: هل هناك شاهد يدل على أن الذين أوتوا الكتاب يعرفون محمدًا كما يعرفون أبناءهم؛ لأن كلام الله أقوى شاهد، ولكن مع ذلك لا مانع أن نقيم الحجة عليهم من كتبهم.
فقد قال الله تعالى في سورة الأعراف عن النبي ﷺ: إنهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل ومكتوبًا وَصْفُه عليه الصلاة والسلام ﴿يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾ [الأعراف ١٥٧] يعرفون هذا تمامًا، وقد نقل الشيخ السيد محمد رشيد رضا رحمه الله في تفسيره النصوص من الإنجيل على هذا القول، بل على إقامة الحجة عليهم، وأن هذا مكتوب عندهم في كتبهم.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أنه ينبغي أن يُضْرَب المثل بأقرب مطابق للمُمَثَّل؛ لقوله: ﴿كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ﴾ لأن هذا أقرب إلى التصور وإلى الصدق.
* ومنها: الْمِنَّة والتوبيخ على اليهود والنصارى، كيف هذا؟
المِنَّة أن الله آتاهم الكتاب، وبَيَّن لهم وصف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي سيرسل للناس كافة، وهذه نعمة أن يبين الله للعبد طريق الهدى.
التوبيخ أنهم كانوا كافرين به مع وضوح الدليل فتكون الآية جامعة بين أيش؟ بَيَّن بيان المنة عليهم من الله، وتوبيخهم على الكفر بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن من لم يؤمن فقد خسر نفسه؛ لقوله: ﴿الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾، وهل خسر أهله؟ نعم، قال الله عز وجل: ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الزمر ١٥] خسروا أيضًا عمرهم، أعمارهم خسروها مضت في غير فائدة؛ لأن شخصًا مآله نار جهنم -والعياذ بالله- بعد أن عُمِّر في الدنيا ما عمر، قد خسر وقته وزمنه، كما قال الله عز وجل: ﴿أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ﴾ [فاطر ٣٧].
{"ayah":"ٱلَّذِینَ ءَاتَیۡنَـٰهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ یَعۡرِفُونَهُۥ كَمَا یَعۡرِفُونَ أَبۡنَاۤءَهُمُۘ ٱلَّذِینَ خَسِرُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ فَهُمۡ لَا یُؤۡمِنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق