الباحث القرآني

ثم ذكر جزاء أهل الجنة فقال: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ [الرحمن ٤٦] يعني: أن من خاف مقام الله بين يدي الله يوم القيامة فإن له جنتين، هذا الخوف يستلزم شيئين: الشيء الأول: الإيمان بلقاء الله عز وجل؛ لأن الإنسان لا يخاف من شيء إلا وقد تيقَّنه. والثاني: أن يتجنب محارم الله، وأن يقوم بما أوجب الله خوفًا من عقاب الله تعالى، فعليه يلزم كل إنسان أن يؤمن بلقاء الله عز وجل؛ لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ﴾ [الانشقاق ٦]، وقال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة ٢٢٣]، فمن خاف هذا المقام بين يدي الله عز وجل فله جنتان. ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [الرحمن ٤٧] سبق الكلام عليها. ﴿ذَوَاتَا أَفْنَانٍ﴾ [الرحمن ٤٨] أي: صاحبتا أفنان، والأفنان: جمع (فَنَن) وهو الغُصن؛ أي: أنهما مشتملتان على أشجارٍ عظيمة، ذواتي أغصانٍ كثيرة، وهذه الأغصان كلها تبهج الناظرين، وفيها من كل فاكهة زوجان. قال: ﴿فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ﴾ [الرحمن ٥٠] ﴿فِيهِمَا﴾ -أي: الجنتين- ﴿عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ﴾، وقد ذكر الله تعالى أن في الجنة أنهارًا من أربعة أصناف، فقال جل وعلا: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى﴾ [محمد ١٥] والعينان اللتان تجريان يظهر -والله أعلم- أنهما سوى هذه الأنهار الأربعة. وقوله: ﴿فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ﴾ [الرحمن ٥٢]؛ أي: في هاتين الجنتين ﴿مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ﴾ والفاكهة: كل ما يتفكَّه الإنسان به مذاقًا ونظرًا وشمًّا، فيشمل أنواع الفاكهة الموجودة في الدنيا، وربما يكون هناك فواكه أخرى ليس لها نظيرٌ في الدنيا. ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [الرحمن ٥٣].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب