الباحث القرآني

ثم قال عز وجل: ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [الحديد ٢١] سابق: أمر بالمسابقة، وقد جاء الأمر في آية أخرى بالمسارعة، فيجمع الإنسان بين المسابقة، وهي شدة العدو في حال السير، وبين المسارعة، وهي المبادرة إلى فعل الخير. ﴿إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [الحديد ٢١] وذلك بفعل أسباب المغفرة. من أسباب المغفرة: أن تسأل الله المغفرة، تقول: اللهم اغفر لي، أو تقول: أستغفر الله وأتوب إليه. ومن أسباب المغفرة: فعل ما تكون به المغفرة، كقول النبي ﷺ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٨) ومسلم (٧٦٠ / ١٧٥) من حديث أبي هريرة.]]، وكقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيمَنْ تَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ: «غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٥٩)، ومسلم (٢٢٦ / ٣) من حديث عثمان بن عفان.]]. وكقوله ﷺ: «مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ مِئَةَ مَرَّةٍ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٦٤٠٥) ومسلم (٢٦٩١ / ٢٨) من حديث أبي هريرة.]] والأمثلة على هذا كثيرة، المهم أن المسابقة إلى المغفرة يعني: ما تحصل به المغفرة من طلب المغفرة مباشرة، كقولك: اللهم اغفر لي، أو فعل ما تحصل به المغفرة، مثل صيام رمضان إيمانًا واحتسابًا: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، الصدقة أيضًا تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار. ﴿وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا﴾ [الحديد ٢١] الجنة: هي دار النعيم التي أعدها الله عز وجل للمتقين، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فيها فاكهة ونخل رمان، فرش، عسل، لبن، وغير ذلك، لكن هل تظن أن ما فيها يشابه ما في الدنيا؟ الجواب: لا، لا تظن هذا؛ لأن الله يقول: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ [السجدة ١٧] وليس في الجنة مما في الدنيا إلا الأسماء فقط، اسم رمان لكن يختلف عن رمان الدنيا، فاكهة تختلف عن فاكهة الدنيا، فرش تختلف عن فرش الدنيا، وهلم جرًّا. انتبه لهذا ولا تظن أن ما ذُكر في الجنة من الأسماء توافق مسمياته ما في الدنيا، هذا لا يمكن؛ لما سمعت من الآية: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾، وفي الحديث القدسي: «أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٢٤٤) ومسلم (٢٨٢٤ / ٢) من حديث أبي هريرة.]]. قال تعالى: ﴿وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ [الحديد ٢١]، وفي سورة آل عمران: ﴿عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ﴾ [آل عمران ١٣٣] ولا منافاة؛ لأن الأول عرضها كعرض السماء تشبيه، والثاني: عرضها السماوات والأرض أيضا تشبيه؛ لكن يسميه أهل البلاغة تشبيهًا بليغًا. ﴿كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ من يستطيع أن يقدر عرض السماء والأرض؟ لا أحد يستطيع، السماوات بسعتها، السماء الدنيا واسعة جدًّا، كم بينها وبين الأرض من مسافة؟ وهي محيطة بها، والسماء الثانية فوقها وهي أوسع منها، والثالثة أوسع، وهلم جرًّا، إلى أن تصل إلى الكرسي، الكرسي يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «مَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرَضُونَ السَّبْعُ فِي الْكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلْقَةٍ أُلْقِيَتْ فِي فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ» حلقة، حلقة المغفر ما هي حلقة الباب الكبيرة، حلقة الدرع صغيرة جدًّا، ألقها في فلاة من الأرض ماذا تكون بالنسبة للفلاة؟ لا شيء، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «وَإِنَّ فَضْلَ الْعَرْشِ عَلَى الْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ الْفَلَاةِ عَلَى هَذِهِ الْحَلْقَةِ»[[أخرجه ابن حبان في صحيحه (٣٦١) من حديث أبي ذر.]]. فمن يستطيع أن يدرك عرض السماوات والأرض؟ لا أحد يستطيع، الجنة عرضها كعرض السماء والأرض، ولذلك كان أقل أهل الجنة منزلة من ينظر إلى ملكه مسافة ألفي سنة، ينظر أقصاه كما ينظر أدناه، وإنما ذكر الله تعالى أن عرضها عرض السماوات والأرض من أجل أن نحرص على ملء هذه الأرض؛ أرض الجنة. وفي الحديث أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْجَنَّةَ قِيعَانٌ، وَأَنَّ غِرَاسَهَا سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ»[[أخرجه الترمذي (٣٤٦٢) من حديث عبد الله بن مسعود.]]. فاحرص يا أخي على أن تملأ ما تستحقه من هذه الجنة بذكر الله، وتلاوة كتابه، وغير ذلك مما يقرب إلى الله. لمن هذه الجنة التي عرضها كعرض السماء والأرض؟ قال الله عز وجل: ﴿أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾ [الحديد ٢١] أُعدت، مَن أعدها؟ أعدها الله عز وجل، كما قال عز وجل: ﴿أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ [التوبة ٨٩] ومعنى الإعداد: التهيئة للشيء. ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾ آمنوا بالله وكل ما أوجب الله الإيمان به، فالإيمان إذن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره. وقوله: ﴿وَرُسُلِهِ﴾ يشمل جميع الرسل الذين أولهم نوح، وآخرهم محمد، لكن إيماننا بالرسل يختلف عن إيماننا بمحمد عليه الصلاة والسلام، إيماننا بالرسل أن نؤمن بأنهم صادقون، مبلغون عن الله، ونؤمن بكل ما صح من أخبارهم، أما اتباعهم فلا، الاتباع للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهم يشتركون مع الرسول بأن نؤمن بأنهم صادقون، وأن كل ما أخبروا به صدق، وأن كل ما جاءوا به فهو عدل، ومناسب لأحوال أممهم في وقتهم، أما الاتباع فلا نتبع إلا واحدًا منهم، وهو محمد ﷺ. وقوله: ﴿آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾ يدل على أن أهل الكتاب اليهود والنصارى ليسوا من أهل الجنة؛ لأنهم لم يؤمنوا برسل الله، الدليل: أنهم كفروا بمحمد عليه الصلاة والسلام، والكافر برسول من الرسل كافر بالجميع، كيف وقد جاء محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بنسخ جميع الشرائع السابقة؟ ألم تسمعوا قول الله عز وجل: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الشعراء ١٠٥] أجيبوا. * طلبة: بلى. * الشيخ: هل سبق نوحًا أحد من الرسل؟ كيف يقول: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ﴾؟ الجواب: لأن من كذب رسولًا من الرسل فقد كذب جميع الرسل، فكيف بمن كذب محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي نسخت شريعتُه جميع الشرائع، والذي قال الله فيه: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ﴾ [آل عمران ٨١]، أخذ ميثاق النبيين كلهم ﴿لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا﴾ [آل عمران ٨١] من هذا الرسول؟ محمد ﷺ، الرسل كلهم لازم أن يؤمنوا بالرسول عليه الصلاة والسلام، ولهذا في ليلة الإسراء من كان الإمام؟ كان إمامهم في صلاتهم محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم. إذن اليهود والنصارى ليسوا من أهل الجنة بعد بعثة الرسول ﷺ، لماذا؟ لم يؤمنوا برسله؛ لأنهم كفروا بمحمد، بل هم كفروا برسلهم أيضا؛ لقوله تعالى: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الشعراء ١٠٥]. ولأن عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام بشرهم بمحمد، في سورة الصف: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ فلما جاءهم هذا الرسول الذي بُشر به عيسى ﴿قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [الصف ٦] وكفروا به. إذن هم كفروا بعيسى وردوا بشارته، وأنكروها، ولا يجوز لنا أبدًا أن نقول: إن أديان اليهود والنصارى اليوم أديان صحيحة أبدًا، بل هي أديان باطلة غير مقبولة عند الله، كما قال عز وجل: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ [آل عمران ٨٥]. أعود إلى الآية: قال الله عز وجل: ﴿أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [الحديد ٢١] ﴿ذَلِكَ﴾ أي: ما أعد الله لهؤلاء المؤمنين بالله ورسله ﴿فَضْلُ اللَّهِ﴾ في أنهم آمنوا بالله، آمنوا برسله، اتبعوا الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أثيبوا بهذه الجنات ﴿فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ﴾. اللهم آتنا من فضلك. ﴿يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ قوله: ﴿يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ هل تظنون أن هذه المشيئة مجرد مشيئة؟ لا. هي مشيئة مقترنة بالحكمة، يعني: من كان أهلًا للفضل آتاه الله الفضل، ومن لم يكن أهلًا له لم يؤته، الدليل قول الله تبارك وتعالى: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [الأنعام ١٢٤]، فلن يجعل رسالته إلا فيمن هو أهل لها. وقال الله عز وجل: ﴿فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾ [الصف ٥]. وقال عز وجل: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ﴾ [المائدة ٤٩]. لا تظن أن الله يعطي الفضل من شاء بدون سبب، لا بد من سبب، فمتى علم الله في قلب الإنسان خيرًا -اللهم اجعل قلوبنا ممتلئة بالخير- آتاه الخير، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الأنفال ٧٠] أصلح قلبك فيما بينك وبين الله تجد الخير كله. ﴿وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الحديد ٢١] أي: صاحب الفضل العظيم عز وجل، فلا أحد أعظم منة من الله تعالى، أوجدك من العدم، أعدك وأمدك بالنعم، يسر لك الهدى، هداك له، من أحد أعظم منة من الله؟ لا أحد، ولهذا قال الله عز وجل: ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ﴾ [الحجرات ١٧]، ولما جمع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الأنصار في غزوة حنين حين قسم الغنائم بين المؤلفة قلوبهم كان يقرر عليهم، قال لهم: «أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمُ اللهُ بِي؟». قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أمنُّ. قال: «أَلَمْ أَجِدْكُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمُ اللهُ بِي؟». قالوا: الله ورسوله أمنُّ»[[متفق عليه؛ البخاري (٤٣٣٠) ومسلم (١٠٦١ / ١٣٩) من حديث عبد الله بن زيد.]]. كلما قال قولًا قالوا: الله ورسوله أمنُّ. يعني أعظم مِنَّةً. فالحاصل أن الله تعالى ذو الفضل العظيم، ولكنه يعطي فضله من هو مستحق له، كما قال عز وجل: ﴿وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ﴾ [هود ٣] اللهم إنا نسألك من فضلك العظيم أن تهدي قلوبنا، وتصلح أعمالنا، وتختم لنا بخير، إنك على كل شيء قدير.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب