الباحث القرآني
ثم قال عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ﴾ [الحديد ١٩].
﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾ الإيمان بالله يتضمن أربعة أشياء:
أولًا: الإيمان بوجوده.
والثاني: الإيمان بربوبيته.
والثالث: الإيمان بألوهيته.
والرابع: الإيمان بأسمائه وصفاته.
الإيمان بوجود الله لا ينكره إلا مكابر في الواقع، لا ينكره أحد من قلبه إطلاقًا؛ لأن كل إنسان يعرف أن هذا الكون المستقر المنظم لا بد له من موجد ومنظم كل إنسان، مَن الموجد والمنظم؟ الله عز وجل؛ لأن كل إنسان أيضًا يعلم أنه لا يستطيع أحد من البشر أن يتصرف في هذا الكون، من الذي يأتي بالليل مع وجود النهار؟ من الذي يأتي بالنهار مع وجود الليل؟ ما أحد يقدر.
إذن كل إنسان عاقل فهو مؤمن بقلبه، وإن أنكر بلسانه، مؤمن بوجود الله عز وجل، وجه ذلك: أن هذه الخليقة العظيمة لا بد لها من مدبر.
لو قال قائل: إنها جاءت هكذا صدفة؟ طيب من جاء بها؟ ثم الشيء إذا جاء صدفة ما يكون منظمًا.
لو قال قائل: هي أوجدت نفسها؟ نقول: هذا أيضا محال عقلًا، كيف توجد نفسها وهي عدم؟! هذا لا يمكن، إذن: لا بد لها من موجد، ولهذا قال الله تعالى في سورة الواقعة: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (٥٨) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ﴾ [الواقعة ٥٨، ٥٩]، بل أنت يا ربنا إحنا ما نقدر نخلق، الإنسان ما يقدر يخلق جنينًا في بطن أمه أبدًا، قال الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ﴾ [الحج ٧٣]، استمع ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ﴾ خطاب للناس كلهم الكافر والمؤمن ﴿ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ﴾ ولهذا إذا قرأت الآية يجب تستمع ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ كلهم ﴿لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ﴾ [الحج ٧٣]، هذا الذباب المهين لا يمكن أن يخلقوه ولو اجتمعوا له، كل المعبودات ما يمكن تخلق ذبابة، وهو من أصغر الحيوان وأذلها وأهشها، زد على هذا ﴿وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ﴾ [الحج ٧٣] يعني: لو أن الذباب أخذ من هذه الأصنام شيئًا ما استطاعت أن تستنقذه منهم.
قال أهل العلم: المعنى لو وقع الذباب على أحد هذه الأصنام وامتص من الطيب الذي فيها -لأنهم يطيبون أصنامهم- ما استطاعت الأصنام أن تستنقذه ﴿ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾ [الحج ٧٣].
أقول مرة ثانية: لا يمكن لأحد أن ينكر من صميم قلبه وجود الله عز وجل أبدًا؛ لأنه باتفاق العقلاء أن كل حادث لا بد له من محدِث، ولا أحد يحدِث هذا الكون إلا الله عز وجل. هذا واحد.
الثاني: الإيمان بربوبيته، أي: بأنه وحده الخالق المالك المدبر لجميع الأمور، هو الله وحده، هو الخالق المالك المدبر لجميع الأمور، فلا خالق إلا الله، ولا مدبر للكون إلا الله، ولا مالك للكون إلا الله عز وجل، حتى ملك الإنسان لما في يده ليس ملكًا حقيقيًّا، الدليل: أنه لا يمكن أن يتصرف فيما بيده كما يشاء، الآن هذا قلمي وهو ملك لي، أليس كذلك؟ لكن ليس لي أن أتصرف فيه كما شئت، لو أردت أن أحرقه أو أكسره مُنعت، شرعًا حرام عليَّ؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن إضاعة المال[[متفق عليه؛ البخاري (١٤٧٧)، ومسلم (٥٩٣ / ١٢) من حديث المغيرة بن شعبة.]].
إذن ملك الإنسان لِما بيده ليس ملكًا حقيقيًّا، بل إنه يختص به عن غيره فقط.
الثالث: أنه وحْده المنفرد بتدبير الأمور، ما أحد يستطيع أن يدبر الأمور أبدًا، عبادة الأصنام حق ولَّا غير حق؟ غير حق، الأصنام نفسها تُسمَّى آلهةً، فهل هي إله حق؟ لا، كما قال عز وجل: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ﴾ [الحج ٦٢].
إذن الألوهية أن تؤمن بأنه لا إله إلا الله، أي: لا معبود حق إلا الله عز وجل، وما عُبد من دونه فهو باطل، وعليه فلا تصرف العبادة إلا لله.
والرابع: الإيمان بالأسماء والصفات؛ أسمائه وصفاته.
هل لله أسماء؟ نعم، هل له صفات؟ نعم، أسماؤه حسنى، قال الله عز وجل: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [الأعراف ١٨٠] صفاته كذلك عليا، ما فيه صفة نقص، قال الله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى﴾ [النحل ٦٠] أي: الوصف الأعلى.
إذن علينا أن نؤمن بأسماء الله وأن نؤمن بصفات الله.
أسماء الله تعالى كثيرة، ما يمكن حصرها مهما أردت، ما يمكن تحصيها، الدليل: حديث عبد الله بن مسعود، واحفظوه لأنه مفيد؛ أنه «مَا مِنْ إِنْسَانٍ يُصِيبُهُ هَمٌّ أَوْ غَمٌّ أَوْ حَزَنٌ ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ»[[أخرجه أحمد (٣٧١٢) من حديث ابن مسعود.]].
فجعل الله الأسماء ثلاثة أقسام: ما أنزله في كتابه، مثل: الرحمن، أو علمته أحدًا من خلقك، مثل: الرب، الشافي، هذه ما هي بالقرآن لكن جاءت في السنة، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ»[[أخرجه النسائي (٥) والدارمي (٧١١) من حديث عائشة.]]، وقال عليه الصلاة والسلام: «أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ»[[أخرجه مسلم (٤٧٩ / ٢٠٧) من حديث ابن عباس.]]، هذا أنزله في كتابه أو علمه أحدًا من خلقه الثاني.
القسم الثالث: ما استأثر الله به في علم الغيب، واستأثر بمعنى انفرد، ما انفرد الله بعلمه فلم ينزله في الكتاب، ولم يعلمه أحدًا من الخلق، هل يمكن الإحاطة به؟ لا يمكن. إذن أسماء الله لا يمكن الإحاطة بها ولا محصورة بعدد؛ لأننا لا نعلمها.
وأما قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٧٣٦)، ومسلم (٢٦٧٧ / ٦) من حديث أبي هريرة.]]، فالمعنى أن من الأسماء تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة، هذا المعنى، ومن أحصاها أي: عرفها لفظًا، وعرفها معنًى، وتعبد لله بمقتضاها، وليس المراد أن تحفظه بس، لا، لا بد من حفظ اللفظ، والثاني: فهم المعنى، والثالث: التعبد لله بها بمقتضاها، فمثلًا إذا علمت أن الله سبحانه وتعالى غفور تعرض للمغفرة، لا تقل: الله غفور ويفعل الذنب كلما شاء، تعرض للمغفرة، استغفر الله تجد الله غفورًا رحيمًا، إذا علمت أن الله عزيز تتعبد لله بمقتضى هذا وتخاف منه وتحذر، وهلم جرًّا.
أما الإيمان بالرسل فإنه يتضمن تصديقهم فيما أخبروا كلهم من أولهم إلى آخرهم، يجب أن نصدق بما أخبرت به الرسل إذا صح عنهم، وأما العمل بشرائعهم فإننا لا نعمل، أو لا يلزمنا العمل إلا أولًا: تصديقهم بما أخبروا به، لكن بشرط أن يصح عنهم.
والثاني: العمل بالشرائع، ولكن هذا لا يكون إلا بشريعة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأن شريعته نسخت جميع الشرائع: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ﴾ [الحديد ١٩]، ﴿أُولَئِكَ﴾ أي الذين آمنوا بالله ورسله ﴿هُمُ الصِّدِّيقُونَ﴾ أي: البالغون في الصدق مبلغًا كبيرًا؛ لأن الصديق صيغة مبالغة، والصدق يكون بالقصد وبالقول وبالفعل، فأما الصدق بالقصد فأن يقصد الإنسان بعبادته وجه الله تبارك وتعالى، لا يقصد غيره، فمن قصد بعبادته شيئًا غير الله فقد أشرك ولا يقبل عمله، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الحديث القدسي عن الله تبارك وتعالى أنه قال: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ»[[أخرجه مسلم (٢٩٨٥ / ٤٦) من حديث أبي هريرة.]].
الثاني: الصدق في القول، بأن يكون الإنسان صادقًا فيما يخبر به، وقد أثنى الله تعالى على الصادقين وأمر أن نكون معهم، فقال جل وعلا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة ١١٩]، وأثنى على المهاجرين الذين هاجروا من ديارهم وأموالهم ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾ [الحشر ٨].
وأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالصدق وحث عليه ورغب فيه، فقال: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ؛ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَلَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ؛ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَلَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا»[[متفق عليه؛ البخاري (٦٠٩٤)، ومسلم (٢٦٠٧ / ١٠٥) من حديث ابن مسعود.]].
أما الصدق بالفعل فمتابعة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأن من كان صادقًا فيما يدعي من محبة الله ورسوله فليتبع الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [آل عمران ٣١]، وقد سمى بعض السلف هذه الآية آية المحنة، يعني الامتحان، فمَنِ ادعى أنه يحب الله ورسوله قلنا له: تفضل، اتبع الرسول، إن اتبعه فهو صادق، وإن خالفه فليس بصادق.
﴿وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ﴾ [الحديد ١٩] ﴿وَالشُّهَدَاءُ﴾ جمع شهيد، والمراد بهم: من قُتلوا في سبيل الله، والقتال في سبيل الله: أن يقاتل الإنسان عدو الله لتكون كلمة الله هي العليا، هذا هو القتال في سبيل الله، قال ذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين سئل عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل ليرى مكانه، أي ذلك في سبيل الله؟ قال: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٧٤٥٨)، ومسلم (١٩٠٤ / ١٥٠) من حديث أبي موسى الأشعري.]]، هذا الضابط يقاتل شجاعة معناها يحب القتال، شجاع يحب أن يقاتل؛ كالصياد يحب أن يصيد، الصياد الذي يهوى الصيد تجده يحب هذا، ويخرج ويتجشم المصاعب ليصيد الصيدة، وإذا صادها صارت عنده أرخص من كل شيء.
فهذا يقاتل شجاعة لأنه شجاع يحب أن يقاتل.
«وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً» يعني: عصبية لقومه.
«وَيُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ» يعني رياءً، كما جاء في اللفظ الآخر «وَيُقَاتِلُ رِيَاءً». قال: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ»، من قاتل ليسترد أرضه المغصوبة في سبيل الله أو من باب الحمية؟ من باب الحمية، إلا إذا قال: أريد أن أستردها لأقيم عليها شعائر الإسلام، فهذا في سبيل الله، أما من قاتل لأن هذه أرضه ويريد أن ترد عليه فهذا حمية، ليس له أجر الشهداء إذا قتل.
هؤلاء شهداء ﴿لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ﴾ أي: ثوابهم العظيم، كما قال تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٧٠) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران ١٦٩ - ١٧١].
﴿لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ﴾ ولما ذكر عز وجل أصحاب اليمين وثوابهم ذكر أصحاب الشمال بعد ذلك، قال: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ [الحديد ١٩] وهذا لأن القرآن مثان، يعني: تثنى فيه الأمور والمعاني، ولهذا تجد القرآن الكريم في الغالب إذا ذكر الله الجنة ذكر النار، وإذا ذكر أولياء الله ذكر أعداء الله، والحكمة من ذلك: ألا يمل الإنسان؛ لأنه كلما تنقل المعنى إلى معنى آخر نشط الإنسان.
وحكمة أخرى: أن يكون الإنسان سائرًا إلى الله -أي: متعبدًا لله- بين الخوف والرجاء؛ لأنه إذا ذكر صفات المؤمنين أو إذا مرت به صفات المؤمنين قوى جانب الرجاء، وإذا ذكرت أحوال الكافرين غلب جانب الخوف، ولهذا قال: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ عطف التكذيب على الكفر، وهو نوع منه، لكن لأنه أشد، يعني اللي يكفر، ولكن ما يكذب أهون من الذي يكذب، فعطف ﴿وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ على ﴿كَفَرُوا﴾ من باب عطف الخاص على العام؛ كعطف الروح على الملائكة وهو منهم، قال الله تعالى: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا﴾ [القدر ٤] والروح جبريل وهو من الملائكة.
﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾، الجحيم: اسم من أسماء النار، وأصحابها: يعني الملازمين لها، ولهذا إذا مرت بك آية فيها ﴿أَصْحَابُ﴾ فالمعنى أنهم ملازمون لها مخلدون فيها، نسأل الله العافية.
في الآيات الأولى الترغيب بالأوصاف التي توصل إلى الجنات؛ لأن الله تعالى لم يذكر لنا هذه الأمور لنطلع عليها فقط، ولكن لنسعى لها، وفيها التحذير من الكفر والتكذيب، لئلا يقع الإنسان في هذا العقاب الأليم ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾.
{"ayah":"وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۤ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلصِّدِّیقُونَۖ وَٱلشُّهَدَاۤءُ عِندَ رَبِّهِمۡ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ وَنُورُهُمۡۖ وَٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَكَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَاۤ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡجَحِیمِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق