الباحث القرآني

بسم الله الرحمن الرحيم يقول الله عز وجل: ﴿الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ [الرحمن ١ - ٤] ﴿الرَّحْمَنُ﴾ مبتدأ، وجملة ﴿عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾ خبر، ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ﴾ خبر ثانٍ، ﴿عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ خبرٌ ثالث، يعني: أن هذا الرب العظيم الذي سمى نفسه بالرحمن تفضَّل على عباده بهذه النعم، والرحمن هو ذو الرحمة الواسعة التي وسعت كل شيء كما قال الله تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف ١٥٦]. وابتدأ هذه السورة بـ﴿الرَّحْمَنُ﴾ عنوانًا على أن ما بعده كله من رحمة الله تعالى، ومن نِعَمِه ﴿عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾ علمه مَنْ؟! علمه جبريل؟! علمه محمدًا؟! علمه الإنسان؟! الجواب: علَّمَه من شاء من عباده، فعلَّمه جبريل أولًا، ثم نزل به جبريل على قلْب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثانيًا، ثم بلغه محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثالثًا إلى جميع الناس، والقرآن هو هذا الكتاب العزيز الذي أنزله الله تعالى باللغة العربية، كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الزخرف ٣]، وقال تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء ١٩٣ - ١٩٥] وتعليم القرآن يشمل تعليم لفظه، وتعليم معناه، وتعليم كيف العمل به؟ فهو يشمل ثلاثة أشياء. ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ﴾ والمراد الجنس، فيشمل آدم وذريته؛ أي: أوجده من العدم، فالإنسان كان معدومًا قبل وجوده، قبل خَلْقه، قال الله عز وجل: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾ [الإنسان ١]؛ يعني أتى عليه حينٌ من الدهر قبل أن يوجد وليس شيئًا مذكورًا، ولا يعلم عنه، وبدأ الله تعالى بتعليم القرآن قبل خلق الإنسان إشارة إلى أن نعمة الله علينا بتعليم القرآن أشد وأبلغ من نعمته بخلق الإنسان، وإلا من المعلوم أن خلق الإنسان سابقٌ على تعليم القرآن، لكن لما كان تعليم القرآن أعظم منةً من الله عز وجل على العبد قدَّمه على خلقه. ﴿عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ علَّم مَنْ؟ علَّم الإنسان، ﴿الْبَيَانَ﴾ أي: ما يبين به عما في قلبه، و﴿عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ أيضًا ما يستبين به عند المخاطبة، فهنا بيانانِ؛ البيان الأول: مِن المتكلم، والبيان الثاني: من المخاطَب، البيان من المتكلم؛ يعني التعبير عما في قلبه، يكون باللسان نُطقًا، ويكون بالبنان كتابةً، عندما يكون في قلبك شيء تريد أن تُخبِر به، تارةً تُخبر به بالنطق، وتارةً بالكتابة، كلاهما داخل في قوله: ﴿عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾. أيضًا ﴿عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ كيف يستبين الشيء؟ وذلك بالنسبة للمخاطب أن الإنسان يعلم ويعرف ما يقول صاحبه، ولو شاء الله تعالى لأسمع المخاطب الصوت دون أن يفهم المعنى، أليس كذلك؟ إذن البيان سواء من المتكلم أو من المخاطب كلاهما مِنَّة من الله عز وجل، كم نعمة هذه؟ ﴿عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ ثلاث.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب