الباحث القرآني

﴿وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ﴾ [الرحمن: ٢٤]. ﴿وَلَهُ﴾ أي: لله عز وجل مُلكًا وتدبيرًا وتيسيرًا. ﴿الْجَوَارِ﴾ بحذف الياء للتخفيف، وأصلها: الجواري جمع جارية، وهي السفينة تجري في البحر، كما قال الله عز وجل: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ﴾ [لقمان ٣١]. ﴿الْمُنْشَآتُ﴾ أي: التي أنشأها صانعوها ليسيروا عليها في البحر، وقوله: ﴿فِي الْبَحْرِ﴾ متعلق بـ﴿الْجَوَارِ﴾، أي: الجواري في البحر، وليست فيما يظهر متعلقة بالمنشآت -يعني: الجواري التي تُنشَأ في البحر- لأن السفن تُصنع في البر أولًا، ثم تُنَزَّل في البحر. وقوله: ﴿كَالْأَعْلَامِ﴾ تشبيه، والأعلام جمع (عَلَم)، وهو الجبل، كما قال الشاعر: ؎وَإِنَّ صَخْرًا لَتَأْتَمُّ الْهُدَاةُ بِهِ ∗∗∗ كَأَنَّهُ عَلَمٌ فِي رَأْسِهِ نَارُ أي: كأنه جبل، ومن شاهد السفن في البحار رأى أن هذا التشبيه منطبقٌ تمامًا عليها، فهي كالجبال تسير في البحر بأمر الله عز وجل، وإنما نص الله عليها؛ لأنها تحمل الأرزاق من جانب إلى جانب، ولولا أن الله تعالى يسَّرها لكان في ذلك فواتح خير كثير للبلاد التي تُنقَل منها والبلاد التي تُنقَل إليها. في هذا العصر جعل الله تبارك وتعالى جواري أخرى لكنها تجري في الجو كما تجري هذه في البحر، وهي الطائرات، فهي مِنَّة مَنَّ الله عز وجل كمِنَّتِه على عباده في جواري البحار، بل ربما نقول: إن السيارات أيضًا من جواري البر، فتكون الجواري ثلاثة أصناف: بحرية، وبرية، وجوية، وكلها من نِعَم الله عز وجل؛ ولهذا قال: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [الرحمن ٢٥] أي: بأي نعمة من نِعَم الله تُكَذِّبان، والخطاب للإنس والجن.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب