الباحث القرآني

ثم قال عز وجل حاثًّا ومرغبًا على الإنفاق في سبيله فقال: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ﴾ [الحديد ١١] أي: أين الذين يقرضون الله قرضًا حسنًا، أي: ينفقون فيما أمرهم بالإنفاق فيه، وأشار الله في هذا إلى شيئين: الإخلاص والمتابعة، الإخلاص في قوله: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ﴾ يعني: لا يريد سوى الله عز وجل، والمتابعة في قوله: ﴿حَسَنًا﴾؛ لأن العمل الحسن ما كان موافقا للشريعة الإسلامية، وهذان -أعني الإخلاص والمتابعة- هما شرطان في كل عمل؛ أن يكون مخلصًا لله، وأن يكون متابعًا فيه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وصف الله تعالى الإنفاق في سبيله بالقرض تشبيهًا بالقرض الذي يقرضه الإنسان غيره؛ لأنك إذا أقرضت غيرك فإنك واثق من أنه سيرد عليك، هكذا أيضًا العمل الصالح سيرد على الإنسان بلا شك، ولهذا قال: ﴿فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾، المضاعفة هنا يعني الزيادة، وقد بيَّن الله تبارك وتعالى قدرها في سورة البقرة فقال: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [البقرة ٢٦١]، فأنت إذا أنفقت درهمًا فهو -أعني جزاءه- سبع مئة درهم ثوابًا من عند الله عز وجل، والله تعالى فضله أكثر من عدله وأوسع، ورحمته سبقت غضبه، إذن يضاعفه له إلى كم؟ إلى سبع مئة، بل إلى أكثر، كما جاء في الحديث[[متفق عليه؛ البخاري (٦٤٩١)، ومسلم (١٣١ / ٢٠٧) من حديث ابن عباس.]] إلى أضعاف كثيرة. ﴿وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾ أي: حسن واسع، وذلك فيما يجده في الجنة، ففيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب