الباحث القرآني

ثم قال عز وجل: ﴿وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ﴾ [الرحمن ١٠] يعي: أن من نِعَم الله عز وجل أن الله وضع الأرض للأنام، أي: للخلق. ﴿فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ (١١) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (١٢) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [الرحمن ١١ - ١٣]، وضع الله الأرض للأنام، أي: أنزلها بالنسبة للسماء، والأنام هم الخلق، مثل الملكين اللَّذَين عن اليمين وعن الشمال قعيد، والملائكة الذين يحفظون من أمر الله المعقبات، والملائكة التي تنزل في ليلة القدر، وغير ذلك. ﴿فِيهَا فَاكِهَةٌ﴾ أي: في الأرض فاكهة، أي: ثمار يتفكَّه بها الناس، وأنواع الفاكهة كثيرة كالعنب والرمان والتفاح والبرتقال وغيرها. ﴿وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ﴾ نص على النخل؛ لأن ثمرتها أفضل الثمار، فهي حلوى وغذاء وفاكهة، وشجرتها من أبرك الأشجار وأنفعها، حتى إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم شبَّهَ المؤمن بالنخلة، بل شبهها -أي النخلة- بالمؤمن فقال: «إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً مَثَلُهَا مَثَلُ الْمُؤْمِنِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٢٠٩)، ومسلم (٢٨١١ / ٦٤) من حديث عبد الله بن عمر.]]. فخاضَ الصحابة في الشجر حتى أخبرهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنها النخلة. وقوله: ﴿ذَاتُ الْأَكْمَامِ﴾ جمع (كِم)، وهو غلاف الثمرة، فإن ثمرة النخل أول ما تخرج يكون عليها (كِمٌّ) قوي، ثم تنمو في ذلك الكم حتى يتفطر وتخرج الثمرة. ﴿وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ﴾ [الرحمن١٢] الْحَبُّ: يعني الذي يُؤكل من الحنطة والذرة والدخن والرز وغير ذلك. وقوله: ﴿ذُو الْعَصْفِ﴾ أي: ما يحصل من ساقه عند يبسه وهو ما يعرف بالتبن؛ لأنه يُعصف، أي: تطؤه البهائم بأقدامها حتى ينعصف. ﴿وَالرَّيْحَانُ﴾ هذا الشجر ذو الرائحة الطيبة، فذكر الله في الأرض الفواكه والنخل والْحَب والريحان؛ لأن كل واحد من هذه الأربع له اختصاص يختص به، وكل ذلك من أجل مصلحة العباد ومنفعتهم. ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ الخطاب للجن والإنس، والاستفهام للإنكار، أي: أي نعمة تكذبون بها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب