الباحث القرآني

﴿أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ ﴾ [الواقعة: ١١] المقرَّبون إلى مَنْ؟ إلى الله عز وجل، فهم في أعلى الجنان، وأعلى الجِنان أقرب إلى الرحمن عز وجل؛ لأن الفردوس وهو أعلى درجات الجنة فوقه عرش الله عز وجل فيكون قوله: ﴿الْمُقَرَّبُونَ﴾ أي: إلى مَنْ؟ إلى الله عز وجل، ﴿أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ إلى الله. ﴿فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ [الواقعة ١٢] فذكر منزلهم قبل ذكر منزلتهم، وكما يُقال: الجار قبل الدار، وكما قالت امرأة فرعون: ﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ﴾ أيش؟ ﴿عِنْدَكَ﴾ بدأت بالجوار ﴿بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ﴾ [التحريم ١١]، وهنا قال: ﴿أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ قبل أن يبدأ بذكر الثواب؛ لأن قُرْبهم من الله عز وجل فوق كل شيء جعلنا الله وإياكم منهم. ﴿أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ أي: في هذا المقر العظيم، الذي فيه ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وأضاف الجنات إلى النعيم؛ لأن ساكنها مُنَعَّم في بدنه، مُنعَّم في قلبه، كما قال عز وجل في سورة الإنسان: ﴿إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (١٠) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا﴾ [الإنسان ١٠، ١١] نضرة في الوجوه، وسرورًا في القلوب فهم في نعيم، جنات النعيم، نعيم البدن أو نعيم القلب أو هما؟ هما، نعيم البدن ونعيم القلب. ﴿يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا﴾ [الحج ٢٣]، ﴿وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ﴾ [الإنسان ٢١] هذا من نعيم البدن ﴿وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا﴾ [الإنسان ١٧]، ﴿كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا﴾ [الإنسان ٥]. هذا من نعيم البدن أيضًا. لهم فيها ما تشتهي أنفسهم ولهم فيها ما يدعون هذا من نعيم البدن، إلى غير ذلك مما ذكر الله عز وجل من النعيم في الجنة، لو لم يكن فيها إلا أن الإنسان يُخَلَّد فيها لا يموت، ويصح؛ فلا يسقم، ويشب؛ يكون شابًّا دائمًا فلا يهرم، وفوق ذلك كله النظر إلى وجه الله عز وجل، كما قال الله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس ٢٦] يعني فوق الحسنى، «فسَّر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الزيادة بأنها النظر إلى وَجْه الله» . اللهم اجعلنا ممن ينظرون إليك في جنات النعيم. ﴿أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ﴾ [الواقعة ١١ - ١٤].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب