الباحث القرآني

﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ﴾ [الحديد: ٢٦]. هذه الجملة مؤكدة بثلاثة مؤكدات: الأول: القسم المحذوف. والثاني: اللام. والثالث: قد. ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ﴾ نوح هو أول الرسل عليهم الصلاة والسلام، وهو من أولي العزم الخمسة، وإبراهيم هو أبو الأنبياء من بعده، وإليه يرجع الأنبياء، أي: إلى ملته، ولهذا يتنازع فيه المسلمون واليهود والنصارى، فاليهود يقولون: إنه يهودي، والنصارى يقولون: إنه نصراني، والمسلمون يقولون: إنه حنيف مسلم. وهذا هو الحق. والعجب من النصارى واليهود أن يقولوا: إنه نصراني أو يهودي، وما كانوا نصارى ولا يهودًا إلا من بعده، لكنهم ليس لهم عقول. ﴿وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا﴾ أي: ذرية نوح وإبراهيم ﴿النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ﴾ يعني الرسل عليهم الصلاة والسلام. وفي هذا دليل على أن آدم ليس برسول، وأن إدريس ليس قبل نوح، كما ذكره بعض المؤرخين، وهو خطأ مخالف للقرآن الكريم، فليس قبل نوح رسول، وآدم نبي مكلم كلمه الله عز وجل بما شاء من وحيه، ثم سار على نهجه بنوه من بعده، فلما انتشر الناس وكثر الناس صار بينهم الخلاف؛ كما قال عز وجل: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ﴾ [البقرة ٢١٣]، وقوله: ﴿وَالْكِتَابَ﴾ المراد به الجنس؛ لأن كل رسول معه كتاب؛ كما قال عز وجل: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾. ﴿فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [الحديد ٢٦] منهم: أي بعضهم مهتدٍ، وحُذفت الياء كما هي القاعدة في اللغة العربية، وأصلها: (مهتدي) بالياء لكن حُذفت للتخفيف. ﴿وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ أي: غير مهتدين، وهذا هو الواقع؛ أن بني آدم أكثرهم ضال كما قال عز وجل: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الأنعام ١١٦].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب