الباحث القرآني

﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ﴾ [الرحمن: ٢٢] ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا﴾ أي: من البحرين العذْب والمالح ﴿اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ﴾ وهو قِطَعٌ من اللؤلؤ أحمر جميل الشكل واللون، مع أنها مياه. وقوله تعالى: ﴿مِنْهُمَا﴾ أضاف الخروج إلى البحرين؛ العذب والمالح، وقد قيل: إن اللؤلؤ لا يخرج إلا من المالح، ولا يخرج من العذب، والذين قالوا بهذا اضطربوا في معنى الآية: كيف يقول الله: ﴿مِنْهُمَا﴾ وهو من أحدهما؟ فأجابوا: بأن هذا من باب التغليب، أتعرفون التغليب؟ أن يغلب أحد الجانبين على الآخر مثلما يقال: العُمَرَان لأبي بكر وعمر، ويقال: القَمَران للشمس والقمر، فهذا من باب التغليب، فـ﴿مِنْهُمَا﴾ المراد واحد منهما. وقال بعضهم: بل هذا على حذف مضاف، والتقدير ﴿مِنْهُمَا﴾ أي: من أحدهما. عندنا إذن قولان: إما أنه من باب التغليب، وإما أنه من باب حذف المضاف، والتقدير: يخرج من أحدهما. هناك قولٌ ثالث: أن تبقى الآية على ظاهرها، لا تغليب ولا حذف، ويقول: ﴿مِنْهُمَا﴾ أي: منهما جميعًا اللؤلؤ والمرجان، وإن امتاز المالح بأنه أكثر وأطيب. فأي هذه الأقوال الثلاثة نأخذ؟ فبأيها نأخذ؟ نأخذ بما يوافق ظاهر القرآن، وهذه قاعدة يجب أن تفهموها، أن نأخذ بما يوافق الظاهر، فالله عز وجل يقول: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا﴾ فمن خالقهما وهو يعلم ماذا يخرج منهما؟ فإذا كانت الآية ظاهرها أن اللؤلؤ والمرجان يخرج منهما جميعًا وجب الأخذ بظاهرها، لكن لا شك أن المالح أكثر وأطيب، لكن لا يمنع أن نقول بظاهر الآية، بل يتعين أن نقول بظاهر الآية، وهذه قاعدة خذوها في القرآن والسنة: أننا نحمل الشيء على ظاهره ولا نؤول، اللهم إلا لضرورة إذا كان هناك ضرورة لا بد أن نتمشى على ما تقتضيه الضرورة، أما بدون ضرورة فيجب أن نحمل القرآن والسنة على ظاهرهما. ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [الرحمن ٢٣] تكملة للآية؟ لأن ما في هذه البحار، وما يحصل من المنافع العظيمة فيهما نِعَمٌ كثيرة لا يمكن للإنسان أن ينكرها أبدًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب