الباحث القرآني

ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ﴾ [الرحمن ١٩] ﴿مَرَجَ﴾ بمعنى: أرسل، ﴿الْبَحْرَيْنِ﴾ يعني: المالح والعذب، ﴿يَلْتَقِيَانِ﴾ يلتقي بعضهما ببعض، البحر المالح، هذه البحار العظيمة: البحر الأحمر، البحر الأبيض، البحر الأطلسي، البحار هذه كلها مالحة؛ وجعلها الله تبارك تعالى مالحات؛ لأنها لو كانت عذبة لفسد الهواء وأنتن، لكن الملح يمنع الإنتان والفساد، البحر الآخر البحر العذب وهو الأنهار، الأنهار التي تأتي إما من كثرة الأمطار، وإما من ثلوجٍ تذوب وتسيح في الأرض، المهم أن الله سبحانه وتعالى أرسلهما بحكمته وقدرته، حيث شاء الله عز وجل. ﴿يَلْتَقِيَانِ﴾ أي: يلتقي بعضهما ببعض، متى؟ عند مصب النهر في البحر، يلتقيان فيمتزج بعضهما ببعض، لكن حين سيرهما أو حين انفرادهما يقول الله عز وجل: ﴿بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ﴾ وهو اليابس من الأرض، ﴿لَا يَبْغِيَانِ﴾ [الرحمن ٢٠] أي: لا يبغي أحدهم على الآخر، ولو شاء الله تعالى لسلَّط البحار ولفاضت على الأرض وأغرقت الأرض؛ لأن البحر الآن عندما تقف على الساحل هل تجد جدارًا يمنع انسيابه إلى اليابس؟ لا تجد، مع أن الأرض كروية، ومع ذلك لا يسيح البحر لا هاهنا ولا هاهنا بقدرة الله عز وجل، ولو شاء الله سبحانه وتعالى لساحت مياه البحار على اليابس من الأرض ودمرتها. إذن البرزخ الذي بينهما هو اليابس من الأرض، هذا قول علماء الجغرافيا، ولا يؤمنون بقول آخر. وقال بعض أهل العلم: بل البرزخ أمرٌ معنوي يحول بين المالح والعذْب أن يختلط بعضهما ببعض. وقالوا: إنه يُوجَد الآن في عُمْق البحار عيونٌ عذبة تنبع من الأرض، عيونٌ عذبة حتى إن الغوَّاصين يغوصون إليها ويشربون منها كأعذب ماء، ومع ذلك لا تفسدها مياه البحار، فإذا ثبت هذا فلا مانع من أن نقول بقول علماء الجغرافيا وقول علماء التفسير، والله على كل شيء قدير.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب