الباحث القرآني

﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ ﴾ [الواقعة: ٢٤] أي: يجزون بهذا الثواب الجزيل، ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ أي: بعملهم أو بالذي كانوا يعملونه، فـ(ما) هنا يصح أن تكون مصدرية، ويصح أن تكون اسمًا موصولًا، الباء هنا للسببية، والباء في اللغة العربية وهي حرف جر معروف، لها معانٍ كثيرة حسب السياق، فمثلًا إذا قلت: بعتُ عليك ثوبًا بدينار، فالباء هنا للعِوَض؛ أي: هذا عِوَض هذا، فيكون الثمن مُكافئًا للمُثْمَن ولا فرق بينهما، وتأتي الباء للسببية كما في قوله تعالى: ﴿فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾ [الأعراف ٥٧]، فقوله: ﴿فَأَخْرَجْنَا بِهِ﴾ أي: بسببه. الباء هنا ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ هل هي للعوض أو للسببية؟ * طالب: عوض. * الشيخ: عوض؟ تعرف الفرق بينهما؟ العِوض معناها: أن الشيئين متكافئان، من يعرف؟ * طالب: الباء سببية هنا يا شيخ. * الشيخ: الباء للسببية؟ نعم، الباء للسببية ولا يصح أن تكون للعِوض؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ أَحَدٌ بِعَمَلِهِ» -أي: بعِوض- قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ» . إذن الباء في قوله: ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ أي: بسبب عملهم، وليس المعنى أنه عِوَض؛ لأن الله لو أراد أن يعوضنا لكانت نعمة واحدة تُحيط بجميع أعمالنا، أليس كذلك؟ ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا﴾ [النحل ١٨] لكن إن نعد أعمالنا أحصيناها فانتبه لهذا، ولذلك استشكل بعض العلماء كيف يقول الله عز وجل: ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: «لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ أَحَدٌ بِعَمَلِهِ». أجابوا عن ذلك بأن الباء في النفي باء العِوض، والباء في الإثبات باء السببية.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب